صحيفة المثقف

المغاربة

هشام بن الشاويلست متحاملا، مثل ذلك الذي يعبد حضرة عبد "الهباء"، لأن المغاربة شعب متدين بالفطرة، لكنني لا أستطيع أن أستوعب ألا يؤمن أتباع فرويد بالغيبيات والعالم الآخر، بينما يتغنى صديقنا بخزعبلات الهبائيين. أيضا، لا أريد التخندق مع من يقصفون حكومتنا الإسلامية، بسبب فضائحها؛ لأنني لا أنتظر شيئا من هذه الحكومة، ولا من السابقة ولا حتى اللاحقة، لأنني كفرت بكل ألوان الطيف!

لا أريد أن أذم "المغاربة"، مع الاعتذار الشديد للروائي المبدع عبد الكريم جويطي، وعمله الروائي الشجي، بيد أنني أشك في أن "كحل الراس" قد قرأ هذه الرواية البديعة أو شاهد عملا فنيا، يطهر دواخله من الأدران …

إنهم بارعون في متابعة الغوغاء؛ والاحتفاء بمجانين السوشيال ميديا المغربية، ضحايا الاستلاب التكنولوجي، وعلى رأسهم ذلك الملتحي ، الذي يتحدث نهارا، حيث يقضي سحابة عطالته المزمنة في المقهى، عن تعاليم الدين السمح، وبعد العشاء، ويمكن قراءة حرف العين بالفتحة أو الكسرة، يطلق العنان لتشوهاته الداخلية، ويتقيأ بذاءاته في وجه كل من ينتقده، بمنتهى الخسة. فما الفرق بين هذا الذي يكحل عينيه، وبين مراهق يتعقب النساء في الطرقات، يصور مؤخراتهن، وينشر الفيديو في مواقع إباحية !؟

بحكم الزمالة، اتصل بي "م"، وطلب مني عمولة، نسرقها عنوة، من أجير كهل "طالب معاشو"، متناسيا دينار جبهته، متناسيا أنه يحمل اسم رسولنا الأعظم. وجدتني كالمصدوم، غير قادر على التفوه بأية كلمة، وهو الذي سألني ذات يوم: "لماذا لا تستمع إلى القرآن؟"، حين وجدني أمام المحل، ممسكا لوحي الالكتروني، ولأننا شعب متطفل، يحب أن يقتحم خصوصيات الآخرين، لم يستسغ أن أجيبه بأنني أنصت إلى موسيقى، ومثله، استنكر مصطفى البناء أن أقرأ رواية، ودعاني إلى قراءة المصحف الكريم، ونسي هذا المصطفى أنه سرق كل الأواني المنزلية من مقر حزب العدالة والتنمية أثناء ترميمه !

إنه مشهد تراجيكوميدي حقا، لكننا لن نلوم مصطفى، حتى لو ضبط متلبسا باحتضان "البرمة والكسكاس"، بيد أن قمة السخرية السوداء أن يبحث زبون عن لصاق "سكوتش" من نوع ممتاز، قال بأن الثمن لا يهمه، ويفعل ذلك في سبيل الله، من أجل تسوية صفوف المصلين، ومن قبل، عاتب هذا الرجل صديقي البقال السوسي، مشيرا إلى أنه أصيب بعدوى الدكاليين، الذين لا يردون على تحية الإسلام. لم أعلق؛ كنت أنا المقصود بهذا الغمز واللمز، لأنني أتفادى الحديث مع شخص محتال، باع شقة أكثر من مرة، لعدة أشخاص !

أحد أنصار جماعة إسلامية محظورة، بعد نسخ عقد ازدياد ابنيه، طلب مني قلم حبر أسود، لكي يغير رقمين من تاريخ ميلاد ابنيه، كان يفعل ذلك بحرص شديد، بأصابع تبدو شبه مدربة، ولم أتخيل أن يفعل ذلك، أن يزور، بتقليص العمر، لماذا؟ حتى لا يُحرم الولدان من المخيم الصيفي، بسبب السن !

هل هذا هو إسلام المغاربة، الذين علموا المشارقة التصوف، ودفن أقطابه في الشرق؟

ضحك كالبكاء:

على سبيل المجاملة، سألت زبونا متقاعدا عن غيابه، فأجاب بنوع من الزهو، بأنه كان في إحدى دول أمريكا اللاتينية، لحسن حظه أنها ليست فنزويلا، سوف نكتب أن البلد الشيوعي الأخير ليس في حاجة إلى الخروج في سبيل الله، حتى لا نثير حفيظة البراهمة، لكن ماذا يفعل رجل أميّ في بلاد السامبا؟ يقال، والعهدة على صديق، بأن صاحبنا كان، في ريعان شبابه، قاطع طريق لا يشق له غبار!!!

 

هشام بن الشاوي

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم