صحيفة المثقف

هذه صواريخ حقيقية وليست ألعاباً نارية

بكر السباتينحينما تصدى سلاح الدفاع الجوي السوري في 11 من يناير الجاري لهجوم إسرائيلي بالصواريخ أطلقها الطيران الحربي الإسرائيلي باتجاه محيط مدينة دمشق وأنه جرى إسقاط معظم تلك الصواريخ، خرج المشككون العرب من الكهوف مدعين بأنها مجرد تمثيلية سيئة الإخراج لأنه (في نظرهم) لا عداوة بين سوريا والكيان الإسرائيلي، ولم يقرّ أحدٌ من الطرف المُسْتهدِف لسوريا بأن ما يجري هو اشتباك في إطار حرب بدأت تتنفس رويداً رويداً بين سوريا التي تدافع عن حياضها والكيان الإسرائيلي الذي يبتغي تفتيت الأراضي السورية لينعم بأمان ويتسلل بارتياح إلى العواصم العربية كحليف استراتيجي ضد إيران في إطار صفقة القرن.

في غضون ذلك، السوريون يلوحون بخطوات أخرى من خلال إطلاق صاروخ تحذيري باتجاه الكيان الإسرائيلي. حيث اعترف به الجيش الإسرائيلي قائلاً في بيان، الأحد الموافق 20 يناير 2019، إن منظومة القبة الحديدية التابعة له أسقطت صاروخا أطلق صوب الجزء الشمالي من هضبة الجولان المحتلة على الحدود السورية.

هذا خبر قد يربك أعداء سوريا من المصابين بفوبيا الجيش الإسرائيلي الذي لا يقهر، ولن تجد من يشكك به.. وإزاء حقيقة كهذه فإن الأبواق المتصهينة قد تبث ما فحواه أن الصاروخ انطلق من الأراضي السورية بالصدفة المحضة بذريعة أن سوريا لن تجرؤ على فعل ذلك!؟ لتتفق هذه الصيغة مع دعاية أطراف صفقة القرن أو ذبابهم الإلكتروني في أن الصاروخ التائه ليس مهماً في الرواية، بل حقيقة فاعلية القبة الحديدية هو جوهر الخبر الذي صرح به الإسرائيليون. وكان المتحدث العسكري الإسرائيلي قد أكد لوكالة فرانس برس في أن الصاروخ أطلق من سوريا وتم إسقاطه.

والسؤال هو هل تم إطلاق الصاروخ من قبل الدفاعات الجوية السورية من باب العبث؛ أم يقف وراء ذلك إنذار عسكري في إطار تداعيات حرب ربما تكون وشيكة.

دعونا في ذات السياق نستعرض مجريات الخبر ولنبدأ بالإعلان السوري اليوم الأحد 20يناير 2019 الذي جاء فيه بأن الدفاعات السورية أحبطت غارة إسرائيلية في جنوب سوريا، وهو ما رفض الجيش الإسرائيلي التعليق عليه.

ولكن وزارة الدفاع الروسية أكدت على ذلك منوهة إلى أن الدفاعات الجوية السورية تصدت لهجوم شنته قاذفات إسرائيلية من نوع F-16 على مطار دمشق الدولي، الأحد، وأسقطت سبعة صواريخ معادية.

وأشار ممثل المركز الوطني لإدارة الدفاع إلى أن الطائرات الإسرائيلية أطلقت صواريخ موجهة على سوريا من أجواء المتوسط.

وأوضح أن منظومات الصواريخ المضادة للطائرات (بانتسير) و(بوك) السورية دمرت سبعة صواريخ إسرائيلية، وأن البنية التحتية للمطار السوري المستهدف لم تتضرر جراء الغارة، كما أن الحادث لم يسفر عن أي إصابات أو دمار.

من جهتها نقلت وكالة الأنباء السورية (سانا) عن مصدر عسكري سوري قوله: إن الاستهداف كان في المنطقة الجنوبية، فيما منعت الدفاعات الجوية، تحقيق أي من أهداف هذا العدوان.

دعونا أخيراً نقرّ بأن ما يجري على الأرض السورية في الجبهة الجنوبية الغربية هو عدوان جوي إسرائيلي مباغت، تحول إلى اشتباك حقيقي بالصواريخ بين العدو الإسرائيلي (بكل جاهزيته العسكرية لحرب وشيكة في الشمال)، والطرف السوري الذي يتكالب عليه الأعداء من كل الجهات، وكما هو متوقع، ستكون جبهة الجولان هذه المرة هي شرارة حرب وشيكة لا تبقي ولا تذر ولا شك بأنها ستمتد حتى جنوب لبنان.. فهل سيقف العرب إلى جانب سوريا والمقاومة ضد الكيان الإسرائيلي أم أن حسابات المصالح والثأر ستدفع بأطراف صفقة القرن كي يعززوا الموقف الإسرائيلي ولو إعلامياً على اقل تقدير.. أم إن ما يجري ما هو إلا تقاذف بالصواريخ لن يخرج عن إطار المواجهة الصاروخية المحدودة.

النتائج في المحصلة مرهونة بالمستجدات.. هذه صواريخ حقيقية وسوريا ساحة وغى وليست مهرجاناً تطلق في سمائه ألعابٌ نارية.

 

بقلم بكر السباتين

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم