صحيفة المثقف

تظاهرات عمالية في العراق الجديد

كاظم الموسويعادت من جديد تظاهرات العمال في أركان الوطن المبتلى، الغني بالثروات والطاقات والفقير بالإنجازات والخدمات. كانت التظاهرات العمالية مؤشرا واضحا عن انسداد افاق التعاون بين العمال وأصحاب رؤوس الأموال والعمل، وكانت السلطات تواجهها بالنار والحديد. واليوم عادت التظاهرات لتكشف عن استمرار الأزمة وان اختلفت الظروف.

الحركة الصناعية والتجارية في العراق تعرضت لضربات قاتلة وخطط مميتة، فعطل العمل في الكثير من المصانع والمعامل، ولكل اسبابه، وأبرزها الحروب والصراعات الحربية العسكرية الدموية. ومن بقي من المصانع والمعامل لم يجر تحديثه وتطويره والحجج كثيرة والتبريرات اكثر. ولما تزل خطط الاعمار والنهوض العمراني في العراق موضع جدل وتباين رؤى، لأنها إذا ما نفذ منها ما يخدم تطوير البلاد وتقدمه فإن هناك من يعمل بالضد منها ويسعى فعليا للإعاقة والتاخير، ولا يجد أحد جوابا شافيا كافيا لما عليه الحال اليوم.

أغلب التظاهرات سلمية وبقيادة أو بتنسيق مع النقابات، ومطالبها مهنية وتركز على المصالح الوطنية، فمثلا عمال محافظة ديالى يطالبون بصرف أجورهم ومستحقاتهم المتأخرة، وفتح المصانع ودعم المنتج المحلي. وعمال محافظة النجف يطالبون بزيادة الأجور وضمان الحقوق التقاعدية. أما عمال محافظة كركوك فكانت مطالبهم بتفعيل الصناعة المحلية وعدم استقدام أياد عاملة من خارج البلاد، كذلك طالبوا بحقوقهم، وحماية المنتج الوطني ودعم الصناعة. وفي محافظة البصرة تظاهرة نظمها اتحاد نقابات العمال بالاشتراك مع غرفة الصناعة في المحافظة للمطالبة بحماية المنتج الوطني ودعم قطاع الصناعة للنهوض بالاقتصاد العراقي.

قال رئيس غرفة الصناعة في البصرة ماجد رشد عبد الله لوكالة أنباء "السومرية نيوز"، إن "المشاركين في التظاهرة احتشدوا قرب مقر اتحاد نقابات العمال في شارع السعدي للمطالبة بدعم المنتج الوطني ودعم الصناعات الوطنية وتحسين ظروف العمال وتقديم تسهيلات كمركية خلال استيراد المواد الأولية"، معتبراً أن "الاقتصاد العراقي لا يمكن أن ينهض ويتطور من دون تشجيع الصناعة الوطنية وحماية المنتج المحلي من المنتجات المستوردة المنافسة".

رئيس اتحاد نقابات العمال في البصرة جاسم محمد الصالحي  صرح للوكالة نفسها، إن "مطالبنا الأساسية هي دعم الصناعة الوطنية، وتمكين القطاعين الخاص والمختلط، وتقليل الاعتماد على الثروة النفطية، وحماية حقوق العاملين في المنشآت والمشاريع الصناعية"، موضحاً أن "من الضروري تشغيل المصانع الحكومية المعطلة، وتفعيل السيطرة النوعية للحد من تدفق البضائع المستوردة الرديئة ". ولفت الصالحي الى أن "التظاهرة تزامنت مع تظاهرات مشابهة في محافظات أخرى دعا اليها الاتحاد العام لنقابات العمال"، مضيفاً أن "مطالبنا ستقدم من قبل الاتحاد الى مجلس الوزراء، وستكون لنا تظاهرات ووقفات أخرى في حال عدم تلبيتها".

واضاف رئيس الجمعيات الفلاحية في البصرة حامد عبد الله بإن "تنشيط القطاع الصناعي سوف يقلل البطالة ويلقي بظلاله بشكل ايجابي على قطاعات أخرى من ضمنها الزراعة"، مبيناً أن "القطاع الزراعي بحاجة الى وجود معامل للألبان ومصانع للتعليب وإنتاج منتجات زراعية من بينها معجون الطماطم".

اما عمال محافظة كربلاء فقد أعلنوا عن  13 مطلباً في تظاهرتهم امام اتحاد النقابات العمالية في المحافظة للمطالبة بحقوقهم المشروعة. وكانت أهم المطالب في بيان التظاهرة، التي تلخص أغلب المطالب وتعبر عن وضع العمال والعمل والنقابات:

1 ــ عمال العراق بناته الحقيقيون يناشدون الحكومة بتلبية مطاليبهم المشروعة وتفعيل الصناعات الوطنية.

2 ــ الاتحاد العام لنقابات العمال يطالب الحكومة بحماية المنتوج الوطني.

3ــ الطبقة العاملة العراقية تدعو الحكومة في دعم القطاعين الخاص والمختلط والتعاوني وتفعيل دورها في دعم الصناعة الوطنية لتحجيم البطالة.

4ــ اعادة الحياة والادامة الى مصانعنا واعادة العمال الى المصانع والشركات هدفنا ولن نتراجع عنه أبداً.

5 ــ صناعتنا هويتنا/ شعار يرفعه عمال العراق لتحقيق الازدهار والنمو الاقتصادي للوطن صناعتنا مطلبنا.

6 ــ البطالة آفة المجتمع/عمال العراق يطالبون ب"الحد" من استيراد العمالة الاجنبية.

7 ــ حماية المنتوج الوطني تقع مسؤليته على عاتق الحكومة ونطالب بايقاف استيراد السلع المماثلة وقوتنا في النهوض في صناعتنا.

8 ــ شهداء الطبقة العاملة العراقية/ شموع انارت طريق النضال لتحقيق المصالح العمالية.

9 ــ تثبيت عمال الاجور اليومية والعقود للعمال.

10 ــ تخفيض نسبة 50 % من الضمان الاجتماعي للعاملين المشمولين بقانون التقاعد.

11 ــ الاسراع بتوزيع قطع اراضي مقررة للعمال حسب كتاب رئاسة الوزراء المرقم {30092} في 25 / 9 / 2013 .

12 ــ مطالب عمال النقل في كربلاء/ مرائب كربلاء على الارصفة نطالب بتوفير كراجات رسمية بدلا من الساحات الاهلية اسوة بالمحافظات الاخرى.

13- زيادة حصة النفط للمخابز والافران مع تخفيض أسعار الوقود.

ومثل عمال كربلاء وباقي عمال المحافظات حمل عمال وفنيون في وقفة احتجاجية في محافظة الموصل مطالب ايضا متكاملة ومتابعة للمطالب العمالية في العراق الجديد.

بعد تصاعد التظاهرات العمالية انتبه السياسيون لها ودعوا إلى تفعيل العمل النقابي وتشكيل مجلس اعلى للاتحادات والنقابات المهنية. وهو مطلب عمالي قبل أن يكون مدخلا سياسياً، أو نشاطا إضافيا للأحزاب والقوى السياسية.

حسب بيان تلقت وكالة "الغد برس" نسخة منه، إن "تعزيز العمل النقابي وتفعيل دوره ستكون له انعكاسات ايجابية في اقامة بنيان اجتماعي واقتصادي مزدهر، فضلا عن رفع المستوى المعيشي للشرائح الكريمة من قوى الشعب العامل واحتضان الكفاءات والطاقات والاستفادة من خبراتها على الصعيد الوطني".

وتابع البيان "عقدنا لقاءات مع العديد من الاتحادات والنقابات البارزة في العراق، وقد استجاب العديد منها لتلك الدعوة وفي مقدمتها الاتحاد العام لنقابات العمال واتحاد الصحفيين العراقيين واتحاد الجمعيات الفلاحية والاتحاد الديمقراطي لطلبة العراق ونقابة الفنانين ونقابة المحامين ونقابة المهندسين الزراعيين"، داعيا الى" تأسيس مجلس اعلى للاتحادات والنقابات والجمعيات المهنية، ليكون الممثل الحقيقي المدني لقوى الشعب العراقي العامل".

تصاعد التظاهرات مؤشر واضح للأزمة المتفاقمة وجرس انذار مبكر ودعوة للبحث عن حلول استراتيجية للتنمية والعمران والتقدم في العراق الجديد. كما أن تجاهلها أو عدم الإنتباه لها وتلبية مطالبها يسهم في العرقلة والتأخر ودمار البلاد والعباد.

 

كاظم الموسوي

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم