صحيفة المثقف

الفن في ذاك الزمن.. المسرح نموذجا!

عقيل العبودالفن كما يبدو، مَثَلُهُ كمثل الثوب، تتبدل ألوانه كما صورته وشكله بتبدل أصحابه ايضا.

لذلك مقارنة، والمسرح كنموذج، بين فن البارحة، وفن اليوم، نجد ان القياس باطل، كونه مع الفارق لا يصح.

وفن المسرح بناء، مزاج، وشعور، وذوق، وأخلاق، وجمهور، وخشبة.

نعم فهو قضية شعوب ومجتمعات، بل وقضية امم وسياسات، فهو روح وخلق بفتح الخاء، وخلق بضمها.

 فهو اقصد المسرح تحديدا، المفتاح الى الرقي والخلود، هو ارقى مفردة من مفردات علم الجمال، بكل فروعه، فهو النحت، والرسم، والموسيقى، والغناء، والديكور، والتصميم.

ولذلك تراه يدخل في الوجدان، والشعور، لذلك يطيب لي تسميته بعلم الخلق، والاخلاق، بل هو علم الفضيلة بذاتها عندما يحقق أهدافه الإنسانية، وهو الإبداع والجمال بذاته. 

والعبارة الشهيرة التي قيلت بحقه، ما زالت بغض النظر عن قائلها حية الى هذا اليوم في الاذهان والوجدان- (أعطني خبزا ومسرحا اعطيك شعبا مثقفا).

فالشعوب هي التي تصنع الحياة، ولذلك القارئ لمسرح أسخيلوس يدرك انه كان قد بقي خالدا، لإنه اختار لغة الجمهور بجانب لغة الفنان.

 نعم المسرح يصنع الحضارات، فهو فن الصوت، وفن اللون، وفن الحياة.

وبغداد كما لا يخفى، حتى في ظل سلطة الطغاة بقيت خالدة في عمقها المسرحي.

بقي قاسم محمد، وخليل شوقي، وبقيت ناهدة الرماح التي فقدت بصرها لحظة ادائها المسرحي ذات يوم، بقيت مؤسسة السينما والمسرح مع شذى سالم ومع مسرحيات بغداد الازل بين الجد والهزل، ومع مسرح الستين كرسي، وجميع الفنانين الذين ادوا رسالتهم منذ ذاك الحين خالدين لا تسع ذكراهم هذه الصفحة البسيطة من المقال هذا.

ولكن بعد ان تبدلت الألوان، واستبيحت لغة الذائقة وأنتهكت حرمة هذه المقولة من مقولات الإبداع المقدس، أقول يا حسرتاه على الفن الخائب والردئ، يا حسرة على ما يسمى بفن هذا الزمان....

 

عقيل العبود

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم