صحيفة المثقف

انتخاب ملكات الجمال إساءة لحقيقة الجمال

عقيل العبودذات يوم قرأت بيتا شعريا يقول (ليس الجمال بأثواب تزيننا ان الجمال جمال العلم والأدب)، اوربما جمال العقل والأدب.

المعنى ان الشكل ليس الا صورة ظاهرية، وليس صورة حقيقيّة للجمال، حيث ان الجمال انعكاس للعقل وللمشاعر، وليس للصورة التي تؤطرها الهيئة الطاهرية كالملبس، اوالملامح، اوالطول والقصر، ذلك بإعتبار ان الحقيقة الجوهرية لموضوع الجمال، منبعها الحس والمشاعر وليس العين.

فالأعمى العارف يتذوق الموسيقي وكذلك الصوت الجميل والملمس الجميل، ببصيرته وذائقته الرفيعة، وبعكسه الجاهل المتهور يتذوق الشكل الذي يوصف بالجمال بشهوته وغريزته. 

وظاهرة انتخاب ملكات الجمال، يعود الى اتخاذ القالب الشكلي كمقياس، بينما يتم تناسي حقيقة الذات الخاصة بالموضوع، الذي يقاس بالعقل، والقلب والوجدان.

فمثلا عندما تجالس عارضة أزياء جميلة المظهر مدة من الزمان،  وتكتشف بعد حين انها فارغة لا تفهم من الحياة الا هذه المحاسن الظاهرية التي تمتلكها، وكذلك ايضا عندما تحاط علما بأنانيتها وكراهيتها للآخرين، ماذا سيحصل لديك، هل ستبقى مصرا على انها ملكة للجمال، ام سيتغير رأيك ومشاعرك وإحساسك؟

هنا أود الإشارة الى ان الفلسفة اليونانية تناولت مقولة الجمال على اساس ارتباطها بالفضيلة والحكمة والفن والموسيقى والبطولة والتضحية. وتم تروية وتثقيف الذائقة العامة للمجتمع اليوناني بأساطير اورفيوس وبروميثيوس وملاحم اودسيوس وهوميروس، وهذا يعد من الأمور التي تبني الرقي الحضاري للمجتمع باعتبار ان هذا الرقي مفهوم حسي اخلاقي معرفي قائم على الذائقة والعقل المتنور.

بينما بعكسه يتم التعامل مع ترويج الشكل والمعنى السطحي القائم على اساس تدليس المظهر كضرب من ضروب التشويه والتقبيح لحقيقة هذه المقولة المقدسة التي اسمها الجمال.

 

عقيل العبود

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم