صحيفة المثقف

إزدواجية مقيتة؟!!

حميد طولستلم أتخيل يوماً أن تتغير أحوال من كانوا إلى الأمس القريب يحاربون الحريات الفردية على إعتبار أنها ترف وتبرير للانحراف والفسق، ولم أتصور أن يطالب اليوم باحترامها كقيمة تأسيسية للإنسان، من كان ويهاجمها على أنها مفسدة للمعتقد والدين ويدمجها في إطار الجنس والسكر العلني وأكل رمضان والتبرج، ونزع الحجاب،الذي كانوا يجرمونه - كما حدث مع الصحفية أمينة خباب، وفتاتي إنزكان التي توبعتا بتهمة الإخلال بالحياء العام لارتداء، الأولى سروال "دجيس"، والثانية لإرتدائهما تنورتين قصيرتين في الشارع بإنزكان- قبل أن يرغمهم مكر التاريخ، على البحث، في نفاق اجتماعي مقيت، عن نصوص ميتة، تبرر إنغماس بعض من رهطهم في أثون الحريات الفردية، التي يحرمون ممارستها على من يشاؤون ممن ليسوا من عشيرتهم، باسم الله ورسوله، وبتعلّة الأخلاق والعادات، ولأغراض سياسية وأيديولوجية تخلط بين الدين والدنيا ولا تراعي ضوابط الدين والأخلاق والعدالة والإنصاف، التي لا يستحضرون فيها اختيارات المشرع ويتعاملون معها تبعا لرؤاهم ومواقفهم الخاصة، ومن الزوايا التي ينظرون منها إليها، في محاولة لضرب الحريات الفردية وإفراغها من جوهرها أو لوضع حد لممارستها، الممارسة التي يضمنها الدستور المغربي للمواطنين.

ويبقى أخطر ما يمكن أن يتعرّض له الإنسان هو تزوير حقائق دينه على يد آلهة الظلام، وعبر خطاب ديني أخرق ينهل من موروثات بدوية متخلفة ورجعية، تعرقل مسار تطور المجتمع، وتجْعله يفقدُ الثقةَ بِكلِّ السياسين الدعاة، الذين لا هم لهم إلا تشويه نفسية شباب الأمة وإقناع بسطائها ومراهقيها بمفاهيم إجرامية تحولهم لمجرد وحوش ضارية في حرب متواصلة مع نفوسهم ورغباتهم ومشاعرهم التي روضها أؤلئك الأفاقين الذين نصبوا أنفسهم لحماية الدّين ونصرة الله، وجعلوها تعيش في عالم جديد، تستعمل أدواته الرقمية وشبكات التواصل الاجتماعي العنكبوتية وتليفونياته الذكية، لكن بعقلية عالم الماضي الذي يقدسه ويستمد منه الحلول الجاهزة لمشاكل حاضره ومستقبله ..

 

حميد طولست

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم