صحيفة المثقف

الإسلام.. مشاكل وحلول

عبد الرضا حمد جاسمفي حواره المفتوح مع المثقف الحلقة (41) بعنوان: [اين اختفت خطب الرسول؟] كتب الأستاذ الفاضل ماجد الغرباوي التالي:

http://www.almothaqaf.com/c/c1d-2/922972

 [اتضح مما تقدم أن الرسول لم يتصد لجمع القرآن بنفسه، ولم يجمع أحاديثه وخطبه، ولم ينص صريحا على خلافة أحد من بعده. وهذا يجعلنا نشك بكل ما جاء في التراث، ويفتح آفاقا واسعة للتفكير بجدوى الانقياد لماضٍ لم نعاصره، ولم نستطع التحقق من صدقه. فمن أين جاءوا بهذا العدد الكبير من الأحاديث، وكيف تراكمت الموسوعات الحديثية عبر السنين؟ وما هي حقيقة فتاوى وأحكام رجال الدين؟] انتهى

ووفق ما وصلنا اضع تصور على بعض ما جرى ودار في تلك الحقبة:

الحلول وبشكل مباشر في تطوير مفاهيم الإسلام التي فصلت على مشاكل تلك الحقبة والحدود المحدودة لتطلعات وأمنيات الناس هناك.

أما المشاكل فأعتقد هي بمن نّصب نفسه وصياً على الإرث الخالد الذي تركه محمد الذي قاد ثوره بكل مقاييس عصرنا الحالي مستخدماً ما متوفر من إمكانات فكريه وحركيه ماديه ومعنوية لمعالجة مشاكل عصره وساهم مساهمه راقيه في رفد الفكر الإنساني بشكل لازال محل تقدير ودراسة وتحليل منها:

1- اهتمامه بالقراءة والكتابة بشكل مبكر لما لها من تأثير على الواقع وللمستقبل.

2- أبدع في اقامة تنظيم سري منظم ومتسلسل ومحدد الواجبات وعمل من خلاله على تحريك الناس وتوعيتهم وتثوير ما كان راكد لديهم.

3-  فكر بإقامة تنظيم بديل خارج منطقته من خلال انتدابه لثلة مختارة من أتباعه لترك المنطقة والتوجه إلى الحبشة طالبين اللجوء السياسي وهذه أوائل عمليات اللجوء السياسي الموثقة.

4- قدم نموذج راقي للتكافل الاجتماعي والرعاية الاجتماعية من خلال بيت المال الذي وضع أسسه التنظيمية.

5- قدم نموذج راقي للنظام الضريبي من خلال الزكاة تعمل به كل دول العالم اليوم تقريباً.

6- قدم نموذج للتسامح والعفو عند المقدرة من خلال العفو الذي أطلقه بعد فتح مكة.

7- قدم نموذج مبدع لمكافحة العبودية من خلال احتضانه بلال الحبشي وتكليفه برفع الأذان ووقوفه مرتفعا أعلى من هامات من كانوا أسياداً قبل الاسلام.

8- قدم ما لم يأخذ حقه من التفسير ولم يتم التطرق اليه بما يناسبه من قبل المفسرين والمحللين وهو أنه أدارَ رأسه عن المسجد الأقصى وتوجه للكعبة رغم قدسية الأول ليتفرد ويترك للآخرين ما يتعبدون لأنه أدرك مبكراً أن هذا الموضوع سيكون مثيراً للمشاكل مع العقائد الأخرى التي يحترم ويقدر ولتأكيد ذلك لم يفكر بأن يحرك جيوشه باتجاه المسجد الأقصى بينما تحرك ومن بعده أبو بكر شمالاً وجنوباً.

9- وضع الأسس لتنظيم الجيش والقيادة والخطط العسكرية وتهيئه ما يحتاج له من أعدد وإعداد وإمداد وشحن معنوي.

10- قدم نموذجاً للتواصل وإدارة اللقاءات واحترام المواعيد من خلال تحديده لمواقيت الصلاة التي كان يديرها ويتابع من خلالها تقلب الأحوال وتطورها وألزم اتباعه بضرورة حضور الجمعة كموعد أضاف عليه القدسية لأهميته والمستمر لليوم حيث يهرعون اليه ويتعطرون له دون حتى امر فهو موعد ثابت للاجتماعات في كل مكان منذ أكثر من 1400 عام لا يوجد موعد بقدسيته واكتظاظه وطواعية حضوره الكثيف وانضباط المشاركين فيه والتهيؤ له من الذي قبله.

لقد قاد محمد ثوره هادئة متصاعدة بشكل مدروس سواء في الطروحات النظرية أو المعالجات العملية في مجتمع متخلف مستخدماً فيها خزينة الاجتماعي وشخصيته المتميزة كما يبدو وذكاءه وما تعلمه واستنتجه وطوره من خلال احتكاكه بالحركة التجارية وتواصله مع المحيط القريب والبعيد في رحلتي الشتاء والصيف وكما معروف إن التجارة وأجوائها تعني الصدق والدقة والأمانة والاحترام الغير والوقت والشجاعة والقدرة على خوض العملية والنجاح بها والتقدير الجيد للأمور وحسابات مستقبليه متجددة. لقد استفاد كثيراً من رحلات الشمال التي كانت متواصلة مع شمالها ولاحظ اختلاف الأشكال والمعتقدات والآراء والطباع والطبيعة وأستمع جيداً وناقش تلك المختلفات ليحاول نقل ما يجده مناسب إلى محيطه القريب في مكة والى الجنوب إن أمكن.

كان يقارن بين جمال الطبيعة هناك وبين قساوة الصحراء عند قومه وبين التسامح هناك والعصبية المقيتة عند قومه أثارت فيه هذه الأمور الكثير مما دفعه للتفكير جيداً بعمل شيء وكان كلما أراد أن يستمع لنفسه ويكلمها بصوت عالي يبتعد لينزوي في غار حراء مقتفياً آثر من فعل ذلك قبله من الذين سمع عنهم فقرر البدء بمعالجة الحال سالكاً طريقين هما::

1- سرد حكايات لم يعرف بها الناس للتشويق والاستفادة والتحذير والتخيل لحال أحسن مثل قصص الأنبياء والعقائد السائدة رغم عدم الحاجة إليها دينياً لكنها تثير الاهتمام وتتداول وتتبادل بسرعة.

2- البدء بحل المشاكل التي تواجه الناس يومياً بشكل مقنع ومتدرج مراعياً الحساسيات المتنوعة متبعاً الإقناع وتقديم المثل الحسن فعالج وأد البنات والخمر والزنا والمال والتعاون والاحوال الشخصية وتعدد الزيجات التي حددها بالعدل بعد إن كانت مشاعة وسائبه وبلا ضوابط وغيرها الكثير.

بهذه الطريقة أصبح محمد مع مرور الوقت هو المرجعية لكل من يتعرض له البشر لذلك تجد إن الكثير من هذه الأمور أتُبِعَتْ بعبارة (سؤل ...فنزلت الآية......عمل كذا فنزلت الآية.... "أُعْتُرِضَ" عليه فنزلت الآية).

بمثل هذا المنهج أصلح عصره ومجتمعه ولما كانت مشاكل البشرية لم/لا تنتهي أو تنحصر بمشاكل تلك الحقبة عليه يجب أن نسمع الآن عبارة  (ف....نزلت الآية) مع تطور المشاكل بتطور الحال.

إن محمد كان يستمع للمشكلة ويحللها ويتفنن في إدارتها وإيجاد الحلول التي تُرضي الجميع لأمرين الأول إن يكون مقبول من الجميع والثاني إشاعة الاهتمام بالأخر.

ناضل سياسياً في مكة بالممكنات المتوفرة كأي مفكر ثم أنتقل إلى يثرب لمعرفته أنه ترك أثر مهم في مكة وفي يثرب أشاع اللحمة بين أهلها والوافدين اليها وتعاهد مع اليهود بشكل يجنب ما يفكر به وما جاء من أجله إي هزات أو صدامات غير محسوبة وأستمر بهذه السلوكية في صلح الحديبية.

لقد كان يفكر بأن كل ما يقوم به متسلسلاً يراعي موازين القوى وعندما يشعر بأنه لصالحه كان يتصرف ليقدم شروطه ويحسن موقفه حتى لو أضطر لخوض معركة.

لقد تحولت هذه الحركة إلى دين وبالذات بعد تحويل أنظار الناس من التوجه إلى الأصنام إلى التوجه الى السماء البعيدة غير الملموسة ولكن هذا التحول أزداد بعد أن ترسخت الدولة واحتياج السياسة والسياسيين من أولي الأمر إلى فرض سيطرتهم على عامة الناس وبداء يتصاعد تقديس أولي الأمر على حساب مبادئ محمد معتمدين على نصوص وأحاديث هم من كتبها او شجع على كتابتها.

لم يسجل محمد ما أعلن أنه نزل عليه أو ما قاله لأنه كان يريد التطور من بعده تاركاً الباب مفتوح للاجتهاد والتفكير لكن أولي الأمر أعادوا كتابة ما جرى بعد عشرات ومئات السنين وهنا ظهرت المذاهب حسب أهواء أولي الأمر أو اجتهاد البعض بعد أن قارن ما بين ما يعرف وما مكتوب وما يقول به العقل والمنطق لينتقل التقديس من محمد إلى أولي الأمر ثم إلى أصحاب المذاهب ومن هنا بداء التخلف والانغلاق والجمود والاعتماد على ما قاله الأولياء الأولين وتم اشتقاق طرق وأساليب للسياسة الدور الكبير فيها.

وهنا أسرد حادثه شخصيه فيها عبره هي:

1- سألني أحدهم لماذا لم تؤدي الفرائض ..قلت له هل تستطيع إقناعي ..قال نعم...حددنا الموعد وحضر ومعه ما يريد أن يستند إليه فبادرته مشترطاً أن يعتبر نفسه محمد وأنا من جاهلية مكة ولا يستند إلى أي نص قراني أو حديث لافتراض اني لا اعرف ذلك أو أن هذا اللقاء في بداية الدعوة، فارتبك وضاعت عليه الأمور ليتحول إلى مصلح اجتماعي ويتكلم عن الصدق والإخلاص والسلام وصلة الرحم والجيرة وحب الناس والعادات والمستقبل.

2-  كان جاري يحمل شهادة الماجستير في علوم التربة وموظف بدرجه مرموقة ويؤدي الفرائض وفي أحد أيام الجمع ظهراً التقيته وهو يهم للصعود إلى سيارته المرسيدس الحديثة للذهاب الى الجامع "جامع فخري شنشل" الذي لا يبعد عن سكنه أكثر من 200متر وبعد التحية رأيته يضع السواك في فمه فقلت له مازحاً ...ما هذا؟ قال إنها سنه فقلت له أليس من السُنه أن تذهب ماشياً إلى الجامع أو تعتلي بعير فضحك وقال هذا التطور

هذا هو مصدر التخلف ليس بسبب السواك انما بسبب عدم الانتباه الى مثل هذه السنن البسيطة ذات المعاني الكبيرة حيث كما اعتقد لو فكر المسلم بالموضوع لأصبح المسلمين اليوم الأكثر ابداعاً بمشاكل الفم وصناعات تطبيب الاسنان والفم وأدوات ومحاليل ومواد تنظيفها والعناية بها. وهناك الكثير على هذا القياس.

 

عبد الرضا حمد جاسم

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم