صحيفة المثقف

الذين اختفوا

فتحي مهذبالذين رقصوا

ثم اختفوا مثل صحون طائرة..

الذين فكروا في ماهية الذات..

في بلاغة الضوء الزارب من أصابع الصيرورة..

في متواليات الليل والنهار..

في مكر الحواس..

في الندوب الزرقاء التي تكسو

جسد العقل..

واشتهوا مقاعد فاخرة في الجنة..

مناطيد لغزو ذكريات هائمة في الفضاء..

أنهارا تتدفق  بالنساء الجميلات..

واقيات صدرية ضد قناصة مفترضين..

نقودا لا تحصى لشن مغامرة

في جزر هاواي..

وافتراس سمك سلمون مقلي

وشطائر البيتزا..

مثل دببة مهذبة جدا..

الذين أقاموا مدنا من زئبق..

ومشوا فوق فوهة بركان..

الذين هاجمهم ذئب الليل

في غابة المحو..

الذين أفرغوا مياه أعمارهم

في دوارق مثقوبة..

شيعوا موتاهم الى كهف المخيلة..

ناموا مثل اوز بري آمن..

الذين دحضت براهينهم

لعبة الحتميات..

واحتموا طويلا بظل البدهي..

الذين ركبوا البحر

وطاردوا قوارب المستقبل..

الذين تقاتلوا في أزقة مظلمة..

هشموا مصابيح الملائكة بالحجارة

ثم طاروا مثل حمام زاجل

نحو اللامكان..

الذين اختفوا سريعا تحت الأرض

لم يرقهم تأبين القس في ساحة المقبرة..

وتساقط دموع كاذبة من محاجر الأصدقاء..

همهمة عربة الأموات..

ضحكة القبار المريبة..

الذين سقطوا في الغياب..

سأراهم لاحقا في دار الأوبرا .

***

فتحي مهذب

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم