صحيفة المثقف

صفقة القرن.. وَّلَاتَ حِينَ مَنَاصٍ

رحيم زاير الغانمما تشهده الساحة العربية والاقليمية من ابرام صفقة القرن، في ايذانٍ لرسم خارطة طريق للشرق الأوسط الجديد، والتي من أهم بنودها التطبيع مع الكيان الصهيوني الغاصب، والاعتراف بالقدس عاصمة له وجملة بنود لا تصب بصالح وتطلعات الشعب الفلسطيني بشكل خاص وقد تأتي بالضد من توجهات العرب كشعب لا حكومات، لتوافق مصالح الأخيرة مع الرؤية الغربية والتطلعات الإسرائيلية، لتكون اسرائيل دولة محترف بها من جيرانها العرب الذين بدأوا يعقلون الدرس،  بعدما تيقنوا ما حلَّ بقوى الممانعة (سوريا، العراق، مصر)، وما جرى على العراق وسوريا ليس بهيِّن من احتلال او انهاكه بعصابات التطرف والارهاب وما الهاء مصر عن دورها المحوري بقليل، وبذا صار من الممكن لمصر ان تحيا خارج الصراعات الاقليمية والدولية الشائكة، وتتفرغ الى الداخل المضطرب للان، ماذا بقي غير جمع اللقى الباقية بعصمة رجل واحد استسهل الركون الى دفع الإتاوة رغبة منه في الخلاص من المواجهة مع الثور الامريكي الهائج  ضمن مسلسل الترهيب لو سلمنا بهذا الخوف الغير مبرر.

ماذا في جعبة العرب اذن؟ والقدس قضية العرب المركزية، ليست الاسيرة الوحيدة في يد العدو، بل كم قضية مركزية تعشش اليوم في ذاكرة العربي، والعواصم العربية تعاني اختلال موازينها بعدما صارت بيضة قبانها في متناول يد الغير، صراحة قد تبدو  نتيجة عادلة لضعف القرار والتبعية السياسية والاقتصادية.

اذن هل في مقدور الشعوب العربية في ايامهم  الحرجة هذه  تصحيح المسار، كي لا تسقط رهينى تحدٍ اكثر شراسة من تحدي بالون اختبار صفقة القرن؟ ماذا لو بلغ التعسف الامريكي والاسرائيلي أشده، من اجل   الحصول على مكاسب اكثر ايلاماً  لترسيخ التشرذم العربي، طمعا بارض او سماء او ثروة؟ ام ان سياسة  (خذ ما تشاء ودع لي الحكم ) تفي للخلاص من غول الجشع الامريكي؟

اسئلة تتوارد وأخرى تختفي في ظل ضبابية المآل، وفي ظل زحام الانكسارات المتلاحقة، والرغبة الملحة بقبول النتائج مستقبلا، لرسم مخطط (جيوسياسي) للمنطقة جديد، يحقق قفزات نوعية على مستوى التحكم، في تضييق الخناق على الوجود العربي الى اضيق نطاق، وتمدد دويلة اسرائيل على الارض لا حقِّ العيش  فقط، بل كقطب في المنطقة يمكن الاحتكام اليه او اللجوء اليه في ظروف حالكة، كونه القوة الظل للولايات المتحدة الامريكية في المنطقة، اي سيضاف لاعب اقليمي جديد بامتيازات تفوق امتيازات الحلفاء التقليديين بعدما اعترف الجميع بشرعيته، والتي ستؤسس للاعتراف بدوره الفاعل اقليميا.

وقد تتوارد الاسئلة التي تبقى راسخة في ذاكرتنا جميعا...

هل وعى حملتْ شعلة الصفقة من العرب قرب انتهاء مدة الصلاحية، والدور قادم لخلخلة العروش، فلا دولة قوية اقليميا مرحبا بها في المستقبل القريب، تضاهي دولة اسرائيل، بحسب تطلعات الغرب لها، (ولاتَ حين مناصٍ).

 

رحيم زاير الغانم

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم