صحيفة المثقف

المفهوم الحقيقي للإنفاق

عقيل العبودالإنفاق هو ان تبذل حقيقتك الجزئية (الفردية) من اجل تحقيق المنفعة الكلية- المعنى انك مخلوق مادي لمنفعة لا مادية، والنشاط الذي تبذله يحقق وجودك المعنوي في الوجود (الوسط) المادي، الذي هو العالم. 

فالرقم واحد يتفاعل مع الرقم تسعة، لينتج الرقم عشرة. والمنفعة هنا هو الحاجة (المنفعة اللامادية) للرقم عشرة. هي التي جعلتك تبحث عن الرقم تسعة لتتفاعل معه، املا بالوصول الى الرقم عشرة.

إذن ليس الإنفاق مسألة متعلقة بالمال فقط، كما يظن البعض، بل هو أمر له علاقة بالوقت، والجهد، والضمير- والحاجة الحقيقية لتحقيق المبتغى لم تأت الا بإدراك معنى وشروط واصول هذه الحاجة.

والوقت هذا له علاقة بنشاط الإنسان، أي الجهد المبذول لقاء غاية معينة، اوبغية تحقيق ما يسمى بالتوازن النفسي(الإطمئنان).

فعلى سبيل المثال يقال ان فلانا نذر نفسه للعلم، وهذا معناه انه أمضى وقته في التعلم من اجل العلم.

والتعلم هو موضوع شامل يتضمن مجموعة اختصاصات (موضوعات) علمية، هذه الإختصاصات تعلمها يتطلب وقتا، وجهدا، وإدراكا لمعنى التحقّق (الوصول الى المنفعة العلمية). 

والمعادلة أعلاه بحسب الرسم البياني هي

 الوقت+ الجهد = التعلم.

 فالتلميذ عندما يدرس ليتخرج،  يكون قد أمضى شوطا من حياته لتحقيق المبتغى.

والمبتغى هو الإنجاز وهو امر مادي، اومعنوي.

فنجاح الطبيب في اجراء عملية جراحية هو امر معنوي، يليه امر مادي وهو حياة الإنسان الذي تم اجراء العملية له، حيث ان هذا معناه المساهمة في منح الحياة لمن يستحق الحياة، وهو الإنسان هنا بحسب المعنى المطلوب. 

 ومثل ذلك الإشتغال في تأليف جهد معرفي، هو امر معنوي، كتأليف كتاب مثلا. ونشر الكتاب هو مسالة مادية، بها يتاح المجال لكي تعم الفائدة للقراء، وتلك مصلحة عليا، بها يتم نشر الوعي في المجتمعات.

والملخص ان من أنفق حياته اي جهده البدني والعقلي، للعلم، والفضيلة، وتحقيق ما يحتاجه الناس، هو صاحب الإنفاق الحقيقي لا غيره، اما من اضاع وقته لأجل مصالحة الدنيا، فما هو الا من أهل الخسارة والخذلان، كونه لم يفهم معنى وجوده المادي في هذه الدنيا.

 

عقيل العبود

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم