صحيفة المثقف

الإدارة الأمريكية تقدم شهادة إدانة لها

كاظم الموسويليس أمرا جديدا اعتراف الإدارة الأمريكية أو مؤسسات فيها بدور الجمهورية الإسلامية في إيران بمحاربة الإرهاب وحماية جيرانها من انتشاره، وتقديم مساعدات كبيرة في هذا الشأن. ولكنها ولاسيما تحت إدارة الرئيس الحالي دونالد ترامب ومساعديه الحاليين، سواء مستشار الأمن القومي جون بولتون أو وزير الخارجية مايك بومبيو، وبعض مستشاريه الآخرين ينكرون علنا ويعترفون سرا أو بينهم واطراف أخرى. كما هو الحال في ما صرح به السفير الإيطالي السابق في بغداد ماركو كارنيلوس، (سبوتنيك 2019/04/21) عن اعتراف المسؤولين الأمريكيين وإقرارهم خلال لقاءاته بهم بأن الدعم الإيراني هو الذي أنقذ العاصمة بغداد وأربيل من السقوط بيد تنظيم "داعش" الإرهابي.

وقال كارنيلوس في حوار مع صحيفة "إيران فرونت بيج"، "لقد عقدت عدة لقاءات مع المسؤولين الأمريكيين وأقروا خلال الاجتماعات أنه لو لم يكن الأمر يتعلق بالتدخل الفوري لإيران في العراق في عام 2014 فإن بغداد وأربيل كانت ستسقط بيد تنظيم "داعش" الارهابي"، كما نقلت وكالة "فارس" وعنها غيرها من الوكالات الاخبارية. وأضاف أن "المسؤولين الأمريكيين يدركون تمام الإدراك الدور الذي لعبه أحد كبار قادة الحرس الثوري وهو الجنرال قاسم سليماني في منع وقوع بغداد بيد عناصر داعش"، وأشار الدبلوماسي الإيطالي إلى أن "سليماني أصبح معروفا الآن على نطاق واسع كقائد لقوة النخبة وآثاره ليست فقط في العراق وسوريا ودول الشرق الأوسط فحسب بل في أي بلد يعاني من أزمة، وهو الآن رمز للدفاع عن المظلومين في العالم". وتابع كارنيلوس، إنه "من خلال تجربتي كدبلوماسي سابق في بغداد، دعاني نظرائي الأمريكيون إلى ترتيب لقاء مع الدبلوماسيين الإيرانيين في العراق لكن الجانب الإيراني يرفض دائما تلك الطلبات"، رافضا الكشف عن مزيد من التفاصيل بشأن ذلك.

هكذا هم المسؤولون الامريكان، وهذه هي شهادة إدانة من حليف لهم يوضح فيها ازدواجية مواقفهم وتناقضات قراراتهم. وما تقوم به الإدارة الأمريكية ورئيسها ووزير خارجيتها ومستشار أمنها القومي خصوصا في تصريحاتهم وقراراتهم في العمل على خنق إيران وشعبها لأهداف لم تعد مخفية، تصب في خدمة مخططات سياستهم الصهيو غربية في حماية القاعدة العسكرية الاستراتيجية لهم في منطقتنا العربية وتدمير كل قوة مستقلة وسيادية في اي بلد في المنطقة. ولعل ما حصل في تدمير جيوش البلدان التي كانت تسمى بلدان الطوق واشغالها بما يبعدها عن الإستعداد الكامل للدفاع عن نفسها من ارهاب القاعدة الاستراتيجية ومشاريعها العدوانية وتخادمها مع الهيمنة الإمبريالية وتفتيتها البلدان وتجزيىء الاوطان والشعوب، جزء من تلك السياسات. ولهذا قامت إدارة ترامب بما قامت به ضد ايران، من الإنسحاب من الاتفاق الدولي حول الطاقة النووية الى إصدار قرارات الحصار والخنق للشعب الإيراني وصناعة عدو منه للمنطقة وتمرير التطبيع مع الكيان الصهيوني وإعلانات عن تحالفات وجيوش مشتركة معادية علنا لإيران وحلفائها في المنطقة.

تسهيلا أو تقديما لهذه الخطوات نشطت الرحلات المكوكية للمسؤولين الامريكان للعواصم العربية والكيان الاسرائيلي وغيرها وبدأت سياسات واشنطن وخططها العدوانية معلنة ولكنها رغم كل ضغوطها وهجماتها لم تحقق الأهداف المرسومة لها، بل أنها مازالت تتعثر في خطواتها الاولى، الا أنها تمكنت من ضبط بعض العواصم العربية للتخادم معها، سرا وعلنا. ولعل الاكثر تراجيديا هو استثمار الإعلام الموجه وعمليات غسل الأدمغة والتشويه الصريح للوقائع والحقائق، وترديدها في وسائل الإعلام العربية المتخادمة مع المخططات الصهيو غربية أو المؤجرة لها أو التابعة لها مباشرة، من مواقع إلكترونية إلى مراكز دراسات أو تحت هذه اللافتة الى الفضائيات، وما أكثرها اليوم، إضافة إلى استخدام وسائل التواصل الاجتماعي المعروفة.

اعترف وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو في مقابلة إعلامية أنه حين كان مسؤولا عن إدارة الاستخبارات المركزية كان يكذب ويخادع ويسرق وهذا جزء من المجد الأمريكي. وهذا التصريح ليس جديدا ايضا ولا تبريرا وانما هو دليل آخر على نهج وسياسة الإدارات الأمريكية واهدافها، وهو يضيف حجة إلى من لم يقتنع بعد، أو مازال مراهنا على السياسات الإمبريالية أو مرتهنا بشكل أو بآخر بها، بوعي منه أو بجهل، بقصد منه أو مخدوعا منها، يضيف شهادة واضحة بلسان مسؤول امريكي لا يزال في الوظيفة ولايزال يمارس كل ما قاله وفعله. وهذا التصريح دفع الصحفي الأمريكي الذي استمع لهذا الهراء الأمريكي/الشهادة الناطقة، الى القول، هذه ليست سيرة وزير خارجية هذه سيرة شيطان. فهل هناك أكثر من هذا بعد؟!.

لقد كانت تصريحات السفير الايطالي توضيحا أوليا فقط، وأن ضمير هذا الرجل هو الذي كشف ما وراء الأسطر من تصريحاته، وهي بكل الاحوال شهادة منه ودليل مثبت، آخر يفضح ما قاله الوزير في اعترافاته الشخصية التي اعتبرها مجدا لبلاده. أن سياسة الكذب والخداع والتهويل هي جزء أو هي رأس جبل الجليد، أو بعض الفضائع والجرائم التي ارتكبتها الإدارات الأمريكية ومارستها في تاريخها المظلم، سواء داخل الولايات المتحدة الأمريكية أو خارجها.

وليس آخرها ما يرسم ويخطط ضد الشعب الايراني والمنطقة، فكل الإجراءات والقرارات الأمريكية تستهدف اكثر من هدف لها، وتسعى إلى تحقيق اكثر من اعلاناتها أو تصريحات مسؤوليها العلنية. والا فلماذا كل هذا الهجوم والحملات المتواصلة على صعد مختلفة ومحاولات زرع الرعب والخوف والفتنة وعدم الاستقرار، ليس في بلد واحد وحسب، ليس في إيران وحدها بل في المنطقة كلها، وقد تكون تهديدات شمول العقوبات والاعفاءات وامثالها من الاساليب الارهابية فاتحة لما بعدها، او صورة اخرى لفرض الهيمنة، بصلف وعجرفة، لا تمتثل للقواعد والقوانين الدولية ولا للاعراف والاتفاقيات المعروفة. واية قراءة للسياسات والمخططات توصل إلى ان أهدافها أبعد منها، وعلى شعوب المنطقة الإنتباه والحذر من الانجرار ورائها، وعدم فقدان مصيرها ومستقبلها وثرواتها وربما أبعد من ذلك.

 

كاظم الموسوي

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم