صحيفة المثقف

الهجوم على الناقلتين في بحر عمان والذهاب إلى الهاوية

بكر السباتيننشب حريق ضخم في ناقلتي نفط عملاقتين محملتين بمادة الميثانول سريعة الاشتعال كانتا في طريقهما إلى اليابان. وقال وزير التجارة الياباني: "تلقيت تقريراً عن تعرض ناقلتين تحملان شحنتين لهما صلة باليابان لهجوم قرب مضيق هرمز".

من جهتها قالت الشركة المالكة لـإحدى الناقلتين"فرونت ألتير" إن الناقلة تعرضت للاستهداف مرتين خلال ثلاث ساعات.

فيما أكدت شركة "كوكوكا سانجيو" اليابانية للشحن تعرض إحدى ناقلاتها لهجوم في خليج عمان، وأن الناقلة التي تعرضت للهجوم كانت تحمل مواد كيماوية. وقد تم إخلاء طاقمي الناقلتين بسلام سوى إصابة طفيفة لأحد العاملين في إحدى السفينتين، وتناقلت الأنباء خبر مشاركة البحرية الإيرانية في إنفاذ أربعين بحاراً ونقلهم إلى مناطق آمنة . ووفق ما نقل عن قيادة الأسطول الأمريكي الخامس المتواجد قريباً من الحادث فقد وصف أحد المشغلين الناجين من إحدى السفينتين المعطوبتين بأنهم تعرضوا لهجوم مباشر من قبل جهة مجهولة .

والمفارقة التي تثير الاستهجان أن عملية الاستهداف للسفينتين اليابانييتين (إحداهما تحمل علماً أجنبياً) تأتي خلال زيارة رئيس الوزراء الياباني، شينزو آبي إلى طهران للعب دور بناء في تحقيق السلام والاستقرار في الشرق الأوسط.. وتحديداً وفق ما يصرح به الإيرانيون أن الهجوم تم قبل ساعة من موعد زيارة رئيس الوزراء الياباني لمكتب الرئيس الإيراني. الأمر الذي سيبدي إيران كضحية أمام العالم في حادثٍ فَتَحَ شهية أعداء إيران إلى صب الزيت على النار وتوجيه التهمة إلى طهران.

إذن فمن هو المسؤول عن حادث تم في منطقة تعتبر ممراً لأكثر من ثلث حاجة العالم من النفط.. فالسعودية تصدر 88 بالمئة من إنتاجها النفطي عبر هذا المضيق، والعراق 98 بالمئة، والامارات 99 المئة، وكل نفط إيران والكويت وقطر.بينما تعتبر اليابان أكبر مستورد للنفط عبر مضيق هرمز بالإضافة إلى الفجيرة وبحر عمان حيث تداعيات هجوم اليوم . فأين تأخذنا التداعيات يا ترى وبيانات الربح والخسارة تؤكد على خسارة الجميع مادياً ومعنوياً.. وهذا لا يخرس السؤال الذي سيأخذنا إلى طرف ثالث، فمن تراه يكون!

يقول خبراء أن هذا الطرف المحتمل يسعى لتوريط المنطقة في أزمة جديدة لتخريب المفاوضات الإيرانية الأمريكية كما (تقول إيران) من خلال إفشال مهمة رئيس الوزراء الإيراني قبل أن تبدأ بساعات.. وهذا بالطبع ممكن!!..

وفي سياق متصل فالمؤشرات تؤدي إلى الرابح المعنوي الأكبر من تأزيم الموقف باتجاه ضرب إيران بغية تغيير النظام؛ لذلك فمن المحتمل أن يكون الموساد قد نفذ العملية بالتنسيق مع مستشار الأمن القومي للرئيس ترامب، جون بولتين الذي يدفع بالتداعيات الأمريكية إزاء إيران نحو المواجهة المفتوحة بغية تغيير النظام.. وكانت جريدة نيوزويك الأمريكية قبل شهرين قد نشرت مقالاً للصحفي الأمريكي سينا توسي، وهو باحث بالمجلس الإيراني الأميركي الوطني حيث قال بأن أفضل طريقة لتجنب حرب مع إيران هي إقالة جون بولتون.. فهل صدق حدسه في هذه الحادثة رغم أن كوابح هذا المستشار إزاء هذا الهجوم تحاول وضعه في منطقة المراقب الموضوعي من خلال تلميحاته إلى إيران دون اتهام مباشر.

ومنذ الصباح والفضائيات تستضيف المحللين الذين ذهبوا إلى أن إيران من الصعب أن تقدم على خطوة حمقاء كهذه دون أن يبرئها أحد وكأنها إشارة غير مباشرة إلى المستفيد الأكبر من هذا الهجوم، التي لا تخرج من دائرة الاتهام (الجزيرة) كلاً من نتنياهو وبن زايد و(بن سلمان) وجون بلتون".

إن ما حصل مهما كانت الجهة التي تقف وراءه سيضع العالم أمام صورة سوداوية إزاء أي حرب قد تشتعل في هذه المنطقة الحساسة.. وأعني هنا الخسائر المادية والمعنوية والمخاطر البيئية.. فبعد ساعتين من انتشار خبر الهجوم على الناقلتين، فقد صدر تقرير عاجل عن وكالة بلومبيرغ للأنباء أشار إلى حصول ارتفاع في أسعار النفط بعد انتشار خبر الحريق بواقع دولارين وبنسبة ٤،٥ ٪؜ ليصل سعر البرميل إلى ٦١ دولار وربما يصل إلى أكثر من ذلك.. ولَم تذكر الأنباء شيئاً عن تسرب حمولة الناقلتين من النفط في مياه البحر مما قد يشكل كارثة بحرية بيئية.

التداعيات تتناما.. والأسئلة تتزاحم.. وأطراف الأزمة الخليجية تدور حول نفسها.. والأوراق تختلط.. والذي يقف وراء الحادث يترقب باهتمام ربما لتنفيذ عمل آخر يذهب بالمنطقة إلى الهاوية فمن يكون هذا الطرف في نظركم غير "إسرائيل"!! الرهانات مفتوحة على كل التكهنات إلا المواجهة العسكرية التي لو حدثت لكانت الكارثة العالمية غير المحتملة.

 

بقلم بكر السباتين..

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم