صحيفة المثقف

فتوى أم صك غفران؟!!

حميد طولستلقد ساهمت حركة التطور العلمي والصناعي والتقني الهائلة في تعقيد حياة الناس بايقاعاتها المتسارعة، وبما أفرزته من معطيات وأحداث الضاغطة بآثارها على واقعهم، الذي كان بسيطا، ومحدودا قبل انفتاحهم على ومنجزات العصر التي بات من الصعب ملاحقة أو مجاراة تداعياته، وأضحت موضع خلاف بينهم في الكثير من إشكالات المستجدات التي لامست حياتهم في مختلف المجالات، وعلى رأسها الأمور الشرعية، التي لم تعد تقتصر على مجرد الطهارة، والعبادات، والأحوال الشخصية وغيرها من التداول اليومي من القضايا والأحداث ومتطلبات المعاصرة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية وحتى الدينية، والتي أصبحت تقتضي تعاملا خاصا يتناسب مع خصوصيتها التي لم تكن معروفة من قبل، وغير مذكورة في التراث الفقهي، لارتباطها بالمعاملات الاقتصادية من شبكة البنوك، والبورصات، الشركات العابرة للقارات، وصور متنوعة لاقتصادات الإنترنت، وشبكات التواصل الاجتماعي، وغيرها من المعطيات الجديدة التي ألقت بظلالها الكثيفة على مسلمي العصر، وفرضت تدخلا عاجعلا للمعايير الأخلاقية والأحكام الدينية التي تستوعب تنظيم ومواجهة الكثير من جوانبها الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، وذلك عن طريق الفتوى -التي هي بنت زمانها، كما تعارف الفقهاء على ذلك- المستنبطة من الدليل الشرعي المتناغم مع مجريات العصر، دون اختزال أو تشويه للنصوص الفقهية القديمة، أو تجريدها من سياقاتها التاريخية والحضارية، وإسقاطها على الإشكالات المستحدثة، كما فعل السيد عبد الإله بنكيران حين خرج مدافعا، وبمنهجيته الدنكيشوتية المعهودة، عن مرعيته البرلمانية أمينة ماء العينين -بعد تراجعها عن ادعاء فبركة صور سفورها بباريس المنشورة عبر مواقع التواصل الاجتماعي – موظفا في ذلك، بعض خزعبلات الشرائع الميتة الفارغة المضمون، والخاوية المحتوى،  لتحريف النقاش عن موضوعه الأساسي، الذي هو تصرفات بعض قياديي حزبه المزدوجة الخطاب، وسلوكياتهم المليئة بالنفاق والكذب والغش وخداع المواطنين بمظاهر التدين الزائفة المعتمدة على السبحات واللحى وزبيبة الصلاة وتحجيب المرأة، بدلا من إتخاذها موقفا واضحا من علاقاتهم الغرامية خارج إطار الزواج والشرعية، الفتواه الشاذة عن الحرية الفردية الخاصة بارتداء الحجاب من عدمه، الأمر الذي لا يهم الناس في شيء، ولا يعيرون أي اهتمام لمن وضعت الحجاب أو نزعته و ارتدت لــ" بيكيني" في باريس أو في غيرها من مدن وشواطئ العالم، مادامت صادقة مع نفسها ومحيطها ولا تخشى التعري الذي يظهر من يتسترون بالنافق ويتدثرون بالكذب وبالرياء وبالأخلاق المصطنعة على حقيقتهم، ويكشف الذين يتظاهرون بما ليس في دواخلهم كي يحافظوا على بقاء صورهم جميلة..

 

حميد طولست

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم