صحيفة المثقف

هل سيفعلها الحكيم.. ويصبح معارضاً؟

واثق الجابريبدء يُطرق على المسامع مفهوم المعارضة، وهي تجربة لم يمارسها النظام السياسي بعد 2003، وكأنها كلما سُمعت، توحي الى معارضة ما قبل هذا التاريخ، وليس مقارنة بما يحصبل في النظم الديموقراطية المتطورة، ولا هي إنتقال الى مرحلة أكثر تطور في مفهوم الممارسة؛ من مسميات حكومات سابقة مبنية على التوافق والتحاصص، وأن إختلفت مراحلها وتسمياتها وروادها.

ما يخطر ببال أي سامع، وما يُفسر في أي تحليل؛ يقول أن الذهاب للمعارضة لغرض إسقاط الحكومة، أو كورقة سياسية للحصول على مكاسب معينة، أو لشعور جهة ما بتهميشها من القرار، وبذا سلوك المعارضة أسلم في حكومة يمكن أن يتحمل جزء من أخفاقاتها، في ظل وضوح محاولات إضعاف الحكومة، حتى من القوى التي تبنت تشكيلها، وتفرض إرادات للحصول على مكاسب، الآني منها مغانم المناصب، واللاحق إنتخابي في ظل تصدر المشهد.

عدة قوى لوحت بالمعارضة بشكل إنفرادي، وهذا ما خالف طبيعة تشكيل تحالفي " الأصلاح والإعمار" و"البناء".. فمن الأول الحكمة والنصر، ومن الثاني دولة القانون وإتحاد القوى، وكأن هذه القوى تشير الى تفرد سائرون والفتح بالتفاوض، في حين يدعيان تمسك كل منهما بتحالفه، بل وأحيانا آخرى لا يعلم أعضاء من سائرون والفتح، عن ماهية المفاوضات، ولا يملكون قرار في تغير مجرياتها.

لو عدنا الى الأسباب، لوجدنا النصر منقسما بين التحالفين، والقرار مع الجهة التي في البناء وهي غير رئيسية، وكذلك القانون لا تُستشار من الفتح، أو ترفض سائرون إشراكه بالتفاوض أو التفاوض المباشر معه، وفي اتحاد القوى، وبعد إختيار رئيس البرلمان من البناء، ظهرت خلافات على وزير الدفاع، ومحاولات كتلة القرار (جماعة الخنجر)، تلوح بإقالة رئيس البرلمان عند عدم ترشيح وزير دفاع منها، والحكمة تجد نفسها بعيدة عن التشاور، رغم سعيها لتقوية تحالف الإصلاح، وبالمقابل قوة البناء، ويكون ذلك سياق للعمل السياسي المستقبلي.

ما يعرف عن الحكيم، انه يسعى لتطبيق مشاريعه وفق برنامج مرسوم، ولا يهمه كثيرا من ينجزه حتى وإن كان ليس من كتلته، فالمهم الإنجاز.

عبدالمهدي يتطابق تماماً مع مشروع الحكيم السياسي، بالتالي فهو لن يسعى لإسقاط الحكومة وهو يعتبرها فرصة أخيرة وغيابها مجهول، وأن إختلف معها كما حدث مع رئيس الوزراء المالكي، وكل ما يتبناه منهاج وفق تقديرات تحافظ على النظام السياسي، وتحقق ما يمكن بأقل الخسائر.

في حال ذهاب الحكمة للمعارضة، فسوف تلتحق بها سريعا كتل النصر والقانون وإتحاد القوى، وربما منهم من يفكر بالمعارضة التي تسقط الحكومة، وهذا سيعني تفكك تحالف الإصلاح وتحالف البناء، وهذا ما يُخالف أطروحات الحكيم، التي تسعى لتقوية التحالفين على إنفراد، ليكونان متنافسان لتقويم العملية السياسية والتخلص من المحاصصة الطائفية، وبهما تقدم للنظام السياسي.

يمكن للحكيم أن يكون معارضاً، لكنه لن يقبل أن تعود القوى الى مربع المحاصصة، وربما سيذهب للبحث عن تحالفات جديدة، وإلا تشضت القوى السياسية وإنقسمت، وتقوقعت على مصالحها الآنية، وأن أضر لك بالبلد والعملية السياسية برمتها.

يبقى السؤال المهم.. هل تتحمل الكتل الراغبة بالذهاب للمعارضة مسؤولية المعارضة البناءة؟ أم أن للفتح وسائرون كلام آخر غير ما شهدته الايام الماضية.

 

واثق الجابري

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم