صحيفة المثقف

الاعقاب والألقاب.. جدلية المسمى في تراث العرب والمسلمين

رائد عبيستوحي المسميات الشخصية دلالات مختلفة وعناوين انتمائية متعددة، وعلاقة مع التاريخ، وعلاقة مع الماضي، والجذور، والاصل، والسلف، والسلالة. وهذه العلاقة تتمثل بعوامل وراثية جينية أو عوامل تراثية وتقليد عوائل له طابعه التاريخي، نجد للاسم فيه نصيب كبير، فنرى كثير من القبائل العربية أو العوائل التي تمجد تاريخ قبيلتها وتراثها تتجه إلى احيائه عبر المسمى، في عودة للعقب الاول.

ما هو ملاحظ أن المسميات الشخصية في عالمنا الإسلامي له أبعاد مختلفة لا يمكن حصرها بالعامل العشائري وامتداداته، بل عاد يمثل انتماء وولاء واعتراف وتقليد واعتقاد وحب وكراهية، فنجد مثلا أن الشيعة لا يسمون اسماء أبناءهم الا بأسماء يطلقون عليها أسماء ولائية تظهر حب الأشخاص الى من والوا من أهل البيت، ولا يمكن أن نجد موالي يذهب إلى تسمية أبناءه أو كل من له حق تسميته أن يختار الا من أسماءهم أو منهم أو قريب منهم أو من دلالات هذه الأسماء.

عندما نملك تلك القناعة ازاءهم ومسمياتهم يكون من غير الممكن تصور اسماء من غير طائفة تكون بينهم، مثلا اسم ابو سفيان أو اسم معاوية أو اسم يزيد أو اي اسم من اسماء ما يعدون أعداء ال محمد عندهم اي الشيعة.

أما السنة فنجد كذلك مسمياتهم تتمحور حول معتقدهم فتجدهم ايضا يذهبون إلى تسمية أبناءهم وما يملكون حق تسميته بأسماء كابو بكر وعمر وعثمان وطلحة والزبيب وعائشة وغيرها كثير. وهناك أيضاً من الفرق والمذاهب الدينية التي تسمي بأسماء علماءها ورجالها وشخصياتها مؤكدين بذلك عمق الاصطفاف المذهبي والتأصيل الاجتماعي والسياسي لهذه المسميات.

فالكنى والألقاب والمسميات اخذت بعدا جدليا في تراث العرب والمسلمين فبين تأثير الاسلام عليهم بأسماء ذات بعد عقائدي، وبين تأثير العروبة عليهم في تسمية اسماء من عصر الجاهلية والشرك، تبقى تاخذ أبعاد بين احكام دينية تكره أو تحبب لهم هذه الأسماء.

فحركات مثل داعش والقاعدة وبوكو حرام وغيرها من الحركات المتطرفة اتخذت مسميات لقادتهم ومجنديهم تحمل اسماء من السلف الذين يعتقدون بهم قادة وأئمة وعلماء لهم. مثل هذه المسميات ابو بكر البغدادي أو ابو قتاده أو ابو حفص وامثالها والغريب أن حتى المجندين من جنسيات أخرى فرنسيين وامريكان وافغان وغيرهم من الجنسيات التي لهم اسماء بعيدة عن المسميات العربية أو الإسلامية مثل جاك أو مايكل، بداوا يطلقون على أنفسهم اسماء سلفية إسلامية. متيمنين بأسماء قادة أسلافهم الذين يعتقدون بقدسيتهم وتمحور الاسلام بهم.

فأعتقد كل المسلمين والعرب أن مسمياتها التاريخية لابناءهم بما يمثلاه من قيمة عروبية أو إسلامية إنما يجسد القوة في مسميات القوة ويجسد القداسة والطهارة في مسميات القداسة، مثل هذه الأفكار حضرت وأثرت على طبيعة اختيار الاسم عند المسلمين والعرب بقوة. مثل تسميات داعش وكناهم والقابهم بخالد ابن الوليد أو سعد بن ابي وقاص وغيرهم من الأسماء التاريخية،

ولا يقتصر الأمر على أسماء الأشخاص بل حتى مسميات الحروب والمعارك، كمعركة أحد أو بدر وغيرها من حروب المسلمين الذي استثمرت مسمياتها بشكل معاصر حتى يربطوا اجيالهم بتاريخ أسلافهم الذين يمجدوهم بهذه الطريقة. ويريدون أن يفرضوا الاسلام على العالم عبر هذه المسميات الذي شغفوا بها واظهروها للعالم على أنهم جذلة الدين وصفوته وقادته، وهذا الإختيار الاعمى الغير موضوعي للمسمى وتاريخه قد صادر كثير من حقائق الدين وهوية التدين وهذا ما يحتاج إلى قراءة جديدة حتى تتجاوز الأجيال العربية والإسلامية خلاف وثقافة الصفوة المزيفة التي تتخذها لنفسها بلا عقلانية وبلا حق يستحق.

 

 الدكتور رائد عبيس

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم