صحيفة المثقف

المرأة والمكر في المثل الشعبي المغاربي.. قراءة تصحيحية

بلغني سؤال عن فحوى المثل الشعبي المغاربي القائل: "إلى درتها فالرجل ترجاها... ويلى درتيها فالمرأة لا تنساها". فكانت اجابتي:

هذا المثل الشائع، والذي يتردد استعماله كثيرا على لسان النساء كلما كن في صراع (خصومة مثلا) مع طرف آخر سواء كان هذا الطرف من بنات جنسهن، أو الجنس الاخر (الرجل)؛ وذلك دلالة وتعبيرا عن مكرهن وشُسع حيلتهن. أراه فهما مغلوطا وسطحيا، ولا يخدم صالح المرأة من جوانب عددية، بقدر ما يُسيء إليها، ويدخلها دوامة تجعلها محل توجس وخوف خاصة من لدن الرجل. بمعنى أوضح، المرأة تسوّق بجهل عن نفسها صفة غير سوية، صفة تضعها في خانة "الحيّة" التي لا يجب أن تأمنها عن نفسك. حبذا اليوم أن نقطع تلك الصلات مع مجموعة من الأمثال المسيئة للمرأة، وأن نتجاوزها حتى تنصلح الرؤية حول مفهوم المرأة المغاربية، بعيدا عن رؤى الشر والكيد والمكر التي طبعتها الثقافة عنها. والتجاوز هنا، رهين بأن نصنف تلك الأمثال على أنها أقاويل انسان يجهل الكثير عن المرأة، إنسان رماها فالتقطتها الذاكرة الشعبية المغاربية بجهل دون أن تعي مساوئها. إذن فهي ليست بقرآن حتى يتعلل بها من يريد التفاخر، فهي ليست لهذا القصد الساذج والسطحي الضحل، الذي لا ينم عن معرفة عميقة بسوسيولوجية الثقافة الشفاهية الشعبية المغاربية.

فالمرأة والمكر من خلال المثل الشعبي المغاربي: "إلى درتها فالرجل ترجاها... ويلى درتيها فالمرأة لا تنساها " وغيره من الأمثال المشابهة، ما هو إلا تلك الشجرة التي تخفي الغابة إن صح التعبير، بمعنى أن العقول المغاربية التي تتداول مثل هذه التصورات المقولبة بجماليات التركيب الجرسي للغة، ولغة اليقين، ولغة الأجداد الذين لا يخطئون في أحكامهم.. هي تحامل كبير على العقل المغاربي وعلى المنطق، إنه نوع من الجمود في يد من قال في لحظة تفكه في لحظة غضب وضعف...إلخ. وبالتالي، فهذا التقوقع المثالي في تراكيب مثلية على انها قوانين الهية يُعد من الجمود إن لم أقل من الغباء أن نعاود جر نفس الكلمات والصيغ في سياق غير سياق الألفية الثالثة، بدعوى المحافظة على أمر ينغص اللحمة بين ثنائية الرجل والمرأة كقطبين مركزيين داخل المجتمع.

 

أكثيري بوجمعة أنس

باحث وكاتب في مجال الفنون البصرية - المغربي

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم