صحيفة المثقف

أحلام حراك السترات الصفراء الثوري

حسن زايدالسترات الصفراء مصطلح جري إطلاقه علي تلك السترات ذات الألوان الصفراء التي عادة ما يستخدمها عمال القطاعات الخدمية والدفاع المدني بقصد حمايتهم أثناء العمل الليلي. وهي سترات بطبيعتها محدودةالإستخدام، ولا يتم تداولها في مصر سوي في محلات الأمن الصناعي .

وقد استخدمت السترات االصفراء شعاراً للمظاهرات التي تفجرت في باريس بعيد القرارات الإقتصادية التي اتخذها الرئيس الفرنسي، ومع مرور الوقت كانت رمزاً لنقاط التجمع للمتظاهرين، وأطلق الإعلام الغربي علي هذه المظاهرات مظاهرات ذوي السترات الصفراء، وتم تداولها، والإشارة إليها في التحليلات والمقالات وعناوين الصحف والمجلات ونشرات الأخبار بهذا الإسم، فاتخذت االمظاهرات واسمها هذا الزخم القوي إعلامياً وسياسياً إلي حد انتقال عدوي المظاهرات إلي بلجيكا بهذا الإسم .

وهنا التقط أحد الخبثاء من الصحفيين المغمورين المصريين، أو مدعي العمل الصحفي، طرف الخيط، وأطلق لمزاعمه العنان، وفبرك تحقيقاً صحفياً مؤداه مقابلات مع بعض التجار، وقد جمع أقوالاً لبعض نشطاء مواقع التواصل الإجتماعي،  ومفاد هذا التحقيق  قيام الدولة المصرية بمنع بيع السترات الصفراء .

وساق في تعليل ذلك أسباباً ساذجة، بل ومضحكة في آن معاً، وكان من أهمها خشية انتقال عدوي الإحتجاجات االفرنسية  إلي أراضيها بعدما انطلقت في فرنسا، وتوشك أن تنتقل إلي دول أوروبية أخري كبلجيكا وهولندا . وكشف عدد من البائعين أن السلطات ما طلبت ذلك إلا خوفاً من اندلاع المظاهرات المشابهة لما هو جاري في باريس . خاصة مع اقتراب ذكري مظاهرات 25 يناير 2011 م .

وقال بعض  التجاار أنهم قاموا بالتوقيع علي إقرارات بعدم البيع، وبأن من يبيع منهم سوف تحدث له مشاكل كبيرة . وأن المنع ممتد إلي ما بعد 25 يناير . ورفض أحد التجار البيع قائلاً بأن البضاعة الموجودة للعرض فقط . وذكر عامل أن البيع ممكن للشركات بأوامر توريد . وكلها مصادر مجهولة .

وهكذا استمر الصحفي الخبيث في سرد أقوال مرسلة ليدعم كلامه المزعوم عن قيام السلطات المصرية بمنع بيع السترات الصفراء . وفي الطرف الآخر كان هناك من ينتظر مثل هذا الكلام، ليأخذه بأي ثمن لنشره . إنها وكالات الأنباء الأجنبية المأجورة، التي  قبضت ثمن هذا الكلام مقدماً، وهي معروفة ودأبت علي مثل هذا الكلام المفبرك واعتادت علي نشره، بعد قبض الثمن، دون اعتبار للمصداقية والحيادية والمهنية في العمل . ومنها رويتر، وأسوشيتد برس وغيرهما .

فقد أخذت وكالات الأنباء هذه الترهات، ووضعتها في صدر صفحاتها، وأخذت تنسج علي منوالها كلام لا معني له، بل إن هذه الفبركات اكتسبت أهمية أكثر مما لاقاه الحدث الأكبر في فرنسا ذاتها، علي نحو يدعو للخجل والتخاذل .

وبالطبع تتحرك كتائب الإخوان الإلكترونية، وقنواتها التلفزيونية، وجرائدها ومجلاتها الورقية للعزف علي تلك النوتة علها تجبر الغرب علي سماع أصواتها النشاز تحت زخم وتيرة الإلحاح المستمر، التي هي أشبه بنعيق البوم والغربان في الأرض الخراب ، وهذا دأبهم وديدنهم .

والقصة من بدايتها لا تقدم ولا تؤخر ولا تراوح مكانها في الشارع المصري، لأن المصريين قد  اعتادوا رؤية تلك السترات الصفراء قبل وأثناء وبعد الأحداث الفرنسية دون أن تحرك لديهم ساكناً أو تسكن متحركاً . والدس بهذه الرموز المغموسة بالخبث في الشارع المصري لن تنطلي عليه لأن أوراق اللعب قد انكشفت جميعها أمام هذا الشعب الذكي صاحب الحضارة الضاربة بجذورها في أطناب التاريخ، ولن يلدغ من ذات الجحر مرتين . ومن ثم فإن النظام المصري ليس في حاجة إلي منع بيع السترات الصفراء للحيلولة بين الشعب وبين التظاهر . وهي موجودة في الشارع المصري .

كما أنه ليس عيباً أن يمنع النظام المصري بيعها بحال من الأحوال لو مثلت خطراً علي الأمن القومي والإستقرار المجتمعي، فمن العيب والخطأ الإمتناع عن منعها، ومن باب التقصير في حماية المجتمع والحفاظ علي أمنه واستقراره . وهذا من أولي أولويات النظام السياسي في أي بلد من بلاد العالم، حتي في أعتي الدول ديمقراطية علي ظهر البسيطة .

 

حسن زايد

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم