صحيفة المثقف

تاسيس المجلس الاعلى للثقافة والفنون

منذ سنوات طويلة والمثقفون والادباء يطالبون بتأسيس مجلس اعلى للثقافة والفنون في العراق، لا تمر مناسبة الا وتم التطرق الى الامر وتنا ثرت من خلاله الكثير من الاسئلة مع اجوبتها التي يحرص المثقفون على ان تكون مفعمة بالاقناع من اجل المصلحة العامة للثقافة في العراق ومن اجل التطور والتقدم واحاطة الادباء العراقيين بكل اشكال الدعم ليكونوا علامات مهمة في الثقافة العالمية. مع التاكيد بان المجلس مشروع مؤسسي متقدم وانه شكل اداري تنظيمي ومالي وقانوني لادارة وتوجيه الجهد الثقافي مع تأكيد ضرورة انه (يسهم في تحسين الأحوال الاقتصادية والاجتماعية للأدباء والكتاب العراقيين)، والطريف ان الاصوات تتعالى من اجل هذا المجلس مع أي تشكيل لحكومة جديدة، ويتصاعد مع المهرجانات الشعرية وتكون وجهات النظر بين الغاء وزارة الثقافة او تأسيس المجلس لتحتفظ وزارة الثقافة بالامور البروتوكولية، ولكن هذا لا يثير عن الحكومة شيئا او مثلما يقول البعض (انها ماضية في عدم سماع صوت المثقفين) .

ويشير اتحاد الادباء والكتاب في العراق الطلب لم يأتِ تشبها ببلدان أسست مجالس مماثلة مثل الكويت ومصر بل أتى لوجود مجالس مماثلة في العراق وهي لاختصاصات أخرى. "ففي حقل الرياضة نرى وجود اللجنة الأولمبية التي تتكوّن من الرياضيين حصرا وتهتم بالدوري العراقي لشتى الألعاب وتنظم الدورات التأهيلية للاعبين والحكام، وتضبط مشاركات العراق في البطولات العربية والإقليمية والعالمية وتختار المتميزين وتوزع الجوائز عليهم، مع وجود وزارة الرياضة والشباب التي تقدّم الدعم المالي واللوجستي وتتابع الملاعب وتقوم باصلاح بعضها وبناء أخرى حسب الحاجة , كذلك وجود مجلس القضاء الأعلى الذي يتكوّن من القضاة حصرا ويربط المحاكم والحكام به وهو المسؤول عن المعهد القضائي الذي يخرّج القضاة الجدد، وهو المسؤول عن تطويّر مهارات القضاة بدورات وايفادات، ويتابع الأحكام ويشرف على الاستئناف والتمييز حتى، ويكون عمل وزارة العدل هو تقديم الدعم المالي واللوجستي ومتابعة بنايات المحاكم والسجون وإصلاح بعضها وبناء أخرى حسب الحاجة واعادة المنحة السنوية للادباء والصحفيين

واوضح الاتحاد "من هاتين التجربتين فلنتعلم، ولنؤسس مجلسا أعلى للثقافة يتكوّن من المثقفين حصرا، ويهتم بالمشهد الثقافي العراقي لشتى الأجناس والحقول الابداعية، ويتابع تفرغ المبدعين، ويتابع مشاركات العراق في المسابقات العربية والإقليمية والعالمية، ويطلق الجائزتين المهمتين التقديرية والتشجيعية، مع وجود وزارة الثقافة التي عليها أن تقدّم الدعم المالي واللوجستي وتتابع الأطر والمنشآت الثقافية وتقوم باصلاح بعضها وبناء أخرى وكم نحن بحاجة الى بناء دور السينما والأوبرا والگاليريهات وقاعات خاصة للقراءات الشعرية وللمهرجانات

ان المثقف العراقي يشعر بالغربة ولسنين طويلة بان وزارة الثقافة بعد العام 2003 تبدوا عاجزة أن تكون مؤسسة يستظلّ بها المثقفون، وذلك لأن تنصيب إدارتها لا يأتي لاعتبارات ثقافية، بل لتحقيق اتفاقات سياسية بين الأحزاب والكتل الحاكمة، مما أدى إلى إحساس المثقف العراقي بغربة حقيقية داخل الوزارة التي تطلّع المثقف العراقي كثيرا لأن تكون معنيّة به وبقضاياه وهمومه"لذلك التجأ المثقفون لبدائل وناشدوا الحكومات لتحقيق مبتغاهم وهدفهم في أن تتناسب إدارات الوزارة مع قيمة المثقف والثقافة العراقية الأصيلة الرصينة في كل مجالات اشتغالاتها

إن الإعلان عن تشكيل "مجلس أعلى للثقافة" ينبغي أن يكون جزء من رؤية أوسع واشمل تنظر إلى الثقافة باعتبارها العمود الفقري للتطور والارتقاء الشامل للدولة والمجتمع والنظام السياسي. وهذا بدوره يفترض إعادة بناء العلاقة بين السلطة السياسية والنخب الثقافية بطريقة تكفل للاثنين علاقة متجانسة ومحكومة بقيم النظام الاجتماعي الرشيد، وليس بقيم الأحزاب السياسية وأنصاف المتعلمين الذين حاولوا في مجرى السنوات الخمس الأخيرة "مصادرة" الثقافة من خلال الابتزاز والرشوة والمتاجرة الرخيصة بالمهرجانات المجيرة وما شابه ذلك. "المجلس الأعلى للثقافة" لا يحتوي بحد ذاته على أداة أو فاعلية سحرية. لكنه يستطيع تنشيط وتفعيل النخبة، وبالأخص الشابة والصاعدة، بوصفها الرصيد المهم والأكبر للمستقبل، ن استقلال المثقف عن السلطة، أي كان شكلها ومحتواها بما في ذلك أكثرها نبلا وإخلاصا هو احد الشروط الضرورية لتطوير الثقافة والنخبة والنظام السياسي والدولة والأمة. فكما أن السلطة الرشيدة لا تحتكر المجتمع والدولة، فان المثقف الحقيقي لا يسمح بان يكون محتكرا للحقيقة ولا محكوما من جانب السلطة.

من مهمات الدولة وليس السلطة ان تخصص مبالغ ثابته لتوفير الدعم المادي للجمعيات لتقوم تلك الجمعيات المختلفة بانشاء مراسم،محترفات و مسارح الخ و لتوزيع جوائزالخ. وعليها ان تؤسس للدراسات الفنية المختلفة معاهد وكليات، وان تمنح موافقات للقطاع الخاص بذلك، ولا مانع من ان تساهم الدولة بشكل ثابت في قسم من ميزانية تلك المعاهد الخاصة. كما من واجباتها ان تزيد من عدد المتاحف، وارسال البعثات والتبادل الثقافي، واقرار قانون عادل للتقاعد، وتوفير الرعاية الصحية للجميع وليس كما يحصل الان عندما يصاب مثقف او فنان بمرض يستصرخ ضمائر رجال السلطة وقد تنهال عليه التبرعات او تهمل صرخاته، ومن يستجاب صراخه وتتم رعايته، يتعالى صراخة ثانية حمدا وشكرا للفضل المنعم عليه، كانما لاحقوق للمواطن في ابسط متطلبات الحياة. وعلى السلطة لا تتدخل السلطة في صياغة وصناعة الواقع الثقافي او الفني؟ انا لا اؤيد اي وصاية من السلطة اي سلطة حاكمة، ان كانت تلك الوصاية على شكل مجلس او هيئة رسمية او شبه رسمية الثقافة والفنون لا تنمو داخل اطر ومؤسسات رسمية بل تزدهر في جو حر امين بدون هيمنة وتأطير.

 

نهاد الحديثي

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم