صحيفة المثقف

الدقة في الحديث

عقيل العبودالحديث اوالتكلم عن شئ أوقضية ما يستلزم دقة متناهية في اختيار الكلمات، وهذه الدقة ايضا تحتاج الى مطابقة بين الشعور واللسان.

فَلو فرضنا ان المتكلم يريد ان يمتدح شخصا ما، فعليه ان يطابق بين مقتضى كلامه وإحساسه بصدق ما يقول، فلو ازداد المدح عن حده صار تملقا.

 اما في الذم فالقضية تتوقف عند أشياء كثيرة، منها انه من الصعوبة مواجهة المقابل في سلوكه، حيث ليس من السهل ان يقال للمراد ذمه انك منافق، اوكذاب، أوسارق، وما شابه.

لذلك يحتاج المتحدث انتقاء كلمات اخرى يمكن لها ان تصل الى عقل المتلقي وشعوره كأن يقال، موقفك الكذائي لم يكن متوقعا، او ان حديثك عن فلان لم يكن مطابقا للواقع.

 ولهذا يتم اختيار الكلمات بطريقة أنيقة لكي تصل الى المبتغى.

لقد سمعت عن فيلسوف اوعالم انه قال: (ليس المهم ان تقول الحقيقة، ولكن المهم كيف تقول الحقيقة).

وجملة القول، ان الدقة في الكلام، فن من فنون اللغة، بل هو الوجه الجمالي لللغة، فهو التعبير عن حقيقة النفس الانسانية.

لذلك صار من الواجب المطابقة بين السمع والبصر والفؤاد، وهذا ما ورد في كتاب الله في سورة الإسراء،اية ٣٦:

(وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ ۚ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَٰئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا).

بمعنى ان على المتكلم ان يطابق بين سمعه وبصره وعقله الوجداني الشعوري قبل الحديث، هذه المطابقة منها يتم ضبط وتوخي الدقة فيما يراد قوله. ولذلك ايضا وردت وصايا كثيرة في هذا الباب في كتاب الله ايضا.

وغاية الموضوع ان على المتكلم الإنصات والتفكير الى المتحدث، اوالمتلقي، والى نفسه ايضا،  قبل إطلاق الكلمة. 

 

عقيل العبود

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم