صحيفة المثقف

آلاف الجزائريين يهجرون دينهم أو يلحدون

علجية عيشحمّل مختصون في العقيدة ومقارنة الأديان في اختتام الدورة التكوينية الرابعة لمواجهة لتنصير في الجزائر نواب البرلمان الجزائري كل المسؤولية في خروج الشباب عن الدين، فمنهم من اعتنق المسيحية، وآخرون اعلنوا إلحادهم، وهذا بسبب ضعف التكوين الديني والعمل الدعوي، غياب دور المساجد، وضعف المواجهة الإعلامية، وطالب المختصون من نواب البرلمان تحيين وتفعيل قانون ممارسة الشعائر الديني لغير المسلمين والذي مازال مجمدا إلى اليوم، ورد المتدخلون على المتشددين الذين يهاجمون دعاة التنوير والحداثيين، وقالوا أنه لا مشكلة من أن يفك هؤلاء القرآن ويدرسونه ، طالما الإسلام دين منفتح ويتعايش مع الآخر وحتى أن لا نبقى متحجرين جامدين

كثير من الجزائريين الذين خرجوا عن عقيدتهم وظلوا بلا دين، هو التقرير الذي رفعه مختصون في العقيدة ومقارنة الأديان من أساتذة و طلبة يحضرون شهادة الدكتوراء بجامعة الأمير عبد القادر للعلوم الإسلامية، في اليوم الثاني والأخير من الدورة التكوينية الرابعة حول مواجهة التنصير في الجزائر، حيث أجروا تحقيقا ميدانيا، حول نسبة التنصيسر في الجزائر واسباب تطور الظاهرة وانتشارها وسبل مواجهتها والرد كذلك على المنصرين وجدالاتهم، في المجموعات المغلقة التي ينشطها كبار المنصرين وما يسعون إليه من خلال غرف الدردشات خاصة المجموعات المغلقة التي ينشطها كبار المنصرين، مع ذكر أهم افصذدارات التي تتحدث عن المسيحية لاسيما قضية ألوهية المسيح، وما يقدمه المنصرون للشباب المسلم من إغراءات لإخراجهم عن دينهم، فعادة ما يحرف المنصرون الكلام ويلفقونه وتحليل القرآن بما لا يحتمل، وهذه شبهات قديمة جددت من خلال كتابات جديدة، حيث يلجأون إلى أسلوب التدليس ويستدلون اقوالهم بأن القرآن يحترم الإنجيل والتوراة، وأصبح بعض المسلمين يعتمدون على الإنجيل للبحث عما لم يجدوه في القرآن، وهو ما اشارت إليه الدكتورة صليحة بوالبردعة، كما يستعنل المنصرون منهجا خاصا في افستدلال بالقرآن على ألوهية المسيح، ومنهم القُمَّصْ ابراهيم لوقا، والذي اتخذه محمد لمين إبراقن نموذجا، فقد استعمل هذا القمص منهجا خاصا في ذلك وهو تفسير القرآن بالإنجيل، معتمدا في ذلك على أقوال المفسرين ومنهم الرازي، خاصة ما تعلق بمسألة الروح والأقوال التي اختلفت حولها، وربطها بعقيدة الصلب التي حدثت جدالات كثيرة حولها.

و قد رفض باحثون الخوض في قضية التنصير من جانبها الفقهي مثلما ذهبت إليه الدكتورة نعيمة دريس، أو طرح سؤال لماذا يرتد المسلم؟، وترى المحاضرة أن سبب الردّة ليس مادي، لأن المال حيزه ضيق والمرتد إذا تجاوز المشكل المادي يعود إلى دينه، ولكن المشكل هو غياب القناعة في الدين، كون الشباب المسلم انفتح على أفكار وخطابات ونظريات جديدة ولا يمكن فرض عليه طريقة تفكير ما، الأرقام التي كشفتها الباحثة من خلال تحقيقها الميداني أن 70 جزائريا أعلنوا إلحادهم، وهؤلاء ليسوا من منطقة القبائل لتوضح أن ما يروج عن سكان هذا المنطقة عن نسبة الإلحاد مجرد إشاعات، المشكل حسبها يكمن في أن هناك نصوصا قرآنية لم تشرح بعد، وأن الأمر يحتاج إلى خطاب ديني جديد، لأن طرق التبشير تطورت، والمسلمون ظلوا على طريقتهم الكلاسيكية، ما سمح لتوغل الفكر التبشيري في الجزائر، في ظل ضعف الرقابة وانعدماها أحيانا، لأن جل النشاطات سرية وتتم داخل المنازل ومن الصعوبة بمكان مراقبتها، والأخطر من ذلك أن المذاهب الدينية همشت الإنسان وجردته من الإيمان بالله، لأت عنصر الحوار غائب عند علماء المسلمين ودعاتهم عكس المنصرين ، فالحوار عند المسيحيين هو إنجيلية جديدة كما أن أسلوب دعوتهم مختلف عن الدعوة التي يمارسها الدعاة المسلمين، تقول الدكتورة نعيمة دريس أن المسيحيون اليوم قلقون من هجرات المسلمين إلى بلادهم، لأنهم يشكلون نسيجا غير منسجم ما يجعلهم يخافون على دينهم، ثم أن بناء المساجد في الدول العلمانية اضحى يثير توف العلمانيين، ما دفعهم إلى مطالبة الحكومة بتوقيف الهجرة.

 بالمقابل ترى الباحثة أن بناء كنائس في الدول الإسلامية لا يشكل حرجا إن كان المسلمون متشبعين بالقيم الدينية والعادات والتقاليد، ولهذا فمسالة الدعوة والتبشير تطرح جدلا كبيرا وتحتاج إلى مراجعة، وهذا متوقف على كفاءة الداعية، للرد على التحديات الراهنة ونقده للدراسات اللاهوتيىة على ان يبتعد عن الفتاوى المتطرفة التي تنفر وتكفر، لأن مداخل الفتنة والإغراء بكل أنواعه لا تعد ولا تحصى، حول المداخل الإسلامية فقد تحدث لاهوتيون ومنهم  اليسوعي هنري لامنس من خلال كتابه عقائد ونظم، تقول الدكتورة ربيعة قريدي في ورقتها أن هذا الراهب البلجيكي وهو مستشرق تعلم اللغة العربية قراءة وكتابة، اصدر 127 كتاب باللغة العربية كلها تتحدث في السيرة النبوية والخلافة الأموية، وهوة من أشد المتطرفين وحقده على الإسلام وكرهه للمسلمين ، وجل كتاباته تفتقر للأمانة والنزاهة ، خاصة كتابه "" فاطمة وبنات محمد".

أما الدكتورة آسيا دقيش فقد كشفت أن 10 آلاف جزائري اعتنقوا المسيحية في السنوات الأخيرة، وهذا رقم يجعل السلطات العليا تدق ناقوس الخطر، خاصة وزارة الشؤون الدينية والأوقاف، ولم تنفع جهود المفكرين الجزائريين وكذلك الزوايا في مواجهة حملات التنصير، سواء الطريقة الرحمانية ، الدرقاوية أو القادرية، وحتى جمعية العلماء المسلمين أمام الزحف المسيحي ، واعتبرت المتحدثة أن اللوبي الفرانكفوني العلماني الذي يشكل امتداد للفكر الإنجيلي وراء خروج الشباب المسلك عن دينه، كما أن هناك اسباب اخرى مثل ضعف التكوين الديني، ضعف العمل الدعوي في الجزائر، غياب دور المساجد، وضعف المواجهة الإعلامية ، وحمّل المحاضرون نواب البرلمان المسؤولية في صمتهم وإهمالهم القضايا التي تهدد مصير الشباب الجزائري، رغم وجود قانون ممارسة الشعائر الدينية لغير المسلمين الذي صدر في 2006، لكنه مغيب وغير مطبق في أرض الواقع، وبدلا من ان يناقش نواب البرلمان الجزائري القضايا التي تهدد الأمة الإسلامية فهم يتقاتلون من أجل الكراسي والمسؤولية، وطالبوا النواب تحيين القانون وتفعيله في الميدان.

 إذاعات دولية تبث برامجها المسيحية باللغتين العربية والأمازيغية

 وقد اعتبر المختصون قضية التنصير مسألة تتعلق بالأمن القومي ولا يمكن في حال من الأحوال التسامح معها، وقد هاجم دعاة مواجهة التنصير في الجزائر البرامج التلفزيونية التنصيرية الموجهة للأطفال كونها الشريحة الأكثر تأثرا، خاصة ما تبثه قناة الحياة عن طريق الرسوم المتحركة، وقناة سات7، وهي تعرض برامج جماهيرية تستقطب كثير من المسلمين الغالبية منهم جزائريين، وهذا راجع إلى استقالة الدولة عن مهامهما الثقافية وتردي الأوضاع الإجتماعية والإقتصادية في الجزائر، وقال محققون أجروا لقاءات مع جزائريين اعتنقوا الديانة المسيحية عبر السكايب، أن الأمة الجزائرية مهددة في دينها، وقد كانت لأحد الباحثين من جامعة الأمير عبد القادر للعلوم الإسلامية أنه أجرى سبر آراء حول طلبة جامعيين تنصّروا وآخرون تحوّلوا إلى ملحدين، وقد دردش مع مسيحي مبشر كان قد وجه تعليمات لجزائريين حول كيفية اعتناق المسيحية، ووقف على حقيقة تنكر العشرات منهم لدينهم واتباعهم طريق الإنجيليين، وقال له المسيحي المبشر أن الجزائري بدخوله المسيحية، وهو يردد مخاطبا اليسوع عبارة "يا رب أنا أشكرك لأنك حرّرتني" قد تحول إلى إنسان جديد، والمبشرون يطرحون شبهات عن الإسلام ومصادره من أجل إخراج المسلم عن دينه فمثلا قولهم أن القرآن مأخوذ من الكتب السماوية الأخرى، وقد ساهم الإعلام كوسيلة من وسائل التنصير الحديثة في نشر الدين المسيحي من خلال الإذاعات الموةجهة للعالم الإسلامي، حيث يعتمد المبشرون على برامج الأطفال التلفزيونية في دعواتهم التبشرية، خاصة ما تبثه قناة الحياة عن طريق الرسوم المتحركة، بتمويل من الولايات المتحدة الأمريكية، كذلك قناة "سات7" SAT7 المموّلة من طرف المنظمة الإنجيلية العالمية، وهي أول قناة عربية مسيحية موجهة لمسيحي شمال أفريقيا والشرق الأوسط، تعرض برامج جماهيرية تستقطب كثير من المسلمين الغالبية منهم جزائريين، الذين انخرطوا في مجموعات مغلقة، وفي الرابطة الدولية للإذاعيين المسيحيين، علما أن هذه الرابطة تاسست في 1954 وهذا ما ساعد على نشر العقيدة المسيحية.

ما تحفظ عليه منشطي الورشة هو ذكر أخطر الإذاعات الدولية في مجال الدين المسيحي مثل إذاعة حول العالم (TWR) وهي إحدى أهم الإذاعات الدولية في مجال الدين الإسلامي والتي تبث إرسالها من مونتيكارلو ، وتستعمل 30 لغة بما فيها اللغة العربية، إضافة إلى بعض البرامج التي تبث بالأمازيغية، ولهذه الإذاعة عهدة مراكز عبر الدول الأوروبية والعربية، كذلك قناة المعجزة التي تستعمل اللغتين العربية والأمازيغية في تنصير المسلمين وبخاصة سكان منطقة القبائل، دون أن ننسى التبشير عن طريق المراسلة بحيث توجد مراكز تتواصل مع المسليدمين وترسل لهم منشورات والكتاب المقدس عن طريق البريد، فكثير من الجزائريون الذين كانوا على تواصل مع هذه المراكز ز تحصلوزا على الكتاب المقدس (العهد الجديد).

ولعل من أشد كراهية للإسلام القمّص زكريا بطرس الذي طرح شبهات حول النبي وقصة الرسول مع الفتاة الفزارية، وأكد أحد المشاركين في الورشة أن سبب توغل المنصرين داخل المسلمين يعود إلى وجود أخطاء علمية وأخرى عملية في منهج التصدي للتنصير في العالم الإسلامي، خاصة تلك التي نقف عليها في الملتقيات والمناظرات التي ينظمها الإعلام، وأول الأخطاء العلمية هو أسلوب الحوار ونوعيته، وعدم الإنتتقال من ردة الفعل إلى المبادرة، أما الخطأ العملي فهو في الجمعيات الخيرية خاصة في دول افريقية، لأن دور الإسلام يكاد منعدما تماما، ومن الأخطاء أيضا غياب الدرس الديني، كما أن المساجد في غالب الأوقات معطلة واقتصر دورها على الصلوات الخمس وصلاة الجمعة والأعياد، تشير الأرقام أن 90 بالمائة من المغاربة المتنصرين اعتنقوا المسيحية على يد المغاربة، و10 بالمائة تنصروا عن طريق الكنائس المحلية، يشرف على هذه الكنائس جزائريون مسيحيون، يسعون إلى خلق أقلية مسيحية في الجزائر رافعين شعار التعايش السلمي، مستغلين موقف الجزائر من التعددية الدينية، حيث نرى أن جمعيات مسيحية يحركها اللوبي الفرانكفوني العلماني،الذي يشجع على بناء الكنائس في الدول الإسلامية مثلما تبنى المساجد في الدول الغربية.

 

علجية عيش

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم