صحيفة المثقف

محمد أركون بين مديونية المعنى ونزعة بشرية الدين القبلية

حمزة بلحاج صالح"محمد أركون" و"مديونية المعنى...الفكر الإغريقي وماذا عن غوشييه..

نصوص القران والتراث تتدفق بفيوضات من المعنى حول النزعة الإنسانية التي يعتبرها "محمد أركون" غائبة حتى القرن الرابع الهجري

بل ظهرت بفضل إنتصار الفلسفة والفكر الإغريقي في المجال العربي الإسلامي وهو كلام مبالغ فيه وفيه بعض الإجحاف..

الظاهر أن أركون الذي يستعير حتى عبارة " مديونية المعنى" من " مارسيل غوشييه " الفيلسوف الفرنسي.. " سيجعلنا نتساءل هل نقول إن أركون في حالة "مديونية معنى" مستعيرا " غوشييه " تماما كما فعل لما قام ينفي ما في التراث والقران من نزعة إنسانية ثاوية ويؤجلها إلى حين منح الإغريق لنا المعنى الناقص المتعلق بتأكيد النزعة الإنسانية و" الأنسنة "..

لا أنسنة بالنبسة لأركون بدون علمنة وأي علمنة هذه لعلها "جاكوبية" صلبة فرنسية تستبعد الدين وتعاديه أو لعلها أنجلوسكسونية أقل تشددا من الطبعة الفرنسية نسبيان

أما الذين يعدون محمد أركون صاحب فضل في تعريفنا وإطلاعنا على موضوع ومبحث الأنسنة وبدرجة أقل ربما عبد الرحمن بدوي

هم أيضا يتمترسون حول مفكر أو اثنان أو ثلاثة يجعلونهم محورقضية تراكماتها موجودة سلفا ولو غطاها غبار الأرثدوكسية وتيار الفقه وتغييب العقل والتنوير.

الذين ينفون أن نكون قد عرفنا التنوير والأنسنة إلا في إطار الفصل بين الديني والحياتي تماما كمن ينادون بدمجه دمجا كهنوتيا ولو لم يصرحوا ..

جميعهم لا يقرأون أركون قراءة موسع في المجلس ويقابلهم من يحثون كما يفعل أركون على قراءة التراث قراءة مفاضلاتية وتبجيلية ..التوحيدي ..مسكويه ..الجاحظ ..ابن رشد..العرفان ...مقابل شيطنة ابن تيمية..الغزالي ...الخ

فواحد يقدس واخر يشيطن وواحد يصنم والاخر يقرأ بنسبية

أركون نادى الى التفكير بأدوات محددة ولم يقدم مشروعا متكاملا فعنده ما يجدي ويفيد وهو كثير فلا هو شيطان مارد ولا ملاك مقدس..

في مقولة " التشكيل البشري للإسلام عند محمد أركون

أنا لا أعتبر أركون صاحب مشروع أنجز كما فعل الجزائري فارح مسرحي الذي منح جائزة محمد أركون واعتبر منجز أركون مشروعا وتناول أسسه ومرتكزاته فلو إعتبره خطابا لكان أسلم..

محمد أركون في دعوته الى إخضاع الأديان والإسلام إلى قراءة أنثربولوجية وإستشراقية حديثة " إسلاميات " تطبيقية ولا بأس أيضا بالفللولوجية اللغوية النقدية التقليدية  " الإستشراق القديم "  لا يتقاطع وفهمي ومقاربتي هذه.

انا أنطلق من ان الوحي مطلق سماوي من عند الله وأركون ينطلق من أن النص الديني بشري وليس إلهي من عند الله

أساس منجز محمد أركون ودعواته تنطلق من معطى هام هو إعتبار النص الديني نصا بشريا ورغم مراوغاته فقد أبان على ذلك جيدا في كتابه ( حوار أجراه معه رشيد بن الزين) والذي نشر في كتاب موسوم " التكوين البشري للإسلام

La construction humaine de l'Islam...

أنا شخصيا لا أمانع أن يخضع الدين للدراسة من حيث سياقات ظهوره وميلاده كوحي بين الناس وظهور الرسل والأنبياء

وأن تدرس كل السياقات التاريخية وتخضع للنقد والدراسة الفللولوجية والفقه لغوية والإستشراق الحديث كما سماه أو غير ذلك من الدراسات الإنسانية وحت الإناسية

ولا أمانع ان ينطلق من شاء في عملية حفر بشري معرفي وأنثربولوجي حول نشأة الدين والتساؤل عن بشريته وكونه وحيا فهذا من الحريات المكفولة للباحث لكن أركون الذي يدعو الناس للبحث الحيادي الموضوعي العلمي ينطلق من قبلي محسوم فيه ليبحث ربما عن تبريره..

لقد قرر مسبقا قبل نتائج البحث صفة التكوين البشري للإسلام..

ألا يمانع أركون أن ينطلق المسلم المؤمن من قبلي هو أن الدين وحيا وليس فعلا بشريا ويمارس بالموازاة نقده الأنثربولوجي والفللولوجي  غره

أم إننا سنطلب من أركون التحرر من سياجه الدوغمائي المغلق المنافي للعلم والبحث العلمي..

أي السؤالين أجدى للأمة الإسلامية وشعوبها حتى تقوم من كبوتها وتنهض

الأول / هل الدين بشري يمكننا التخلص منه أو هو وحي من السماء..

الثاني / كيف نحرر فهم الدين مما يستمر في إنتاج كبواتنا وكيف نحرر التراث الذي يلهمنا من مساحاته المظلمة..

النخبة المتمسكة بالسؤال الأول ترى في الدين نفسه عائقا والنخبة الثانية ترى في فهمه الفاسد عائقا..

السؤال الثاني الذي يهتم بأصل كبوتنا في الفهم الفاسد هو الأهم بالنسبة لي ولفائدة الأمة الإسلامية..

ولا بأس بالأول أن تشتغل به النخب الإسلامية الأكاديمية لإثبات وتعزيز مسألة الإيمان ومحاورة اللادينيين والملحدين وهو عمل  لا يسبق الثاني ...

 

حمزة بلحاج صالح – باحث جزائري

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم