صحيفة المثقف

الشيوخ الأمريكي يعرقل خطة ترامب بسحب القوات من سوريا

بكر السباتينصوت مجلس الشيوخ الأمريكي أمس الخميس على مشروع قرار يعرقل خطة الرئيس ترامب بسحب القوات الأمريكية من سوريا أو تقليص عددها بذريعة حسم الحرب مع داعش لصالح التحالف.. هذا بالإضافة لسحبها أيضاً من أفغانستان.

وكان ترامب قد أعلن الشهر الماضي عن قرار بالسحب التدريجي لقوات بلاده - البالغ عددها 2000 جندي- من سوريا؛ لكن وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو سارع بعد هذا الإعلان إلى تأكيد التزام بلاده بالتفكيك التام لتنظيم داعش الإرهابي.

 وقالت وسائل الإعلام الأمريكية إن المجلس أيّد التعديل الذي قدمه زعيم الأغلبية الجمهورية متش مكيلون الذي يطالب بإبقاء القوات الأمريكية في كل من أفغانستان وسوريا.. حيث سيتم التوقيع على المشروع بنسخته الكاملة الأسبوع المقبل.

وللتذكير فإن ماكونيل، حسبما نقل موقع (ذي هيل) الأمريكي، قد حذر قبل يومين من المصادقة على المشروع من "سحْب متسرع" لقوات (أمريكية) من سوريا أو أفغانستان. موضحاً في سياق ذلك أن مقترحه من شأنه "الإقرار بحقيقة واضحة" هي أن تنظيمي القاعدة وداعش وتوابعهما يشكلون تهديدا خطيرا على أمريكا. منوهاً إلى أن تعديله المقترح يشجع كذلك على استمرار جيش الولايات المتحدة وحلفائها في الحفاظ على التزاماتهم، ريثما ننتهي من تحقيق هزيمة دائمة لهؤلاء الإرهابيين".

ولكنْ من جهتها، وبعد الحديث عن خروج وشيك للقوات الأمريكية من سوريا، وجهت روسيا دعوة للأمريكيين للانسحاب من منطقة التنف جنوب سوريا وتسليمها للقوات السورية، القادرة على حماية اللاجئين في مخيم الركبان وإدارة شئونهم. وجاءت الدعوة على لسان المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زخروف التي ذكرت أيضاً بأن الأمم المتحدة تحضّر في الوقت الراهن، قافلة ثانية للمساعدات الإنسانية لمخيم الركبان بالتنسيق مع الحكومة السورية.

والجدير بالذكر أن منطقة التنف تضم قاعدة عسكرية للتحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية والتي أنشئت في عام 2014 بهدف معلن هو مواجهة الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش). وهي تقع على بعد 24 كم من الغرب من معبر التنف الحدودي، في محافظة حمص. وقد أنشئت القاعدة في أوائل عام 2016 لتدريب فصيل مغاوير الثورة التابع للجيش السوري الحر. وتضم القاعدة مئات من العاملين في القوات الأمريكية والبريطانية والنرويجية في إطار قوات التحالف بالإضافة لفصيل مغاوير الثورة التابع للجيش السوري الحر الذي تعتمد عليه المعارضة في مواجهة داعش بالإضافة إلى منع القوات السورية من التقدم إلى مخيم الركبان.

ومن ناحية استراتيجية فإن منطقة التنف يحيطها حرمٌ يطلق عليه منطقة

(ال 55 كم) ضمن الأراضي السورية، حيث يمنع التحالفُ الدوليّ دخولَ أيّ قوات إلى هذا الحرم، واستخدام الطرق العابرة له، من قبل الجيش السوري النظامي وحلفائه الميدانيين على الأرض.. فضلاً عن الغاية المعلنة وهي مواجهة تنظيم داعش. لذلك قامت أمريكا بتزويد قوات التحالف في حدود هذه المنطقة بأسلحة استراتيجية كراجمة الصواريخ هيمورز وغيرها.. وأجريت فيها مناورات مشتركة مع الجيش السوري الحر (مغاوير الثورة).

ويبدو أن الهدف المعلن من وجود قاعدة التنف هو مواجهة تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) باسم التحالف كونها قريبة من آخر معاقل وجود التنظيم في جنوب شرق سوريا، ولكنْ هناك أيضاً أهداف أخرى لوجود القاعدة في الخاصرة السورية، من خلال دور استخباراتي ورقابي أنيط بها على الأرض التي تشهد تحركات لوجستية لخصوم أمريكا وإسرائيل..

 فمن ناحية ازدادت أهمية منطقة التنف لقربها من شرق الفرات حيث تداعيات المواجهة التركية الكردية المحتملة.. إلا أنها أيضاً شديدة القرب من الحليف الإستراتيجي المهم جنوب غرب سوريا "إسرائيل".. فضلاً عن وجود هذه القاعدة في منطقة استراتيجية من شأنها المساعدة على مراقبة طرق الإمدادات الإيرانية السورية وحزب الله اللبناني، والتي تعرض بعضُها للقصف الإسرائيلي عدة مرات على مشارف دمشق قرب المطار؛ ما يؤكد على دور هذه القاعدة الاستخباري الذي يزود الجيش الإسرائيلي بمعلومات لوجستية عن حركة شحن الأسلحة ووجهتها أولاً بأول.

 من هنا يأتي الربط بين مشروع القرار الذي تبناه مجلس الشيوخ الأمريكي والمزمع توقيعه الأسبوع القادم لعرقلة خروج القوات الأمريكية من سوريا والذي ما كان سيشهد تأييداً ساحقاً في المجلس الضغوطات المكثفة التي مارسها اللوبي الصهيوني من هلال نفوذه في الدولة الأمريكية العميقة ومؤسساتها القوية.

الخيارات أمام ترامب باتت محدودة فهل يتقبل ترامب الهزيمة باكياً حظه العاثر!  السؤال وجيهاً ولكن الرهانات ما زالت تفيض بالاحتمالات..

 

بقلم بكر السباتين

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم