صحيفة المثقف

الغش والأعذار الغبية والتبريرات الواهية!

حميد طولستما شهدته الساحة السياسية قبل أيام من نقاشات "حادة" على وسائل التواصل الاجتماعي، حول قضية ضبط نائب برلماني عن حزب العدالة والتنمية وبحوزته ثلاثة هواتف ذكية داخل قاعة اختبارات الامتحانات الجهوية للسنة أولى باكالوريا، وما عرفه الحدث من ردود أفعال التّعاطي العصبي من جهة، والتّعاطي المتسرّع من جهة أخرى، وما صحب ذلك من تدخلات عديدة وتحليلات كثيرة، وصلت في بعض مراحلها إلى أقصى درجات سعار التبرر غير المعقلن للغش، وميوعة الدفاع عن أهله، وما صحب مجمله من نزقية وخفة لسان وخروج عن التعقل المطبوع بالتغليط والتضليل الإيديولوجي، الذي غدا من أهم مقومات الفعل السياسي الطائش والمشبوه، لفئات عريضة من السياسيين الإسلامويين  والمتعاطفين معهم، والذين يعتبرون، وبدون تحفظ أو لباقة، أن كل انتقاد لأي سلوك متهور فاضح،  أو فضح لأي واقعة منافية للأخلاق، أو كشف لأي إنتهاك ساقط للشرع أو خرق مجنون للقانون، يقوم به واحد أو جماعة من المنتمين لحزب البرلماني صاحب الهواتف وعشيرته، هو استهداف للحزب ومناضليه، بدءا من بالداعيتين فاطمة النجار وعمر بنحداد وقصة حب البرلميين وزواجهما إلى النائبة البرلمانية أمينة ماء العينين، مرورا بالوزير محمد يتيم ومدلكته، وتقاعد بنكيران، وصولا لصاحب الهواتف الثلاثة، وغيرها من الوقائع الفاضحة التي يضيق المجال عن سرد اللائحة الطويلة لفضائح من قدموا أنفسهم على أنهم الحل، والذين عقد عليهم المجتمع المدني المغربي كل الآمال لحل المشاكل الكبرى، التي  زادت بما كرسوا فيه –باسم الدين- من جمود فكري وشلل في الرؤية وتقييد التفكير، الذي أدى إلى انتشار كل انواع الغش والفساد، التي أدت بدورها إلى أقبح السقوط القيمي والأخلاقي الذي لم عرف المواطن المغاربي مثله في تاريخه .

فهل في فضح ما عرفه المجتمع من فاضح الغش والفساد، هو فعلا استهداف لحزب العدالة والتنمية ؟ كما صرح بذلك بعض قادته مباشرة بعد إيقاف برلماني من حزبهم وبحوزته ثلاثة هواتف ذكية داخل قاعة الاختبار؟ أم أن ذاك دليل على أن قادة ومناضلي الحزب يعيشون أزمة بين الخطاب والممارسة، ترتبت عنها أزمة قيم حادة، عاقت قدرة إندماجهم في الدولة الحديثة بمقوماتها وقيمها المتعارف عليها، التي تمنع تمدد الغش وانتشاره بين مكوناتهم وتكاثرهم كالفئران، أكثر كذبا، وأكثر نفاقا، وأكثر هدرا للحقوق، وأكثر ارتشاء، وأكثر انتهازية ووصولية، وأكثر فسادا وإفسادا في كل شيء، من فساد الإدارة، وفساد الرّشوة، و فساد في جهاز القضاء، وفساد التهرّب الضريبي، وفساد تبييض الأموال، والغش في السلع.

ربما يُغفر غضب من تؤلمه صراحة المقالة، ويتجاوز عن اتهامه لصاحبها بشتى الاتهامات والأوصاف، لكن من الغير المقبول البتة التسامح مع التبرير الواهي للغش الخادش لسمعة البلاد والمسيء لمصداقية مؤسساتها بالأعذار الغبية، والتي لا أجد ما ارد به عليها غير مقولة أنشتاين : "لا يوجد لقاح ضد الغباء"..

 

حميد طولست

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم