صحيفة المثقف

الهاربان

قصي الشيخ عسكرقبلما تكون هناك زعقة عالية تردد صداها في الضريح التفتَ فوقعت عليكَ عيناه وكأنه، في تلك اللحظة، رآك ولم يرك فقد شك في نفسه وأنت تمر على بعد منه..

وكأنك تعرفه في أي مكان وزمان!

لكنك لاتلاحقه قط.

أهذا هو أنت؟

قبل ساعة أغلق محل التسجيلات القريب هذا المكان . كان ينساب مع أمواج البشر التي تتدلى مائلة عن الشارع الرئيس نحو باب الساحة التي تؤدي إلى الضريح.. .ربما لم يسأل نفسه قط لِمَ يأتي إلى هذا المكان.. .قد تكون العادة هي التي تقوده أو لعلهما قدماه اللتان يطلق لهما العنان من دون أن يدري إلى أين تسيران.. لا بدَّ أن الآخرين إما يأتون مبهورين بالمكان أو يزورون متضرعين بل هناك من يأتي ليستريح من عناء يومه المهم أنه يأتي كل خميس فيظل ساعة أو أكثر ثم يغادر،ربما يلتقي شخصا يعرفه فيثرثر معه دقائق،أما أنت فمنذ التقيتما على غير موعد وافترقتما في المُحَال وأنت تفكر به من يكون حتى كانت خَطْرَة سبقت كل صوت وارتقت على الخيال كأنك في تلك اللحظة المشحونة بالعواطف – على الأقل من قبلك- عبرت إليه من عالم المُحَال!

صرخة حادة قوية تشبه الأنين الخافت.

حادة كأنين النحل!

بينما كنت حقّا تتصوّره حلما.

كان يشك في عينيه لحظات فالذكرى تكاد تكون بعيدة.. عشر سنوات وبضع لكنك عرفتَه لم تشك فيه قط على الرغم من أن الزمن رسم ملامح جديدة على وجهه مثلما فعلت السنوات بك أيضا .. كان كل منكما في العشرين من عمره والآن أنتما في بداية القرن الرابع.. وهي السنين التي تغيِّرُنا ولاتتغير.. في تلك اللحظة بدا ساهما يتطلع في زخرفة المكان عندما مررتَ فاستدار يتمعن فيك .. شكَّ في عينيه لولا أنك قطعت عليه الهاجس باليقين فصرخت هاتفا أهذا أنت وارتميت عليه باكيا ورحت تنشج بلهاث متقطع.. .

بكلِّ حرقة رحت تنشج.. .

دموع تجمعت سنين وانبجست في لحظة لتختصر الزمن من بعيد..

أكل هذا لأنه منحك الحياة وبعدها تمنيت أن تلقاه وها أنت تلقاه..

تتمنى.. تحلم

وتعود ذاكرتك لتلك الليلة التي أحاطك الرعب فيها خلال الساعات الأولى.. قد يخيم الخوف في جميع الأوقات مع ذلك تكون هناك ساعات خارجة عن المألوف نحسّه يتجلى فيها أكثر من أيّ وقت آخر.. هواجس تغزونا.. حاسة سادسة تقول ..

تتنبّأ..

ظنون تنتاب الخيال فنعرف أن شيئا ما غير عادي سيقع ساعة ما.. ترك صاحبك الذي تراه يتكرّر بصورته الأولى أمامك نجاة نائمة.. قبل أيام تقيّأت،واكتشف وهو يتولى التحليل أنّها حامل حقا.. صدمة له لكن تعود أن يتلقى أسوأ الاحتمالات برباطة جأش حتى قدمت أنت موثوقا بانتظار الموت..

يوم تلاقى فيه الموت والحياة..

عيناك..

هيأتك..

شكلك..

كلّ تلك المظاهر تشير إلى أنك بريء وصاحبك الذي يعدّ إحساسه لا يخيب وهواجسه لا تكذب،لا يشك فيك على الرغم من أنه لم يلتقك من قبل.حامل.. ذهنه مشغول.. صديقته حامل وأنت محكوم بالإعدام فما أثقل الدقائق على صدرك وما أشدّ انكسارك وذلك وهاهو الذي يشك في كل شيء ويحتار في الجنة والنار والحياة الأخرى يخور لدعاء من شفتيك فيلين حتى يؤمن ببراءتك فيتراقص بينه وبينك أمام عينيه حبل قد ينجيك..

مغامرة مكتوب لها النجاح

ومكتوب لها أن تصبح مصيبة عليه وعليك!!

كنت تفكر طول تلك المدة لِمَ فعل ذلك .. الشفقة .. الجنون.. أم حظك الذي ألقاه في طريقك.. ظننته معجزة سطعت أمامكمن حيث لا تحتسب مع ذلك فإنك أصبحت مقتنعا به قناعتك ببراءتك..

لم يكن لديك الوقت الكافي لتسأله إن كان يهرب مثلك حتى لو كان لديك افائض من الزمن فسيبدو السؤال ساذجا لكنه كان يقنعها.. قال لها يابنت الحلال. أنا في ضياع وأنت لاوطن لك.. كيف يكون مولودونا المرتقب. وقبل أن يستهلكه التفكير وتأنيب الضمير ألح على نجاة فلانت واقتنعت، وحين أدرك أنها قبلت - وإن على مضض- أحضر دواء يعرفه بحكم خبرته في مهنة التمريض،كان يسحب دمك ويفكر في يوم غد سيكون معها وهي تجرع الدواء .. . الجنين مازال نطفة .. يقولون لم تدب به الروح بعد وهو لايفكر بالحرام والحلال.. قال عن نفسه لا يدري.. غير متأكد.. الجنة والنار لا يشغلانه.. لايهمه أن يكون ابنه ابن زنا من دون زواج .وهذا مالاتعرفه عنه يقول عن نفسه شخص مادي يكره القتل.. .. شغله نفسه يفصح عنه.. ممرض.. يعني أنه يحاول أن يهب الحياة للآخرين أو ليقل بصيغة أخرى يطيل أمد الحياة.. نجاة وعدته أن تشرب الدواء غدا مثلما اتفقا . قالت له إنها أخطات بحبوب منع الحمل .مازال – أغلب الأحيان- يظن بحسن سريرتها وربما تخطر في باله لحظات يشك في ادعائها .. لكنها صباح الغد أي بعد موتك بساعات تكون انتهت من جنينها..

كيف ترد له الدين؟

هل من المعقول أن يلتفت نحو زعقة المعتوه المربوط في الضريح وفي اللحظة نفسها يجدك أمامه؟

تلك الليلة كما يتذكر جاؤوا بك موثوقا .إلى غرفته.. لجنة ما اجتمعت في الصباح وأدانوك.. قاض وادعاء عام ومحام .. باب مغلق.. خلفك حارس مدجج بالسلاح.. في حالة يرفرف الموت على رأسك لا تعير اهتماما للعدد أو تعبأ بأشكال الوجوه.. .وقفت في مكان ما معصوب العينين .. قال لك أحدهم إنك تحدثت مرارا مع جندي للعدو خلال الغزو.. لم ينفعك قط دفاعك عن نفسك.. في جعبتك أخبار تقيأتها أمامهم سخروا منها.. كلّ ماسمعته من جدك وأهل حارتك صحيح.. قيل إنه فرهود.. الهائجون في بلدك فجروا وقتلوا.. نهبوا البيوت والحارات.. كلكم اشتركتم في الجريمة.. شيعة.. سنة صابئة.. مسيحيون . أثوريون.. عرب أكراد .. كلكم.. اليهود اغتصبوا فلسطين فاغتصبوا بيوتهم.. فخامة رئيس الوزراء يراهن على ربع مليون يهودي لو أرغموا على الذهاب إلى فلسطين لضاق بهم اقتصاد إسرائيل وسوف تنهار الدولة في بضعة أيام.. في ثاني يوم الغزو التقيت الجندي الإسرائيلي. بالضبط وَعُثِرَ معك على بعض نقود من عملة الأعداء وعملة صعبة.. هذه عمالة وخيانة.منحوك دقائق للحديث.. قلت لهم يا رفاق.. ياسيدي.. أنا لم التقه.. عندما أوقف السيارة وعرفني وهو يطالع هويتي ومن حديثي أني ابن بلده تذكر أنه ابن عائلة عراقية فرت من الفرهود والقتل عام 1948 إلى إسرائيل.. تحدث معي اللهجة العراقية البحتة.. لهجة الجنوب وبدا يعاملني بلطف عندئذ طلب المتحدث من الجالسين أن يرفعوا أيديهم إن كانوا يقرون حكم الإعدام.. فوقفت مصعوقا.. أيقنت أنه الموت.. ثم دفعك الحارس إلى آخر فزال القناع عن وجهك لترى أن رجلا قاسي الملامح مُكفَهِرَّ الوجه يقودك إلى مكان قريب من حتفك.. كانت غرفة السجان بين غرفة الطواريء حيث يقيم وغرفة منعزلة جعلوها سجنا لمن يحكم عليهم بالإعدام.. قال له السجان رفيق هذا غدا يموت.. كنت تسمع كل كلمة ولاتنطق.. شفتاك تتمتمان ولابد أن يكون قد سمع تعويذتك.. رفيق يمكنك أن تسحب بعضا من دمه.. لعله القدر أو حبل النجاة جاءا بك إليه شأن الذين يساقون إلى الموت.. كان صاحبك يتلمس شرايين من جاؤوا قبلك ويصد عن النظر إلى وجوههم.. . نحن في حالة حرب يمكنك رفيق أن تسحب من دمه ليستفيد منه الجرحى . ولولا ذلك - يقول السجان ويؤكد- لسحبت أكبر قدر من الدم وأبقيت على جزء قليل يكفي هذا الخائن حتى تحين ساعة الموت ثم دلقت الدم في المزابل لتلحسه القطط والفئران.دم هؤلاء حرام.. .حرام أن يختلط دم الخائن بدم بطل.. وحين أنهى جملته فكَّ وثاقك،ولكزك بظهرك فعدت تتمتم وقد مددت ذراعك وحسرت عن عن ساعدك فراح يجس عرقك،وفي ذهنه تقفز فكرة ما .هل سمعك حقا.. نجاة والإجهاض.. وهربك .. كأن قدومك شجعه إذ وجد فيك مغامرة جديرة بالاهتمام.. كان ذهنه منشغلا بالتعامل مع الحارس الذي لم يغفل عن رشاشته الكلاشنكوف تحسبا لأي أمر.. يضيف ساخرا لو كان عنده دم لما خان فالتقت عيناك بعينيه وكانت شفتاك تتحركان وحين فرغ من سحب زجاجة قلت هذا يكفي .. وكان يود أن يعطيك كأس شاي كما يفعل مع كل متطوع متبرع بالدم غير أنك تختلف عن الآخرين والحارس الذي ترك يديك حرتين وظهرك مستندا للرشاشة أمرك أن تسير إلى الغرفة المجاورة لغرفته فدفعك إليها وأغلق الباب.عاد ليقول هذا،رفيق،جاسوس اكتشفته مخابرات المنظمة يعمل لمصلحة العدو ..

هل وجدوا معه مستمسكات.

نعم رفيق بعض الوثائق ونقود كثيرة!

وماذا غير ذلك ؟

اتصال مع جند العدو!

قد يكون صمتك الغريب هو الذي أثار شفقته.لم تنبس بحرف سوى أن شفتيك كانتا تلهجان بكلمات مبهمة إليه قريبة منه.أنت الوحيد من المحكومين بالموت لم تتكلم.قبلك بعدة أشهر حكمت محكمة المنظمة بالموت على رجل في الأربعين من العمر. الحارس يقول عنه إنه خاض معارك كثيرة مع العدو لتُِكتَشَفَ بعدئذ خيانته.. لم يكن يصدق ذلك الرجل أنه يموت قبيل الفجر.كان يظنها لعبة.. التهمة بحقه .. المحكمة.. نَقْلُه إلى غرفتة الطواريء.كلها لعبة أو مجرد اشتباه سيزول بعد ساعات.بدا ساخرا من كل شيء.شجاعة أقرب إلى الرعونة.. هذا مايذكره صاحبك وهو يتحسس ذراعك.. .. كان يقول للحارس شامتا:

سترى بعد ساعة كيف تسير الأمور!

فنفث الآخر الهواء وقال:

مسكين لم يتحمل الصدمة.

أية صدمة رفيق هؤلاء جواسيس ممثلون بارعون!

بل أنت المعتوه.. إنه اختبار لقد اعتاد الرفاق أن يختبروا قوة أعصاب المقاتلين .أحيانا يجد أَيّ منا لذة في اللعب مع الموت لتأجيله حتى حينٍ على الأقلّ لكن أحياناً أخرى وهي الطريقة الشائعة نتجاهله،وبعد ساعة أو ساعتين ترى بأم عينيك. كان يكابر الموت فهل توقعت أن تكون قبيل الفجر بمنجاة عن الهلاك؟أو هل فكرت قليلا بالمحال؟..

ولعل الممرض لم يصدق ماقيل عنك وعن معظم الذين أخذ منهم دما ليموتوا فيما بعد ومن حسن حظك أنه كذب أذنيه .. وسمع ثمّة دعاءك.. ربَّما شك في الآخرين الذين اتهموك.. .في حين كان الحارس يبدي أسفه كونك من العراق ويسترسل: أنتم العراقيين أبطال لاتخونون لكن هذا حالة شاذة .

كم قنينة دم سحب قبلك من أذرع مدت إليه لمتبرعين وآخرين محكومين بالإعدام.. ربما لم تدرك والموت يحوم حولك أن الحارس والممرض الخفير كانا يقضيان الليل كله بالثرثرة.. غاية مافعلته أنك قبل أن تأتي إلى هذا البلد مندفعا بحماستك المعهودة زرت المكان هذا شأنك كلما وقعت بضيق كل مرة وتضرعت لصاحبته ثم خرجت متفائلا إلى البلد المجاور. شعرت بحرية حينذاك ولم تلتق بصاحبك بعد ولاتعرفه حق المعرفة كان يرى الحياة سفرة قصيرة مهما طالت لاتتكرر.. ويقول مع نفسه متهكما هذه العظام القذرة المتحللة لمن ماتوا ويموتون في يوم ما كيف تجتمع ثانية .. خرافة نكتة ابتكرها المتفائلون وقبلها المتشائمون سوى أنه لايستطيع أن يمنع نفسه من زيارة أماكن ترتادها أنت بحكم العادة أو يراها فرصة يوم الخميس للقاء بعض العراقيين الذين هجرتهم حرب الخليج الأولى من بلدهم فجعلوا ضريح السيدة مكانا يلتقون عنده نهاية الاسبوع..

مع ذلك فقد أخذته الشفقة عليك وربما زاد من إحساسه أنك كنت تتمتم بدعاء قد يكون سمعه من شفتي والدته أو أبيه ذات يوم فغامر معك. أول الأمر كان رأسك مغطى بكيس أسود كنت مع سجان أكثر قسوة من سجانك الثاني فعرف بغريزته أن شخصا قدم تفوح منه رائحة القتل .حارس ما.. ليس هو الحارس الذي قدم مع أول محكوم بالإعدام قام صاحبك بسحب دمه. أو الحارس الذي أتى بمحكوم آخر. كانوا كل مرة – على ندرة حدوث ذلك- يغيرون الرفيق الحارس المرافق الذي يصحب الأحياء الموتى إلى الوحدة الطبية. كان حارس الاستقبال وحده لايتغير. استلم أمر وفاتك على عجل .رائحة الموت في أنفك وطعمه يبلل شفتيك.. من يقدر على حكم الفناء.. هربت من حرب بين بلدك والجيران تراها عبثا لئلا تموت عبثا وقبل أن يطل صباح الغد تصبح عبثا.مصادفة غريبة .. لاتتكرر أبدا.. لابد أن تموت بعد عملية سحب الدم بساعات.. كل ذلك كان غائبا عنك.. جندي العدو تطلع في هويتك وابتسم.. سألك عراقي؟ أجبت بهزة من رأسك .ساورك خوف في البداية.. أول لحظة تسرب الدم إلى رجليك.. قال لك جدك هاجمناهم وطردناهم من بيوتهم.. قنبلة انفجرت في حيهم فهرعوا مذعورين كالكلاب.. يسألك جندي العدو بابتسامة واسعة وصاحبك الذي لاتعرف اسمه سجل رقمك في ذهنه. كدت تكون الحالة العاشرة على حد علمه إذ غالبا مايجلبون المحكومين بالإعدام في الليل ومن حسن الحظ طلقة ثم ينتهي كل شيء.. ماذا نفعل قالوا نحن في حالة حرب .معنا متطوعون من بلدنا و جميع العالم .من العرب والأجانب.. لابدَّ أن تحدث خيانات ولو كنا في ظروف أخرى لألغينا عقوبة الإعدام. لانقدر الآن أن نتساهل في الأمر.. الظروف إنها ظروف الحرب وإلا سوف نكون في حال أسوأ مما عليه الآن.

كان الناس يتمسكون بالشباك وأنت مُلْقٍ برأسك على كتفي صاحبك وتنشج .. رَبَتَ على كتفك ودفعك برفق عنه وأنت مازلت تهتف:

هذا أنت!

المنظمة.. الدم .. الُلقَى الورقة النقدية.. كل الذين كانوا من حولك استرسلوا يثرثرون ماعدا ذلك الشخص الذي أخذ يسحب دمك.. فيؤكد لك بابتسامته أنه هو.ابتسامته المعهوده التي شابها شيء من الضيق يوم مددت ذراعك له.. دم وإن كان لجاسوس فإنه كالميتة ولحم الخنزير ينفع عند الضيق.. وددت لو طال الوقت غير أن صيحة من جانب الضريح لفتت نظرك. كان هناك صبي مصروعا ألقته أمه على الشباك وفي عيني الأم التي اتشحت بالسواد رجاء ما.أمل ما مثل رجاء دافيء لم تشعر به داهمك بعد أن تسرب دمك تلك الليلة كأن تلك القنينة التي لا تدري لمن ذهبت وهبت لك الحياة، وفي خضم الأحداث تلاشت الصرخة وراح الزائرون يلمسون بأكفهم الشباك ويقبلون زواياه ..

مالك ياصديقي أنا هو بالتأكيد!

حقا ذلك أكاد لا أصدق عيني!

لقاؤنا ة ليس أكثر محالا من نجاتي على يديك!

هذه المرة لم ينظر إليك بعطف.. كنت شخصا آخر شك فيك ثم صدق عينيه.. ترتدي بدلة ورباطا.. وشعرك رغم بعض الشيب مصفف بشكل ينم علن الغنى والوقار:

أتشك في ذلك أنا حي بفضلك

فقال بابتسامته الواسعة النبيلة:

يارجل كان ذلك منذ زمن

وأنا أقول لك حاولت أن أعثر عليك بل تمنيت ذلك!

هاهي الأمنية تتحق!

أتعرف قلت لنفسي أن هذا المكان كان وسيظل ملتقى العراقيين لأذهب لعلني أجد صديقا قديما أو من معارفي القدامي ثم كانت المفاجأة

ماذا هل نظل هكذا واقفين؟

حسنا لنذهب إلى ربوة الجبل .. معي سيارة أجرتها وسوف أشرح لك كل شيء آمل أن تقبل!

لك ماتشاء

فوضعت يدك بيده وخرجتما وكان المكان يغص بالزائرين الذين أخذ عددهم يزداد وقد حانت منه التفاتة ربما لم تلحظها إلى الجانب الآخر قبل أن يغادر الباب فظن أن الصبي المصروع يغمض عينيه ويستغرق في نوم عميق أو هكذا خيل إليه وكانت أمه ماتزال ترفع ذراعيها وبصرها نحو السماء وصوت مخفي أشبه بالهمس يتمتم من شخص ما قرب الباب:

بركاتك ياسيدة!

 

رواية قصي عسكر

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم