صحيفة المثقف

الإسلام بين النظرية والتطبيق

ضياء محسن الاسديجاء الدين الإسلامي الحنيف بكتابه المقدس القرآن الكريم ردا على الخراصين والمشككين لكل الديانات السماوية والرسل العظام وافتروا عليهم وادعوا أنهم لم يلبوا طموح مجتمعاتهم آنذاك ونفّروا الناس منه بحجة أنه مقيِد لحرياتهم وأفكارهم ويحجمها منذ بداية الخليقة حتى بداية البعثة النبوية المحمدية الشريفة خاتم الرسل (محمد بن عبد الله) عليه أفضل الصلاة وعلى آله وصحبه وأرسل مع تكليفه الكتاب المقدس (القرآن الكريم) الذي فيه بيان وتبيان لكل شيء وشرائع وسنن تحاكي الواقع والمستقبل وحلولا لمشاكل المجتمعات البشرية جمعاء وبدون استثناء بنظرية موحدة مشَرَعة من قبل خالق وفاطر الكون كله بنصوص محكمة التشريع لا لبس فيها مبسطة على مراحل من عمر الإنسان العربي والعالمي حيث رسم له طريق الهداية الدنيوية والآخرة على حد سواء بتكليف غير معقد يستوعبه عقله البشري إذا طُبِقت هذه الشرائع لهذه النظرية بتفاسيرها الصحيحة وبالأسلوب التطبيقي الحقيقي المفهوم المراد منها. وبما أن المشرع المقدس الخالق الفاطر والمطلع على البشر وكنهه وبكل مركبات النفس البشرية جاء بنظرية متكاملة الأبعاد كانت هذه النظرية حلا لكل متطلبات المراحل العصرية التي عاشها ويعيشها البشر منذ بدأ الخليقة ولحد صدر الأول من الرسالة المحمدية العظيمة بقيادة المعلم الأول والأوحد المطبق الفاهم العالِم لهذه النظرية السماوية في كل العصور حتى قيام الساعة وهو النبي الأكرم (محمد بن عبد الله) عليه أفضل الصلاة لكن مع الأسف بمرور الأيام والأزمنة بدأت البشرية تنحرف عن مسيرة مبادئ النظرية وتهمل جزءا كبيرا منها وتشوه تطبيقها محاولة منها أفراغ النظرية الإسلامية المحمدية من مفهومها ومحتواها .حيث دونت كل الأحاديث الشريفة لتفسير هذه النظرية وقواعد تطبيقها الصحيحة بمفهوم السنة النبوية في عصر متأخر من عمرها بعد غياب الصحابة والتابعين الكرام وبعد ما منعت في الصدر الأول من عصر الرسالة حيث تباعدت الأزمنة والأمكنة عن مركز التدين والتشريع والقرار فأن هذا الفارق الزمني ساهم في ضياع الكثير من النصوص الصحيحة التي فسرت مفاهيم هذه النظرية العظيمة وحين فُسرت في زمن كان الصراع السياسي على السلطة في الدولة الإسلامية على أشده فقد أدلى الكثير من المفسرين المرتبطين في فلك السياسة والسلطة والحكام دلوهم في تفسير هذه السنة المشرفة للنظرية المحمدية السماوية بطرق خاطئة مقصودة في بعض الأحيان لأغراض بينة تهدف في هدم الإسلام وأضعاف النظرية الشمولية العالمية أو نتيجة للعقول القاصرة لبعض المفسرين المحدودة بزمانهم وعقولهم في ضياع الكثير من النصوص المعتبرة عبر هذا الزمن الطويل بين نزول الوحي بالنظرية وبين تدوينها وتفسيرها وتطبيقها . أما الآن أصبح العالم الإسلامي يتخبط مشتت الفكر حاليا بين النظرية الإسلامية من جهة وبين تطبيقها بهذا الشكل الغير واضح لتفسير السنة النبوية والأحاديث التي تعج بها أمهات الكتب وهذا الكم الهائل من الرواة للأحاديث النبوية المتهمين بالجرح والتعديل والضعف والشك وآرائهم التي لا تتطابق مع النظرية وتقبلها من قبل الفرد كونها بعيدة عن واقعه وحياته بمحيطه العالمي الإنساني لذا لا يعاب على النظرية الإسلامية في نظر البعض من الماديين والوجوديين وضعيفي الإيمان بقدر وقوع اللوم على الذين أرادوا منها أن تكون ناقصة ضيقة الأفق والرؤيا تلبية لمصالحهم ومصالح أسيادهم وأجنداتهم الخبيثة وعقولهم المريضة والقسم الأكبر أرادوها مقتصرة على الرقعة الجغرافية للوطن العربي والمجتمع العربي بإطارها الجزئي بعيدا عن شموليتها .من هنا نقول لرجال الدين والمثقفين والحريصون على الإسلام والإنسانية مع كافة الديانات السماوية الأخرى في العالم المحبة للإنسانية والمُقِرة بتوحيد الله سبحانه وتعالى على تطبيق تعاليم الله على الأرض خدمة للبشرية في الجلوس على طاولة واحدة قطب رحاها تطبيق النظرية السماوية العادلة الشمولية للبشرية جمعاء بأسلوب حضاري مطابق باستيعاب أحدهما الآخر ومطابق لمرتكزات هذه النظرية ومفهومها والغرض منها من  خلال توحيد الجهد الإسلامي في ترجمة النظرية وتفسير السنة النبوية الشريفة وإزالة ما علق بها من شوائب وتشوهات في تفسيرها بعيدا عن التعصب المقيت لجهة معينة لنضع الجيل القادم والحاضر على الدرب الصحيح لينهل من هذا المعين السماوي العذب كل ما يخدم مصلحة شعوب العالم وبناء مجتمعاتهم الحضارية صفا واحدا مع الأمة الإسلامية.

 

 ضياء محسن الأسدي

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم