صحيفة المثقف

الصمت زين

صادق الصافيعنوان المقالة القصير في محتواه، البليغ في معناه مأخوذ من اقوال مأثورة للأمام الحسن بن علي - عليه السلام- وهومستمد من تراثنا العربي الانساني الغني بالعبر الرائعة النافعة عن أهمية السلوك في الكلام، فكلام الانسان ميزان عقله؟

اعتبرالاصمعي- اول العلم الصمت، الثاني الاستماع، الثالث الحفظ، الرابع العمل، الخامس نشره-

اما القديس الروماني ارسانيوس- معلم اولاد الملوك وكان مؤمنا مسيحيا ذكيا غزير العلم والادب-يقول -كثيرا ما تكلمت فندمت،واما عن سكوتي فما ندمت.

ومن الآداب الاوربية يذكرنا وليم شكسبير بمقولته الشهيرة-هناك كلام لايقول شئ،وهناك صمت يقول كل شئ.

اعتبراتقان الصمت فن عظيم،واطلقوا عليه لغة العظماء،واعتبروه ارقى وسيلة للتعبير وفائدة مرتبة اكثر ثراءا لسماع صدى افكارك ومشاعرك عند العزلة ،وعدوها اقوى من اي كلام، والصديق الذي لايخون .

 قال مولانا-جلال الدين الرومي-عن الصمت-انه- ثمة صوت لايستخدم الكلمات...فانصتوا له.؟

الصمت ايضا دليل الاصغاء الجيد الملتزم الذي يصنع العقل ويورث الحكمة، ويحفظ الاسرار من التناثر-داخل وعاء النفس- في زمن كثرت فيه الثرثرة واساءة الفهم في آراء الاخرين وحتى الاساءة في فهم -الصمت-.؟ فالعمل وقضاء الحاجات الانسانية المطلوبة بالصمت دليل ذكاء ونجاح .

وللصمت مواسمه أيضا،صمت بلغة الحزن غالبا.؟ وتبعا للموقف والزمان -الحزن-الفرح-التضحية -النجاح-الفشل- الابداع -وغيرها.

وفيه من التجاهل عندما لايعجبك الرد،اوعندما تخيب الظنون.

معظم الحكماء فضلوا الصمت فاتفقوا على القول- بان-كثرة الكلام لا تخلو من معصية-.؟

و ذكر المفكر لوروا برونلو- بان هناك لحظات يكون فيها الصمت اعلى صوتا من الكلام-

فالكلام عند الناس لايستقر على مقام، حيث لا ميزان ولا قرار،وكما ورد في الامثال الشعبية-كل من عاجبه عقله- او كل شخص عاجبته نفسه-.؟

أذايصعب ايجاد مقياس ثابت لعقل المثقف والتمييز الحقيقي عن ما يطرحه الجاهل او المجنون او خطاب رجل دين او اخر عنصري اوغيره .؟

كيف تستطيع تفضيل وتمييزالامكانيات الفكرية الراقية وتعزلها عن الافكار الهدامة المريضة الموتوره.؟

 في ظل هذه الفوضى و الصخب والارتباك الثقافي السياسي التي تعيشها بلداننا العربية-خاصة- للاسف؟

كيف تجادل في الثقافة مع الاحمق فيصعب التمييز فتكون بذلك جاهلا- مع كراهية السكوت عن الحق-.؟

قال نزار قباني -

في بلاد يغتال فيها المفكرون،ويكفرالكاتب وتحرق الكتب،في مجتمعات ترفض الآخر وتفرض الصمت على الافواه والحجر على الافكار وتكفر اي سؤال

و صدق الشاعر ابو العتاهية حين قال -

الصمت زين والسكوت سلامة

فاذا نطقت فلا تكن مهذارا

ولئن ندمت على سكوتك مرة

فلقد ندمت على الكلام مرارا 

 

صادق الصافي

كاتب عراقي مقيم في النرويج

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم