صحيفة المثقف

عتبات النص في رواية: أوراق المجهول

732 اوراق المجهولهذه السطور هي قراءة لعتبات النص بعد أن تم كتابة رواية (أوراق المجهول) من قبلي، وطبعها ونشرها. وهي لأول مرة تحدث في النقد حسب علمي وقراءاتي المتواضعة، إذ يكتب راوي عن روايته نقداً نصياً كما أفعل أنا .

عتبات النص:

(عتبات النص بنيات لغوية وأيقونية تتقدم االمتون وتعقبها لتنتج خطابات واصفة لها تعرف بمضامينها وأشكالها وأجناسها، وتقنع القراء باقتنائها، ومن أبرز مشمولاتها: إسم المؤلف، والعنوان، والأيقونة، ودار النشر، والإهداء والمقتبسة، والمقدمة... وهي بحكم موقعها الاستهلالي - الموازي للنص والملازم لمتنه تحكمها بنيات ووظائف مغايرة له تركيبيا وأسلوبيا ومتفاعلة معه دلاليا وإيحائيا، فتلوح بمعناه دون أن تفصح عنه، وتظل مرتبطة به ارتباطا وثيقا على الرغم من التباعد الظاهري الذي قد يبدو بينهما أحيانا) . ص21 – عتبات النص في التراث العربي والخطاب النقدي المعاصر – يوسف الادريسي – الدار العربية للعلوم ناشرون – ط1 – 2015 .

إذن، العتبات هي مفتاح النص لفهمه وإدراكه، وهي: اسم المؤلف، والعنوان، والأيقونة، ودار النشر، والإهداء، والكلام المقتبس، والمقدمة . ونحن إذ سنتحدث عن كل هذا في أحدى الروايات العربية المنشورة فإن هذه الرواية العينة هي رواية لي كتبتها أنا بقلمي الذي سطر كلماتها اعتماداً على ما إختزنته ذاكرتي وذائقتي من أحداث . وربما يجد البعض من القرّاء أو المهتمين بالكتابة الأدبية والرواية خاصة في هذه السطور أمراً غريباً لم يألفوه من قبل، أن يتحدث كاتب عن كتابه من وجهة نظر نقدية، إلّا اني أقول ما دامت الرواية مكتوبة بقلمي ومن فكري وذاكرتي، فلا بأس أن أتحدث عنها نقدياً من باب الوصف ودراسة النص من داخله، وليس من باب التقويم و التقييم فهو أمر يعود لغيري .

1 – اسم المؤلف:

هو المحدد الرئيسي للنص (الرواية). وهو أنا . داود سلمان الشويلي.

كَتَبْتُ ونشرتُ أول قصة قصيرة لي وأنا في سن السادسة عشرة. ثم بعدها نشرت مجموعة من الأشعار العامية. وبعد ذلك نشرت نقداً عن الشعر العامي (لي كتاب مخطوط في ذلك). وكذلك عن فنون الأدب الأخرى . وكتبت القصة القصيرة (لي مجموعة قصصية منشورة وأخرى مخطوطة). والرواية (لي ثلاث روايات منشورة، وثلاث مخطوطة). ونقد للسرديات (لي أكثر من كتاب في ذلك منشور ومخطوط ). ولي كتابات فكرية منشورة في الصحف والمواقع الالكترونية. إذاً أنا كاتب معروف ليس في العراق فحسب بل في الوطن العربي أيضاً، ويتبيّن ذلك من نشري لكتبي ودراساتي في الصحف والدوريات العربية، فضلاً عن نشر كنبي .

كتبتُ هذه الرواية ووضعت اسمي عليها للتأكيد على أن عائديتها لي. أي أنا مؤلفها، من الغلاف الى الغلاف. تحمل أفكاري وما أعتقد وأؤمن به، فهي نص صادر عن مؤلف معروف ومشهور بكتابة هذا الفن، ومعترف بقيمته الأدبية وسلطته الرمزية، فبالتالي أصبحت لهذا النص هوية معروفة بهوية مؤلفه، ولما كان كذلك، فجودة وأتقان العمل أورداءته تعود الى المؤلف نفسه وهو المسؤول عنها .

الاسم على الغلاف كتب بالخط العريض وباللون الأسود لإبرازه أمام المشاهدين للكتاب، والشخص الذي يعرفني، وهو مهتم بالرواية حتما سيقتنيها .

وضع الإسم في وسط الغلاف تحت العنوان الرئيسي للرواية وذلك لأن إهتمام الكاتب الأول هو عنوان الرواية، ومن بعده اسم مؤلفها .

2 – العنوان:

من ضمن إشتراطات إختيار عنوان أي كتاب ما هو إختياره الدال على ما في متنه من مادة. والعنوان مركب من لفظتين. وهو محدود الدلالة واسع المعني . فهو محدد بدلالة المجهولية والأوراق، إلّا انه واسع المعاني التي نحصل عليها من تركيب " أوراق " و"المجهول " . فالأوراق هذه ذات أعداد وأشكال مختلفة ومتنوعة، ويمكن أن تكون أوراقاً رسمية ثبوتية، أو أوراق كتابة، أو أوراق أشجار، وهكذا . أما المجهولية فهي غير عائدة للأوراق وإنما عائديتها للشخص .

ولما كان كذلك، فإن عنوان روايتنا "أوراق المجهول " يؤكد على أن الرواية هذه تتكون من أوراق عديدة ومختلفة الشكل والمضمون، لهذا نجد أن متن الرواية يتألف من ثمانية عشر ورقة مذكورة بتسلسل اعدادها ـ إضافة لورقتين خارجيتين أحداهما أولى تسبق ألأوراق الثمانية عشر، والأخرى وضعت في نهاية الرواية .

أما لفظة المجهول، فإن ما في الأوراق هذه يتحدث عن شخص مجهول غير معلوم، ويمكن ان يكون موجوداً، أو لا يكون موجوداً، وهو غير موجود أصلاً بلحاظ انه قد أطلق عليه لفظة " مجهول " ولم تطلق عليه لفظة " غائب "، لأن الغياب يختلف عن المجهولية، فيمكن أن يكون هذا الشخص غائباً إلّا أنه معروف للآخرين، ولكن شخصيتنا قد أنقسم حوله ناس القبيلة، فمنهم من صدق وجوده إلّا أنه لم يره، ومنهم من انكر وجوده فتحول من غائب الى مجهول، مع العلم أن الصنف الأول من الناس صدق وجوده إلّا انه لم يره، إذاً أصبح كالمجهول عنده .

وضع العنوان بخط عريض أسود اللون ليبرز كثيراً للرائي، فيصدمه، عندها يقرر أن يقرأ الرواية التي سميت هكذا.

وقد تم إختيار العنوان بعد الانتهاء من كتابة الرواية كما عنونة كتبي كافة، إذ أضع العنوان بعد الانتهاء من كتابة النص، أو على الأقل كتابته الأولى، لأن النص عندي يخضع للكتابة مرة وأخرى وثالثة وربما أكثر من ذلك .

ومن ملحقات العنوان لفظة " رواية " وقد وضعت فوق العنوان واسم المؤلف، لأن القاريء يجب أن يعرف ماذا سيقرأ ليقرر ان كان سيختار الكتاب أم لا، حسب ذائقته القرائية.

إذن، أول ما يقرأ لفظة رواية، ثم يقرأ بعدها عبارة "الطبعة الأولى" ليعرف أن ما يراه جديداً في النشر وكذلك على ذائقته القرائية، ثم من بعدها يقرأ العنوان واسم المؤلف .

3 – الأيقونة:

من أصعب الأمور على الكاتب حين طبع كتابه هو إختيار لوحة الغلاف، أما أنا فقد تم في كتبي السبعة الماضية إختيار اللوحة من قبل المصمم، إلّا في كتابين منهما هما (الذئب والخراف المهضومة – دراسات في التناص الابداعي ) و(رواية طريق الشمس) إذ اخترت لهما لوحتين تشكيليتين من انتاج الفنان التشكيلي كامل الموسوي، أما بقية كتبي فقد كان مصمم الدار اذي طبع فيها هو الذي يضع التصميم.

في روايتي هذه ـ وهو الكتاب الثامن لي - صمم الغلاف ابني ذو الفقار داود الشويلي بعد أن عرف مضمون الرواية، وعما تتحدث عنه .

يتكون التصميم من وحدات تصميمية ثلاثة،هي :

- الوحدة التصميمية الاولى : زخرفة على شكل سهم رأسه الى الأسفل تشكل الأسكفة العلوية لباب المضيف، وفي داخلها مجموعة من الأوراق المتطايرة التي تشبه الطيور في طيرانها، والأوراق هذه بلون أبيض لأن خلفتيها بلون أسود وهو يدل على المجهولية لتطاير الأوراق في فضاء غير معلوم .

- الوحدة التصميمية الثانية : رأس السهم في الوحدة التصميمية الأولى يؤشر الى مدخل المضيف "الشكل الأصفر" الذي يشبه باب المضيف الذي كتب عنه في الورقة الاولى، وقد لون بلون أصفر فاقع ليؤشر الى أن من في داخله يختلفون في المشارب والاتجاهات، وكذلك فإنهم منفصلون عن المضيف وصاحبه الشيخ المحتضر، وعن الذين خارجه .

- الوحدة التصميمية الثالثة: وهي جانبي الشكل الكلي، فقد صبغت بلون القصب و " البواري " وهو اللون الأصفر الداكن، هذا اللون الذي يؤشر الى عمر بناء المضيف الطويل وكثرة المصائب والمحن التي مرت به . وهذا القصب والبواري هي مادة البناء لأي مضيف يبنى في جنوب العراق .

إذن، اللوحة ستنطق بما احتوت عليه الرواية من أفكار وأحداث وشخصيات تدل على "أوراق المجهول " .

4 – دار النشر:

لدار النشر أهمية كبيرة في التعريف بالكتاب، وقد وضعت دار النشر الشعار "لوغا" الخاص بها في الغلاف الأول وفي الغلاف الثاني وقد كتبت تحت هذا الشعار في الغلاف الثاني عبارة "نشر وتوزيع دار المتن " .

وضعت الدار أيضاً رقم الايداع في المكتبة الوطنية لحفظ الكتب والوثائق العراقية، مع سنة ذلك الرقم على الغلاف الثاني .

والشعار "اللوغا" ورقم الايداع هما لحماية المطبوع من أن يطبع طباعة تجارية في دار أخرى. أما رقم الإيداع فهو رقم ايداع الكتاب في المكتبة الوطنية لحفظ الكتب والوثائق العراقية، وهذا مهم للكتاب خشية السرقة والادعاء الكاذب بملكيته .

5 – ورقة العنوان:

أ – وجه الورقة:

وهي أول ورقة في الرواية وقد كتب عليها اسم الرواية الذي وضع في مكانين:

- المكان الأول الركن الأيسر من أعلى الورقة وقد كتب بخط رفيع .

- المكان الثاني وسط الورقة وقد كتب بخط عريض ولون أسود داكن.

ب – ظهر الورقة الأولى:

كتبت فيها معلومات عن الرواية،اسمها، الجنس الادبي، رقم الطبعة، وسنة الطبع، وقياس الورقة، وعدد النسخ المطبوعة، واسم المصمم، ومعلومات كاملة عن دار النشر ومصمم طباعة الرواية، ورقم الايداع في المكتبة الوطنية، ومعلومات أخرى باللغة الانكليزية .

هذه المعلومات تفيد المكتبة الوطنية للكتب والوثائق، وتفيد المفهرس، وكذلك الدارس لها كرواية أو ككتاب، فضلاً عن انها تكون شهادة أمام الغير لحفظ نفسها أمام القرصنة .

وقد وضع في الورقة نفسها شعار الدار.

6 – الورقة الثانية:

كتب عليها المعلومات التالية:

- عنوان الرواية في الجهة الشمالية العليا من الورقة بخط صغير .

- اسم المؤلف بخط كبير أسود اللون وداكن.

- كتب حرف الجر "في " في وسط الصفحة .

- تحته كتب بخط عريض عنوان الرواية .

0 كتبت تحت العنوان وبخط أصغر من خط العنوان كلمة "رواية" مع سنة الطبع .

- في وسط من الأسفل كتب رقم الطبعة وسنة الطبع بخط وسط بين خط العنوان واسم المؤلف وبين خط عنوانها في الركن العلوي الشمالي .

7 – الإقتباس:

للاقتباس دور كبير في وضع النص الروائي في مكانه الفكري (المعنوي والدلالي) عند القراء، حيث انه يعد من الأمور التي ترمز لأحداث الرواية بصورة عامة. وقد اقتبس المؤلف قولين من رواية " شفرة دافنشي " وضع الأول في مقدمة متن الرواية، ووضع الثاني في نهاية متنها .

- الاقتباس الاول :

(كثيرون هم الذين اتخذوا من الأوهام والمعجزات الزائفة وخداع البشر تجارة لهم).

- الإقتباس الثاني:

(الجهل يعمي أبصارنا ويضللنا ... أيها البشر الفانون افتحوا عيونكم).

هاتان العبارتان ترمزان بصورة عامة الى ما في مضمون الرواية من أفكار أرادها الكاتب ان تصل معانيها ودلالاتها الى القاريء .

انهما يشيران الى كثرة الأوهام والمعجزات الزائفة وخداع البشر بها والتي أصابت أبناء الشعب فتحذرهم من ذلك، لأن الجهل يعمي أبصارنا وبصيرتنا ويضللنا كذلك، فتطالبهم بأن يفتحوا عيونهم لكي لا يخدعوا بما يسمعون أو يرون من سلوك أعوج يمارس ضدهم في العلن والخفاء تحت أسماء ولافتات وعناوين كثيرة .

8 – معجم ما استعجم:

هذا العنوان غير موجود في الكثير من الكتب إلّا ان المؤلف أراد منه أن يكون مثل المعجم للألفاظ و الكلمات والعبارات والأمثال التي وردت في المتن وفيها صعوبة في ادراك وفهم معانيها من قبل البعض لأنها تستخدم في لهجة منطقة من جنوب العراق فقط .

9 – ورقة المؤلف:

ثبت فيها الكتب التي كتبها المؤلف، المطبوعة وغير المطبوعة، وهي ورقة خاصة للتعريف بنتاجات المؤلف من قبل قراء الرواية لكي تكون دافعاً لهم لقراءتها .

10 – الفهرست:

وهي تضم ما احتوته أوراق الرواية من عناوين .

11 – الغلاف الثاني:

وهو واجهة الكتاب الثانية. ويكتسي أهمية كبيرة بعد الغلاف الأول لأنه يقوم بفعالية الاغراء للقراء في اقتناء الكتاب أو الكتب الأخرى للمؤلف، وتضم:

- صورة المؤلف .

- اصدارات المؤلف السابقة والتي ستصدر لاحقاً، وقد وضعت هذه المؤلفات ضمن مريع، خطوط أركانه ملونة بلون أخضر .

- شعار دار النشر، ورقم الايداع في المكتبة الوطنية لحفظ الكتب والوثائق .

- الجزء المكمل لايقونة الكتاب وهو ركن واجهة المضيف .

***

تسهم هذه العتبات في سعة تداولية الكتاب " الرواية "، وفهم معانيها ودلالاتها وما توحي بها من رموز مخبوءة بين سطور وعبارات متن الرواية .

 

قراءة: داود سلمان الشويلي

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم