صحيفة المثقف

الأديب نصرت مردان وتلك الرائحة القديمة

962 نصرت مردانالكتابة عند الأديب والشاعر والمترجم نصرت مردان يوازي أهمية الماء للأسماك. البحر ها هنا، وطن يسمى مدينة النار والنور والقصيدة الضوئية "كركوك " المدينة التي ولد فيها عام ١٩٤٨.

نصرت حين بدا بفك اسرار الكتابة كتب قصة قصيرة ترجم فيه شعوره نحو فدائيي فلسطين وهو يرى تجمعهم تحت راية منظمة التحرير الفلسطينية أوائل الستينيات. وعلى عادة ادباء ذلك الزمان قرر إرسال قصته للنشر في بيروت. طبعا كان عيون الرقيب حاذقا فمسك بالرسالة بمهارته المعهودة في الشرق واقتاد بكاتبنا الى الغرف الأمن السرية والمظلمة ليسأله ويستفسر عن سر تلك الشفرات السرية المرسلة من قبل الفدائيين في القصة التي كتبها والتي كان الفدائيين يتواصلون ويتخاطبون بها بينهم. طبعا كل تلك الشفرات كانت من وحي خيال الكاتب.

أين الأدب الرفيع من رجال الأمن الجهلة حتى النخاع. طبعا بعد التحقيق الممل وتدخل الطيبين بالواسطة اخلي سبيل المراهق نصرت وعاد الى بيته تائبا على ان لا يعاود الكتابة ب "الشفرة".

ليس هذا مجرد قصة رواه لي صديق دراستي والذي سكنا معا في نفس البيت، بل احداها فقط من سلسلة من المحطات في حياة الشاعر الرهيف الذي احب الحياة لان فيها "سلمى" وأحب العراق لان فيها سومر وفرات وبقى على سجيته الرومانتيكية يكتب على قطرات المطر اماله شعرا . كتب لي يوما يقول:

962 نصرت

الاديب نصرت مردان مع باقة من ادباء كركوك

انا ضال والقلب ثمل

 اتكسح في الحانات

لأني افتقدك

طبعا قارئي النبيه انه يفتقد حبيبته "سلمى".

بعد ان اكمل دراسته الجامعية في مدينة ازمير الساحلية عمل مترجما في الملحقية الثقافية العراقية في انقرة والتي كانت فارغة من الثقافة بدونه.بعد دراسة الماجستير عاد الى العراق ليعمل في جامعة صلاح الدين وهنا مرة اخرى احبه الدارسين والتدريسيين وساهم في الحياة الثقافية مع زوجته النبيلة. ثم جائت الأحداث فسقطت أربيل عاصمة الإقليم وسارت الدبابات في شوارعها.

فكتب:

سودا بالغ يان گيدر*

وإشعار كثيرة في مجموعة " شفق" مع عدد من الشعراء المحدثين امثال    محمد عمر قازانچي و الشاعر عصمت اوزجان وذلك لكسر الجمود الذي بقى يلازم الشعر التوركماني منذ عصور. لكنه بقى حالما بمعبودته فكتب؛

إلهي

أنا

لا ا

أبغي الجنة ولا النار

الموت في كركوك

جل مبتغاي

ترك الوطن الكبير والصغير واللجوء الى المنفى الى الجار القريب تركيا مغرة كلفه مع عائلته الامرين.

 وذاق المر في مخيم سيلوپي الحدودي وكانت تلك السنين  " عجاف" وكتب عن تلك الأيام والشخصيات التي عاشرهم عن قرب وذاق هو وعائلته الأمرين من القريب والصديق والرفيق في وداعا سيلوپي..

انتهى به المطاف على ضفاف بحيرة "جنيڤ " الخالدة وبدات رحلة جديدة من حياة المنفى. كتب موسوعة توركمان العراق ونشر فيها كتاباته. كما نشر في المواقع العراقية على الإنترنت وفي الجرائد العراقية وجل المطبوعات في الخارج ونشر ذكرياته عن احدى شوارع وطنه الصغير وأبدع في الحوار والسرد الذي يصل الى درجة القصيدة النثرية. كما ابدع في الكتابة المسرحية وترجم الى العربية معرفا قارئ العربية بالموروث الثقافي والأدبي للشعب التوركماني في العراق.

امنياتي لأبو سومر العمر المديد والصحة والعافية.

 

توفيق التونجي

.................

*تجنح السمكة في مسيرها. عنوان أغنية تركية تراثية.

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم