صحيفة المثقف

جولة مقصودة وتحد صارخ

كاظم الموسويالجولة المفاجئة لمجموعة عسكرية امريكية بحماية او رفقة مجموعة عسكرية عراقية، او بالعكس، عرفوا برتب واسماء قيادات كبيرة، لا يمكن أن تكون إلا جولة مقصودة وليست سياحة عادية بريئة، زادها كشفا التقاط صور في اماكن ومواقع مؤثرة او مهمة كشارع فلسطين، حيث مقار اكثر فصائل الحشد الشعبي او شارع المتنبي ومجالسه ومكتباته ومقاهيه المشهورة، الذي تحول الى شارع الثقافة العراقية او لسان حالها. في الجولة وما قصد من نشر الصوّر وتوزيعها بتعليقات متناقضة او معبرة عن اصحابها واخلاقياتهم واتجاهاتهم المضطربة هي تحد صارخ لاتفاقيات مبرمة او للمزاج العراقي الشعبي العام. وتفننت بها وسائل التواصل الاجتماعي، ولاسيما الصوّر التي اريد تسريبها او التي اريد الفضح لها لما لها من معنى ودلالات لا تخفى عن العين البصيرة.

انتشرت، السبت 2019/1/5 صوّر لنائب قائد قيادة العمليات للتحالف الدولي في العراق الجنرال أوستن رينفورث، وهو يتجول في شارع المتنبي الشهير وسط العاصمة بغداد، برفقة قائد عمليات العاصمة عبد الجليل الربيعي، بالتزامن مع ذكرى انسحاب القوات الأمريكية من البلاد؛ ما أثار جدلا في الأوساط السياسية والشعبية، وعلى وسائل التواصل الاجتماعي وانتقل إلى الأحزاب والبيانات والمواقف.

لهذا يمكن معرفة الأسباب وراء اصدار قيادة عمليات بغداد، بيانا توضيحيا، يوم 6/1/2019 بشأن ما أثير حول ظهور قائد العمليات الفريق الركن عبد الجليل الربيعي، برفقة عدد من الجنود الأمريكيين خلال جولة في شوارع بغداد.

قالت القيادة فيه إن "الأمريكيين الذين رافقوا قائد العمليات الفريق الركن عبد الجليل الربيعي، خلال جولة في أحد شوارع بغداد لم يكونوا في مهمة عسكرية، وإنما ضمن جولة ميدانية مع صحفية أمريكية للاطلاع على الواقع الأمني. وأضاف البيان "بتأريخ الجمعة 4 /1 /2019 تجوّل الربيعي، يرافقه عدد من ضباط ركن القيادة، وكذلك الصحفية الأمريكية (Jane Arraf) من إذاعة NPR، حيث قدمت الصحفية في وقت سابق طلب إجراء جولة ميدانية في العاصمة بغداد من أجل الاطلاع على الواقع الأمني فيها، وتكذيب مزاعم الصحافة الصفراء التي تروج لأعمال العنف والاقتتال في العاصمة". وأشار البيان إلى أن "عددا من قوات التحالف رافقوا الصحفية المذكورة خلال جولتها، مع العلم أنهم لم يكونوا في مهمة عسكرية، بل اقتصرت مهمتهم على مرافقة الصحفية وليس تأمين الحماية لها".

هذا بيان اعتراف وتوضيح لما حصل، من وجهة نظر القيادة العسكرية العراقية، ومهما كانت التوضيحات (اقرأ التبريرات) لا تكفي او تغطي ما حصل. خصوصا وأن العسكر الامريكي يعود علنا تحت هذه الواجهة لاول مرة بعد انسحاب القوات الامريكية رسميا من العراق عام 2011 . وان الأسباب غير مقنعة وتثير أسئلة أخرى عنها.

من جهتها اصدرت حركة عصائب أهل الحق بيانا قال فيه جواد الطليباوي، المتحدث العسكري باسمها، إنه “لا يخفى على أبناء الشعب، أن تجوال الجنرال أوستن، في شوارع بغداد، يُعد انتهاكا صارخا لسيادة البلاد، وهو تحد لإرادة الشعب الرافضة لوجود أية قوات أجنبية على الأراضي العراقية”. وأضاف في بيان صدر عنه: “إننا ننظر بعين الغضب إلى الجولة التي قام بها نائب قائد عمليات الجيش الأمريكي في شوارع بغداد”. وأشار الطليباوي، إلى أنهم “يراقبون عن كثب الوجود والانتشار والتحرك اللا مشروع لجنود الجيش الأمريكي في عدد من محافظات البلاد”. ودعا الطليباوي “رئيس مجلس الوزراء عادل عبدالمهدي، ومجلس النواب، إلى إعلان موقف واضح وحازم تجاه تحركات القوات الأمريكية في شوارع بغداد”.

كما وصف تحالف سائرون، تجول نائب قائد القوات الأمريكية بالعراق ووفد مرافق له  في شارع المتنبي، وسط بغداد، بالتزامن مع ذكرى انسحاب القوات الأمريكية من العراق بأنه "يمثل تحدياً للإرادة الوطنية وخرقا جديدا للسيادة العراقية"، مضيفا;  "نحذر هذه القوات من مغبة تكرار هكذا سلوكيات همجية ونهيب بالحكومة العراقية أن تكون على قدر المسؤولية". وقال المتحدث الرسمي لكتلة "سائرون" النيابية، النائب حمدالله الركابي في بيان: "تناقلت وسائل اعلام محلية خبراً عن تواجد قوات أمريكية في بغداد وتجوال عدد منهم في شارع المتنبي صباح الجمعة". وتابع أن "ذلك يمثل تحدياً للإرادة الوطنية وخرقاً جديداً للسيادة العراقية وتصرفاً سيئا يكشف الوجه القبيح للإدارة الامريكية التي تنتهك كل القوانين والأعراف الدولية".

ومضى بالقول: "إننا وفي الوقت الذي نعلن فيه استنكارنا ورفضنا لهذه التصرفات الرعناء، نحذر هذه القوات من مغبة تكرار هكذا سلوكيات همجية ونهيب بالحكومة العراقية أن تكون على قدر المسؤولية وتصدر توضيحا للشعب العراقي وللرأي العام بخصوص هذه الواقعة المرفوضة من جميع القوى الوطنية المخلصة". وأوضح: "سيبقى موقفنا ثابتا في رفض السياسات الامريكية التي لا تحترم سيادة الدول وحرمة أراضيها وكرامة شعبها".

بالتاكيد هناك مواقف مشابهة من جهات وطنية اخرى، تجمع على ادانة "الجولة السياحية" وما تخلفه من تداعيات ودلالات، بعد ان انتشرت الصوّر وعرف المكان في شارع المتنبي خصوصا. فيما أشارت بعض المصادر إلى أن قاعدة كي وان الأمريكية، شمال بغداد، شهدت زيادة في أعداد القوات المتواجدة فيها. وهذه قاعدة واحدة معلنة باسمها، ويصرح بعض النواب بوجود عدد غير معروف من القواعد العسكرية الامريكية حول بغداد، وغرب العراق، اضافة الى شمال بغداد، في اقليم كردستان.

معلوم ان القوات الأمريكية انهت العمليات القتالية في العراق عام 2010، وجعلت محور عملها بعد ذلك تدريب القوات العراقية. وغادر آخر جندي أمريكي العراق، في 18 كانون الأول/ ديسمبر 2011، وتم توقيع معاهدة صوفا، باستثناء عدد من أفراد الجيش الأمريكي الذين بقوا تحت سلطة سفارة بلادهم، بعنوان حمايتها وفرق التدريب، التي يزداد عددها شهريا، لاسيما بعد قرارات الانسحاب الامريكي من قاعدة عسكرية في الكويت واخرى في شرق سوريا.

وتتنشر في وسائل التواصل الاجتماعي اخبار كثيرة، عن تحركات عسكرية واجراءات مختلفة لها واستعدادات وقرارات، ومهما كانت او صارت فان ثمة مياها كثيرة تجري تحت الجسر لابد من الصحوة والاعتبار.

لا امان للامريكان ولا احترام عندهم للاتفاقيات، وما تسلل الرئيس الامريكي دونالد  ترامب للقاعدة العسكرية المحتلة في عين الاسد، غربي العراق، نهاية العام الماضي، الا مثال صارخ اخر على سياسات الادارة الامريكية ومخططاتها للعراق والمنطقة عموما..

الحذر.. الحذر.. من قادم الجولات والتحركات والصفقات، ولات حين ندم!..

 

كاظم الموسوي

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم