صحيفة المثقف

كيف نتعامل مع لغة القران الكريم كمنهج سماوي؟

عقيل العبودان قراءة القران معناها التدبر في آياته سبحانه وتعالى، والتدبر هذا قد يكون لغويا بادئ الأمر وفقهيا وفلسفيا لاحقا.

والموضوع برمته هو انفتاح العقل بإتجاه جميع العلوم بمجراتها وآفاقها وأفلاكها ان صح التعبير، بما يتواءم اي يتفاعل وأنماط التفكير البشري في ملاحقة واستكشاف المعاني العميقة للموضوعات والمسائل المختلفة ودلالاتها. 

هنا من باب الإشارة، اللغة العربية تختلف عن الكثير من اللغات، كونها عبارة عن حروف وكلمات لها حركات، فالكلمات لا تفهم معانيها الا بالحركات حيث الفتحة والضمة والكسرة والسكون.

فكلمة كَتَبَ التي تتشابه في حروفها مع الكلمة التي تليها مثلا تعني wrote، وكلمة كُتُبْ تعني books. وهذا معناه ان الحركات هي التي تصنع نصاب الكلمات لتأخذ معانيها الصحيحة.

 واية (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ)، تشير إلى ذات المعنى، فكلمة تعقلون تعني تشتغلون بعقولكم وصولا الى مفاهيم وتفسيرات متعددة بما يتناسب وامكانيات الإحتمالات التفسيرية والتأويلية للخطاب القراني، وللإشارة فإن العقول لا تعني العقول فقط، بل القلوب، حيث علاقة التفاعل السمعي والبصري والوجداني بحسب الخطاب القراني.

حيث ورد: (وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ ۚ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَٰئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا).

إذن هنالك أوجه وآفاق بها تتسع دوائر الموضوعات والقضايا لإستنباط مفاهيم اخرى.

علما ان لكل كلمة في اللغة تفسير يختلف عن تفسيره في اللغات الاخرى.

 والشعور والعقل وجهان للعلاقة السوسيوبايولوجية الجذور. socio-biological reaction

من هنا فإن المنشأ الأنثروبولوجي للجذر الحضاري للكلمة يشير إلى التطور الإجتماعي والجيني بما فيه قضية التفكير وقدرة العقل التطورية للتعامل مع الإشكاليات والمسائل بحسب آلية تغير النظام الاجتماعي والثقافي.

وهذا موضوع بحث أكاديمي صرف، باعتبار انه يتعلق بدراسة تاريخ المجتمعات والثقافات وكياناتها المختلفة ومقارنتها ودرجات ارتباطها بالحضارات والأديان.

فالكلمة لها مضامين ومحتويات اجتماعية وثقافية ودينية بناء على ارتباطها التطوري الحضاري، وليس مضمون ومحتوى واحد، ما يدل على ان لغات العالم لها حضورات حضارية متشعبة.  

 والتفسيرات اللغوية تتبع الثقافات، فكلمة المتنور أوالمتيقظ لدى البوذيين مثلا، تعني الحكيم بحسب الثقافة الإسلامية، وكذلك المعنى مختلف مع باقي اللغات الواردة في الكتب السماوية.

فالتوراة وجميع الكتب المقدسة تضم في إنشاءاتها كلمات متشابهة وجذورها تنبض من رحم المرجعيات التاريخية لها، كونها في مدلولاتها الخطابية قائمة على اساس التنوع والتلاقح والتواصل، وهذا ما اراده الله سبحانه.

ومنه قوله سبحانه:

(وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً ۖ وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ)، بمعنى ان الله اراد للحضارات ان تتلاقح وجسور هذا التلاقح هو اللغات، Linguistics.

 

عقيل العبود

.............................

- سورة يوسف ١

- سورة الإسراء ٣٦

- سورة هود ١١٨

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم