صحيفة المثقف

مشروع تحجيم دور العشائر

داود السلمانالعشائر العراقية، ما هو واضح للعيان، أن قوانينها فوق قوانين الدولة، وفوق قوانين الانسانية وحقوق الانسان، بل في احايين كثيرة، قوانينها  تطبق أكثر من قوانين الحكومة، بحث أن الكثير من الشخصيات السياسية والبرلمانية، وأخرى امنية من كبار الضباط تلجئ احيانا الى العشيرة لحل مشاكلهم التي يعتبرونا مستعصية، وخصوصا الكبيرة منها، كالقتل والسطو المسلح والسرقات، وما شابه ذلك؛ فكلما ضعفت الدولة تقوّت العشائر، والعكس أيضا صحيح، الامر الذي ما عاد السكوت عليه.

قبل عدة اسابيع، اصدر القضاء العراقية أمرا اثلج صدورنا، وهو اعتبار ما يسمى بـ (الدكة) العشائرية هو بمثابة اربعة ارهاب. هذا الامر فعلا هو قص اجنحة العشائر، وبالتالي سوف يسهم كثيرا في حجم دورهم، وعلى مدى السنوات المقبلة قد نستطيع أن نلغي كثير من قوانين العشائر التعسفية، وهو مشروع بعيد المدى للقضاء شبه النهائي عليهم، ليصبح العراق هو عشيرة الشعب الكبيرة.

ولكي نعزز هذا المشروع، علينا أن نبدأ بالمثقف اولاً، وهو أن كثيرا من المثقفين: من شعراء وقصاصين وصحفيين وادباء عراقيين يذيلون أسمائهم  بأسماء عشائرهم (ولا داع لذكر نماذج من هؤلاء)، واذا كنا صادقين حقا أن نبدأ بأنفسنا اولاً؛ لأنني أقرأ كثير من منشورات بعض من الاصدقاء على موقع التواصل الاجتماعي (فيس بوك) أنهم متذمرين جدا مما تقوم به بعض العشائر من امور فادحة، ومن قضايا لا تنسجم مع المواقف الاخلاقية والاجتماعية، وتخالف كل القيم التربوية والانسانية، كالدية المبالغ فيها في قضايا القتل وغيرها، وعدم احترام قوانين  الدولة، او جعلها ثانوية وقانون العشيرة هو النافذ.

ونخص، هنا في هذا المقال، المثقفين بالدرجة الاولى، على اعتبار أنهم صوت مؤثر وخصوصا بين صفوف المتعلمين وصفوف الشباب الواعي. لذلك نطالبهم برفع اسم العشيرة من اسمائهم، ليكون اسمه الصريح بدون لقب العشيرة. وبعكسه فهم مساهمون في تعزيز بقاء العشائر من حيث يدرون او لا يدرون. واكيد أنهم سوف يغضبون من مقالي هذا وسيضربونه عرض الحائط، لأن مثقفنا، للأسف الشديد، هو الآخر متمسك بالعشيرة ولا يريد الانفصال منها، ويعتبرها حصن حصين.

وهنا اتذكر كلام لعالم الاجتماع الدكتور علي الوردي، يقول ما فحواه: أننا كلنا عشائريين لا نستطيع الانفكاك من براثن العشيرة، وهذه خصلة ذميمة لصقت بنا، حتى انا- والكلام للوردي- اذا ما داهمني امر فادح اصبح كالبدوي، انسى تعليمي الاكاديمي وثقافتي المدنية، والتجئ الى العشيرة.

ونحن لا نؤيد ما قاله الوردي، وأن كان كلامه هذا في محط ذم لبعض ما اسماهم مثقفين ومتعلمين، ونقول: ان اول خطوة نخطيها هو رفع اسم العشيرة نهائيا  ولا نجعلها تقترن بأسمائنا، كي لا تظل عقبة كبيرة امام التغيير والتحجيم من الدور الذي تلعبه العشيرة، لأن مسافة الالف ميل تبدأ بخطوة اولاً. والدولة ستساعدنا في هذا الامر، ذلك بأن تصدر امرا يخص العشائر بين فترة واخرى، وأن تشدد على قوانينها اللاإنسانية والتعسفية، وهكذا دواليك.

 

 داود السلمان

  

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم