صحيفة المثقف

لا يبصرني سوى الأموات

فتحي مهذبهكذا أكرر في سري وعلانيتي..

- العادة طبيعة ثانية -

هكذا أختفي مثل الاه

في مكان ما..من هذا العالم..

المليئ بزئير اللاشيء..

بدوي حتميات هشة..

طائرات سرية تغير علينا

في قمة جبل النوم..

مناطيد غريبة جدا

تحط على سطوح أرواحنا..

غابة حزينة داخل الجسد..

أسدل لحيتي على صدري

أدعو كل غيمة قريبة من كتفي

بخلع ملابسها ..

ورشق مخيلتي الجامحة بالحجارة..

أدعو قوس قزح الى وليمة الحواس..

أطلق شعر رأسي المهوش..

مثل راهب في مغارة مهجورة..

يترجم صخب الخفافيش

الى شذرات عميقة..

وأظافري ملطخة بدم الذبيحة..

هكذا قبل رأس السنة بنزر قليل..

أحمل أقمشة جديدة للموتى

عطورا فاخرة لضحايا باخرة التايتنيك..

شمعدانات اختلستها من معبد..

لأضاءة نفق وحيد يؤدي الى الحقيقة..

ليرى الأموات وجوه بعضهم بعد قطيعة طويلة..

ويحدقوا جيدا في الجسر المعلق

فوق مياه الهاوية..

أهدي كلارنية لموسيقار ضرير

اغتاله قس بمسدس في دير ..

أهدي السيمفونية التاسعة لمومس

افترس جسدها قطار متوحش..

هكذا أخر السنة..

أصنع توابيت لأيامي التي غرقت

في حانة ترتادها وعول مهجرة..

هكذا تهطل يدي بالمطر والفاكهة..

ويعزيني حمام منزلي يصطفق داخل بلاطة صدري..

هكذا أفك جدائل متناقضاتي..

في الهواء..

لا يبصرني سوى الأموات .

***

فتحي مهذب

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم