صحيفة المثقف

في ثمالة القَحْط

خيرة مباركياليومُ .. مختلفٌ ..

وإحسَاسِي مخْتلِفٌ ..

ظنَنْتُني لن أنتظرَكَ

وستَهرَعُ عيْنَاكَ تبدِّدُ سرَّ السَّحَابِ ،

في شِفَاهِ اليَمَامِ ..

تُكَفْكِفُه بلَواحِظِ الصَّقْرِ ..

وتَصْقُلُهُ نَغَمًا سلْسالاً

يَبتهلُنِي لحْنَ شوْقٍ ..

وينقُشُ أحْلامِي القديمةِ منْ سعَفِ التَّوْقِ ..

اليوْمُ .. شُعُوري مُختَلفٌ ..

وانتظارَاتِي تخْتَلفُ ...

ما وجَدْتُك في صبَاحِي ..

وَلا ترشَّفتُ  لحظاتَكَ منْ فنْجانِ قهْوَتي

محضُ صوْتٍ لبقَايا نسمات تجمّدتْ

........................... شرِبها الزَّنبَقُ المُنْفعِلُ

وَهُو يطارِدُ صَدَى الأغْنِياتِ الصَّباحيَّةِ

في عِطْرِ الرُّبَى ...

لم تنبِّهْ غفْوةَ  الياسَمِين مِنْ عزّ سُهادِه

فالنَّدى بخِلَ بشَهْدِه .. والفؤاد اكتوَى !!

اليومُ .. إحسَاسِي مُختَلفٌ ..

وشَمْسِي تخْتَلِفُ، تُرتّقُ  أشِعَّتَها الحزينَةَ

مِنْ أشرعَةٍ مُسَافِرَةٍ

بلا جَواز ..

في ريعَان الولَهِ

ترسُم جوعَنا الدّهريّ في مَحامِلِ الأنْوَارِ

بين صَحْوَةِ القَحْطِ، وفَوْرَةِ المَطَرِ

في تعْويذَةٍ سَكْرَى !!

اليَومُ قَلبِي مُختَلفٌ .. ونَبْضي يَخْتَلِفُ..

يُنازِعُ الصّبْرَ مِنْ يَقِينِ أيُّوب ..

يُرَوِادُ الكُحْلَ مِنْ عُيُونِ الهَدِيلِ ..

مِنْ عُروُقٍ نَحيلَةٍ تَصَّعَّدُ في رُوحٍ ظامِئَةٍ

تهْذِي فِي زَوايا قَصِيدَةٍ قَدِيمَةٍ ..

وتَسْتَجِيرُ بوَحْيٍ صَامِتٍ فِي سُكُون العَواصِف ..

انْتَظَرْتُكَ ...

كالهَجِيعِ  للصّبَاحِ  ..

كَرَحْمَةٍ فِي رُجُومِ الذّاكِرَة ..

تقْتَنِصُ اليَبابَ منْ متاهاتٍ  عِجَافٍ

تَنْسجُني بُرْدَةَ غَرِيبٍ مُهَاجِرٍ،

وَيشْتَعِل الجَوَى  مِنْ ليْلٍ طَويلْ

يُطْفئ جُوعَ اليَتَامَى فِي ثَمَالةِ القَحْطِ ...

وأنا التِي رَسَمتُك ابتِهالات غيْم ..

أنْشَدْتُكَ شَهْوَةً في وِحَامِ  الرّبيع ..

فيَاللخَريف وهُو يتَمارضُ في

مُنْعطَف اليَقين..

يُدَثّر  الجِراحَات القديمة بالقَصَائدْ ..

ويبْتَسِمْ !!!

***

خيرة مباركي - تونس

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم