صحيفة المثقف

فـصـل مـن كـتـاب الـعـشـق

يحيى السماوي"مقاطع من قصيدة طويلة"

يـومـي وأمـسـي فـي الـهـوى خـصـمـانِ

أأنـا الـقــتـيــلُ؟ أم الـظــلــومُ الـجــانـي؟

 

يــتــقـاتـلُ الــضِّـدّانِ تــحـتَ أضــالـعـي:

نــورُ الإلـــهِ وظُــلـــمـــةُ  الإنـــســــانِ 

 

وكـلاهـمـا رغـم انــتـصــارهــمـا عـلـى

بُـقــيــا غـدي الـمـأســورِ  مُــنـهَــزمـانِ

 

فـأنــا عـدوّي فـي الـطِّـعـانِ ونـاصـري

وأنــا وقــودي والــلـــظــى ودُخــانــي

 

عـجـبـاً عـلى غـصـني يُـحـاربُ جـذرَهُ

وتــخـافُ مــن أهــدابـهـــا أجــفــانــي

 

زادي قــلـيــلٌ والـطــريـقُ طــويــلــةٌ

ويــدايَ راسِـــفـــتـانِ .. والــســاقــانِ

 

أســمـاحـةَ الـشــيـطـانِ لـو عـلَّـمـتـنـي

مـكْـرَ الـخـؤونِ  ســمـاحـةَ الـشـيـطانِ

 

حـاولــتُ أكـفــرُ بـالـعــراقِ وأهــلِـــهِ

فـاعـتـابـنـي شــرفـي وشُــلَّ لِــسـانـي

 

وأرَدتُ تــجــربـةَ الـخــيــانــةِ  مـــرَّةً

فــتـحَـجَّـرَتْ مُــقــلـي وهُـــزِّ كــيـانـي

 

وارْتَـبْـتُ مـن نـفـسـي وكـاد يــفــرُّ مـن

صـدري فــؤادي واســتـحـى قــرآنـي

 

غـنَّـيـتُ والـنـيـرانُ تـشـربُ مـن دمـي

وأنـــا أســـيـــرُ الــرعــبِ والأحــزانِ

 

لـيْ طـبـعُ بـاديـةِ الـســمـاوةِ رمــلُـهــا

لـمْ يــشــكُ جـمـرَ الـقـيـظِ لـلــغــدرانِ

 

 أمـســكـتُ عـن زادِ الــمَـراءةِ نـابــذاً (1)

إلآ الــمَــروءةَ فـي صـحـونِ خِـوانـي

 

كفـرتْ بـغـيـرِ ندى الـفـراتِ فـراشـتي

وأبـى ســـوى أمــواجــهِ بــســـتــانـي

***

يـــومــي بــهِ لـــيـــلانِ مُـــتَّــصِــلانِ

أمّــا صــبــاحــاتـي فــبـعــضُ ثـــوانِ

 

يـشـكـو زمـانـي لـلـمـكـان ويــشـتـكـي

زمـنـي الـمـؤرَّقُ مـن  جـفـاءِ مـكـانـي

 

قِـدِّيــســةَ الـشَّـهَـواتِ آيـةُ عِــشــقِـنـا

أنّـا بـِـعَــرفِ الـعـشــقِ مـجـنـونــانِ

 

ما أنـتِ يـا أنـثى الـخـيالِ؟ ومـا أنـا؟

جـنٌّ وأنـسٌ .. كــيــفَ يــجــتـمـعــانِ؟

 

نـلـهـو كـمـا زُغــبُ الـقــطـا لـكــنـنـا

حـيـن اقــتـحـامِ ريـاضـنــا صــقــرانِ

 

إنـي عـثـرتُ عـلـيَّ فــيــكِ فـحـاذري

أنْ تـخـبـري الـعـذّالَ عـن عــنـوانـي

 

مـنـذ الـتـقـيـنـا والـسـحـابـةُ مـنـزلـي

والـمُـقـمـراتُ جـمـيـعـهـا جـيـرانـي

 

والـعـاشـقـون جـمـيـعـهـم أهـلي بهم

عَـضُـدي يُـشَـدُّ ويـزدهـي بـنـيـانـي

 

ما الـضـرُّ من قول السـفـيـهِ وزعـمِـهِ

أنّ الــفــراشـــةَ والــنـدى خـصــمـانِ؟

 

كـم ســبَّـنـي مَـنْ لا يُـسـاوي رأسُـــهُ

نـعـلـي وأشـذى من شـذاهُ "سِــيـاني" (2)

 

فـعـفـوتُ لا عـفـوَ الـحـلـيـمِ وإنــمــا

شَـرَفـاً لِـنـعـلـي مـن جـبـيـنِ جَـبـانِ

 

ولـربَّـمـا سـامـحـتُ  فــاقِـئَ مُــقــلـتـي

إنْ كــان ذا أصـلٍ  رفــيــعِ الـــشــانِ

 

حـسـبـي ربـيـبُ الـطـيـبـيـنَ تـوارثـوا

مَــجــداً فـكـانـوا الــتـاجَ لـلــتـيــجــانِ

 

ولــربــمـا سَــبَّ الـصـقـورَ أُرَيْــنـِـبٌ

واعــتـابَ قـردُ الـغـابِ عـزفَ كـمـانِ

 

قـفــزَ الـســفــيــهُ فـلـم يُـجـاوزْ رأسُـــهُ

شِـسـعـي فكـيـف إذا ركـبـتُ حِـصانـي؟

 

مُــتــشــابـهــانِ إذا تَــبَــسَّــمَ وجــهُـــهُ

وقِـــفــاهُ فـهــو بــشــخــصِــهِ إثـــنــانِ

 

لـو كـان قـد خَـبَـرَ الــنــزالَ عَــذرتُــهُ

عُــذرَ الـخـلــيــلِ يُــســاءُ مـن خِــلاَنِ

 

يـا صــاحِــبَـيَّ وهــل يُــلامُ مُــخــنَّــثٌ

فـي غـمـزهِ مـن نـخـوةِ الــشــجــعــانِ؟

 

لا تـســألِ الـمــنــبــوذَ خُــبــزَ مــروءةٍ

ومـن الـجـبـانِ شــمــائِـلَ الــفــرســانِ

 

إنْ كـان يــنــقــصـنـي الـكـمـالُ فــإنـهُ

فـرطَ  الــخــطــايـا كـامـلُ الـنـقـصــانِ 

 

قـطـعـاً لِـكـفّـي لـو تُــصـافــحُ فـاسِــقــاً

وعِــمـىً إذا تــاقــتْ لــهُ الــعـــيــنــانِ

***

أسـمـاحـةَ الـشـيـطانِ شـكوى حـنـظـلٍ

يــشــكــو إلـــيــكَ مَـــرارةَ الإيــمــانِ

 

أسـمـاحةَ الـشـيـطانِ واخـتـلـطَ الـصـدى

مـــا بـــيـــنَ  صــوتِ ربــابــةٍ وأذانِ

 

الـقـائــمـون الـى الـصـلاةِ جـبـاهُـهُــمْ

كـالــقــائــمـيــن الى  كـهـوفِ غــوانِ

 

أســمـاحـةَ الـشــيــطـانِ تـدري أنــنـي

ضِــــدٌّ .. .. وأدري أنِــــنـــا  نِــــدّانِ

 

مـا لــ" ابـن آدمَ  " يــتَّــقــيـكَ لــسـانُــهُ

أمّــا  الــفِــعــالُ فــأنــتـمــا  صــنــوانِ

***

جُـرحـا  قـرنـفُـلــتــيــنِ؟ أمْ شَـــفـــتــانِ؟

أمْ لــلــهـــديــلِ ولــلـــشــــذا نـــهـــرانِ؟

 

صـلّـى صـلاةَ  الـلــثــمِ  بـيـنـهـمـا فـمـي

فـهــمــا بِـديــنِ الــعــشــقِ مــحــرابــانِ

 

ألـفــيــتُــنـي ســبــعـاً أفــيــضُ تــبَــتُّــلاً

مُــسْــتـغــفِـراً مـا مَـرَّ مـن عـصــيــانـي

 

أخـطـأتُ يـومــاً فـاقــتــرفـتُ وزلَّ بــيْ

شَــبَــقٌ فــأخـزى نـشــوتـي ســلــوانــي

 

هـيَ جَـنَّـةٌ أرضــيَّــةٌ ... قـد أعــجَــزَتْ

فـي وصـفِـهــا شــفــتـي وبَـوحَ بَــيــانـي

 

فـيـهـا الـجـواري مُـقــلــتـانِ ومِــبــسَــمٌ

والـنـاهـدانِ وخـصــرُهــا غــلــمــانــي

 

نَـفَـخَـتْ رمــادَ الأمـسِ مـنـي فـانـبــرى

شَــجَــراً وريــقــاً مُــثــقَــلَ الأغـصــانِ

 

ســبـعـونَ لــكــنْ : لا أزالُ طــفــولـــةً

وصِــبــاً ونــهــراً مـن نــمــيـــرِ حَـنـانِ

 

أنـثـى كـمـا يـرجـو الـخـيـالُ وتـشــتـهـي

عَــيــنٌ وتــحـلــمُ بــالــربـــيــعِ مَــغــانِ

 

لـيـكـادُ يـتـبـعـهـا الـرصـيـفُ إذا مَـشــتْ

تـــنـســـابُ فــوقَ الــدربِ نــهــرَ أغــانِ

 

جـازتْ بـيَ الـسـبـعَ الـطِّـبـاقَ ولم أكــنْ

جـاوزتُ قــبـلَ  " بُــراقِـهــا " وديـانـي 

 

فـإنِ اصـطـبــحـتُ فـإنـهـا الـشــمـســانِ

وإنِ اغــتــبَــقـــتُ فــإنـهــا الــقَــمَـــرانِ

 

عــذراءُ مـا افــتــضَّ الـغــرامُ فــؤادَهــا

قــبــلـي ولا غُــوِيَــتْ بـِـعِــقــدِ جُــمــانِ

 

ورِثَــتْ عـن الأمِّ الــعـــفــافَ وعـن أبٍ

تــقــوىً .. وخُــبــزَ الــكـدحِ عـن أخـوانِ

 

تـأبـى ســواهــا لــو شــدوتُ ربــابــتــي

عـزفــاً  وغــيــرَ حـقـولــهــا  غــزلانــي 

 

جـابـتْ بـيَ الــســبــعَ الطـبـاقَ من الـمـنـى

فــإذا الـقــصــيُّ مـن الــقــطــوفِ الــدانـي

 

تـرفــو بـحـكـمــتِـهــا فــتــوقَ حــمـاقــتــي

وتـــصــوغُ عِـــقـــدَ بَـــلاغــةٍ هَـــذيــانــي

 

هـيَ أوَّلٌ فـي الــعــاشــــقــيــنَ وفــاؤهـــا

وأنـــا  ـ إذا ذُكِـــرَ الـــوفـــاءُ ـ الـــثــانــي

 

يحيى السماوي

...................

(1) المراءة : المخادعة ... المروءة : منتهى مكارم الأخلاق ... والخِوان : هو المائدة إذا كان عليها طعام .

(2) السيان : في اللهجة الشعبية العراقية الجنوبية : الماء الآسن . 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم