صحيفة المثقف

الَمقَامَةُ السِّيَادِيَّةُ

محمد جواد سنبهحَدَّثَنِي (مَسّْلوبُ بنَ مَنّْهوبٍ العِراقِيّ) قَالّ:

أَ تَعّْلَمُ يا ابنَ (سُنّْبَةَ)، أَنَّ أُمورَ العِراقِ غيرُ مُسّْتَقِّرَّة.

قُلّْتُ:

يا ابنَ (مَنّْهُوبٍ): وهَلّْ سَقَطَتّْ البَصّْرَة ؟.

قَالَ (مِسّْلُوبُ):

كَلّا جاءَنا أَمّْرٌ بِهِ مَعَرّْة.

قُلّْتُ:

مَعَاذَ اللهِ فَسُمّْعَتُنا فَوّْقَ المَجَرَّة.

قال:

لا .. فَقَدّْ تَبَاغَتّْنَا عَلى حِيْنِ غِرَّة، وصِرّْنَا بيّْنَ الشُعُوْبِ إِضّْحُوكَةً وسُخّْرَة.

قُلّْتُ: يا ابنَ (مَنّْهُوبٍ):

لَمّْ أَسّْمَعّْ مِنّْكَ ذَا الكَلامِ بالمَرَّة!! ... أَخبِرنِي مَا الأَمّْرِ حُلّْوَهُ ومٌرَّه؟.

(2)

قَالَ (مَسّْلُوبٌ):

لَقَدّْ ضَاعَتّْ سِيَادَةُ العِراقِ، وغَزانَا (تّْرَّامّْبُ)، غَزّْوَاً لا يُطَاقّْ.

قُلّْتُ:

وَيّْ يَا (مَسّْلُوبَ) هذا لا يُطَاقّ، لقَدّْ التَفَّتّْ السَّاقُ بالسَّاقّ، فَمَا لَنَا مِنّْ هذا الأَمّْرِ فَوَاقّ، فَقَدّْ ضِعّْنَا وخَسِرّْنَا السِّبَاقّ.

قَالَ (مَسّْلُوبُ):

نَعَمّْ ... يَا ابنَ (سُنّْبَةَ) المِحْذَاقّ، فَلَمّْ يَبّْقَ مِنّْ سِيَادَتِنَا بَاقّ.

قُلّْتُ:

لا حَوّْلَ ولا قُوَّةَ إِلاّ لِلبَاقِّ.

(3)

قَالَ ابنُ (مَنّْهُوبٍ) :

وَصَلَ (تّْرَّامّْبُ) للعِرَاقِ بِلا إِشّْعَار، وزَارَ قَاعِدَةَ (الأسَدِ) بالأَنّْبَار، والتَقَى بِالضُّبَاطِ الكِبَار، والجُنُودِ مِنّْ كُلِّ الأَعّْمَار.

تُرَافِقُهُ زَوّْجَتُهُ فِي الإِقّْبَالِ والإِدّْبَار، إِنَّها جَميّْلَةٌ رَشِيّْقَةٌ تُسّْحِرُ الأَبّْصَار، مَشّْيَتُها كَفَرَاشَةٍ تَدُوْرُ على الأَنّْوَار، بَسّْمَتُها كَجَمَالِ الوَرّْدِ والثِّمَار، قَامَتُها مَمّْشُوقَةٌ كَغِصّْنِ أَزْهَار، دَمُها وَهَجٌ يَشِّعُ مِنّْ نَار، نَظَرَاتُها تُذّْهِلُ العُقُولِ والأَبّْصَار، قَامَتُها تُفّْتِنُ الأَخّيَارَ والفُجّْار.

قُلّتُ:

يَا (ابنَ مَنّْهُوبٍ) دَعّْكَ مِنَ السِّحّْرِ والسُّحَار، واتّْرُكّْ الجَمَالَ والانّْبِهَار، واخّْبِرّْني عَمَّا صَارَ ودَار.

(4)

قَالَ يا ابنَ (سُنّْبَةَ) المِغّْوَار، اعتَلَى (تّْرَامّْبُ) المِنَصَّةَ بافّْتِخَار، وقَالَ بِحَزّْمٍ واسّْتِعَار:

إِنَّنَا باقُوّْنَ بِالعِرَاقِ باسّْتِمّْرَار، فَلَمّْ نَرحَلّْ ولَنّْ نَرحَلّْ فالرَحِيّْلُ عَار، أَلَمّْ نَحّْتَلُ العِراقَ بِجَيّْشِنَا الجَرار، فَخَيّْراتُهُ لَنَا ومَا لأَحَدٍ سِوَانَا خَيَار، فَنَحّْنُ أَسّْيَادُ هَذا المَدَار، ونَحّْنُ اصّْحَابُ القَرَار، فَصَفَّقَ الجُنّْدُ لَهُ بإِكّْبَار.

أَمّْا أَنَا فَلَطَمّْتُ وَجّْهِي لِذَا العَار، وبَكَيّْتُ مُرَّ البُكَاءِ لضِيَاعِ الدّْار.

(5)

قُلّْتُ:

وَ اللّهِ يَا مَسّْلُوبّْ، ذَّا خَطّْبٌ مِنَ الخُطُوبّ، والحُزّْنُ عَلَيّْهِ أَمّْرٌ مَطّْلُوبّ، وحَقِّكَ هَذا مَا لا تُطِيّْقُهُ القُلُوبّ، ويَسّْتَحِقُّ مِنّا شَقَّ الجُيُوْبّ.

قَالَ (مَسّْلُوبٌ):

يا ابنَ (سُنّْبَةَ)، لَقَدّْ قَالُوا لَنَا انْتَهَى الاحّْتِلال، ونَالَ العِرَاقُ كُلَّ الاسْتِقّْلال، وغَادَرَ الأَمريكانُ مِنَ الجَنُوبِ إِلى الشَّمَال.

قُلّْتُ: يا ابنَ (مَنّْهُوبٍ):

إِنَّها كِذّْبَةُ عُمَلاءُ السِّيَاسَة، فَهُمّْ لَيّْسُوا بِسَاسَة، وإِنَّمّأ سَمَاسِرَةٌ للخَسَاسَة، ضَحِكُوا عَلَيّْنَا طُلّابُ الرِّيَاسَة، ومِنّْ غَبَائِنَا صَدَّقّْنَاهُمّ بِحَمَاسَة، فَهُمّْ خَدَّرُونَا بكِيَاسَة، وتِلّْكُمُ هيَ صَنّْعَةُ النَّخَاسَة، فَمَرَروا عَلَيّْنَا مَشَارِيّْعَ التَّعَاسَة، وعِشّْنَا عَيّْشَ ذُلٍ وانتِكاسَة، لأَنَنَا صَدَّقّْنَا أَدّْعياءُ السَّاسَة.

و القَوّلُ قَوّْلُ (عَلِيَّاً) فَصَلّْوا، فَكُلُ قَوّْمٍ تَرَكُوا قَوّْلَهُ ضَّلّْوا، لَقَدّْ قَالَ الوَصِيُّ قَوّْلاً فَلَبّْوا:

(فَوَ اللهِ ما غُزِيَ قَوّْمٌ قَطٌّ في عُقّْرِ دَارِهِمّْ إِلّا ذَلُّوا).   

 

 مُحَمّد جَواد سُنّْبَه

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم