صحيفة المثقف

صباح الخير ايها المهندسون

740 زينب(آكتب بدمك وستعلم حينها آن الدم روح).. نيتشه

حينما تكون التجربة عصيبة يكون تحربرها في وجه البياض روحا تمشي بتوآدة للحياة. هي كذلك سيرة ماوريسيو بيني المعنونة ب“ صباح الخير آيها المهندس، الصادرة عن دارLevel82 Publishing بباسانو ديل كرابا 2019. يحكي فيها الكاتب عن سنوات الحرب والجفاء التي هبت ريحها هنا في ايايطاليا في الامس القريب؛ ريح حصدت الارواح والامن والسلام وشرعت الابواب للفقر والجوع وجعلت العامة والخاصة يجدون ملاذهم في الهجرة بحثا عن حياة آفضل. يقول الكاتب صفحة 66:

“ كانت الوعود في مهدها منذ نهاية الحرب. وكانت الحياة العادية كلها مشاكل ترخي سدولها على الكل: تكاليف الحياة في ازدياد مضطرد، وامكانيات الحصول علر راتب في انخفاض متزايد. ملايين الاشخاص دون عمل؛ وامكانية اخراج ايطاليا من هذا الوضع الصعب آمر عسير. طرقت الحكومة حينها ابواب البلدان المحتاجة الى اليد العاملة: فقد توفر الهجرة النازحة للافراة مصدرا لدعم وانطلاق الاقتصاد الوطني باعادة تنظيمه. كانت آول اتفاقية تجارية تسهل عمل الايطاليين في الخارج قد تم توقيعها بين ايطاليا وبلجيكا في ماي 1946 لتعقبها آخرى بين ايطاليا وسويسرا سنة 1948 ومع المانيا سنة 1955“

هكذا عادة يكون مشروع اقرار الهجرة؛ وضع صعب يعقبه الاعداد للرحيل ثم النزوح. فلا احد يختار مشيئته ولا وطنه؛ لاآحد  يختار وضعه. تقرير الهجرة يكون مدفوعا بالظروف وتغذيه حكايات الاقارب والاصدقاء الذين هاجروا قبلا يقول الكاتب صفحة 74:

”عاد ابن خال امي جوفاني الى رونتزانو سنة 1961 لقضاء عطلة عيد ميلاد المسيح، كان يعيش في سويسرا منذ زمن بعيد. كلمة تمهد الطريق لاخرى: بذرة في الارض، وفكرة تطفوا الى السطح، تنبت وتزهر. بعد اشهر قليلة من زيارته يحصل ابي على عقد عمل…“

الا آن من رآى ليس حتما كمن سمع، تجرية الاغتراب تفتح للمهاجر عوالم لم يكن يعرفها، حياة في الهامش، وعلاقات لا تتعدى سقف المهاجرين والمحرومين مثلهم. فمن يحمل حياته على كتفه ويترك العائلة ودراء ظهره والذكريات، يترك الطفولة والعادات يفتح جرحه للحرمان وعلى العمل المتواصل كثمن لاغتراابه، ويطئطئ رآسه للصور النمطية التي قد تقف في طريقه ويواصل. يقول الكاتب صفحة 113:

” اصطدمت آحلامي النائمة مع الواقع المر حينما علمت آنه ممنوع على الشابات السويسريات انشاء علاقة صداقة مع الشباب الايطالي، لانه كان شائعا آن هؤلاء الشباب غير جديين في حالات بعينها ومن المحبذ تجنبهم“

قصة ماوديسيو ”صباح الخير ايها المهندس“ تصلح ان تكون قصة آي واحد منا، آو قصة كل واحد منا. فقرار الهجرة يكون دافعه اقتصاديا آو سياسيا آو آمنيا.. ويكون طريقه صعب وتبعاته آصعب. ما آقرب اليوم بالامس، فقد اصبحت ايطاليا اليوم وجهة للمهاجرين الفارين من ويلات الحرب والفقر والقهر منهم من يبحث عن سماء امنة ومنهم من يبحث عن مستقبل آمن ومنهم من يعبد الطريق ليصير يوما مهندسا. فهل من مذكر

 

زينب سعيد

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم