صحيفة المثقف

مصير أمة مروهن بمقولاتها!!

حميد طولستما أغربها من أمة عربية، وأغرب بها من أمة، يصاب المتأمل لحال شعوبها بقدر كبير من الذهول، وتضيع خيوط عقل المهتم بهموم مجتمعاتها، في زحمة غيوم أجوائها المزدحمة بالظواهر بالسلبيات الفاضحة والقبائح المؤرقة لكل من يحاول سبر أغوارها، أو المغامرة بالبحث في مسببات كل ما ألم بها، وبصور درامية لاتخلو من سخرية، من نكبات التشتت التصدع في كل شيء، ومصائب التباعد والتنافر وفي كل المجالات، إلى درجة  صدقت فيهم معها المقولة الشهيرة: "اتفق العرب على ألا يتفقوا" القولة التي استجلبت عليهم حمولتها المتخلفة - رغم أنهم أمة واحدة تعبد إلاه واحد وتتوجه لقبلة واحدة -الفرقة والتشتت في كل ما هو هام ومصيري، وفرضت عليهم الخوض في تافه القضايا والإنشغال بسخيف الأمور، كأمر مواضيع حجاب المرأة ورضاعة الكبير وتفخيد الرضيعة، التي طفحت في مجتمعات الأمة مند قرون عديدة، ومناقسة هامشي الأحداث الهامشية، كما حدث مؤخرا مع وفاة مرسي الذي استثمر أنصاره وخصومه خبر موته في تصفية حساباتهم الضيقة على وسائل التواصل الاجتماعي .

لقد آن الأوان لهذه الأمة، بل أصبحت مطالبة الآن وأكثر من أي وقت مضى، إن هي أرادت أن تخرج من ظلال التعتيم، وتضمن كرامتها، وتفرض احترام تواجدها بين الأمم الحُرة، وتضع بصمتها في التأريخ، ويسمع العالم الحر صوتها، بأن توقظ في شعوبها شعلة التوحد، وتشعل فيهم جدوة التآخي، الذي لن يتم بالدعاء الذي لا يصنع النصر، كما يقولون، ولكن بتوطيد العزم على رأب الصدع، وتجاوز ثقافة الفرقة، وتعزيز حظوظ التحالف والإلتام ولم الشمل، وبنبد الصراعات الخفية، التي ظاهرها مذهبي وباطنها سياسي/زعامات، التي يصبح معها الدين مجرد ورقة سياسية، تستعمل للسيطرة على الدولة والمجتمع، بعيدا عن القضايا الأخلاقية التي جاء الدين من أجلها، والتي قلما يُهتم بها سياسيو في الأمة العربية والإسلامية، ويعمل سياسيوها على صنع من مقولاتها المجافية للأخلاق، وأمثالها المخاصمة للفروسية والنُبــْـل، كما فعلوا مع المقولة المشؤومة ""اتفق العرب على ألا يتفقوا" التي تستدعي الإحباط والهزيمة، العجز والتكاسل والتقاعص عن هزم قابلية التشتت والتصدع، وتكرس تضارب التوجهات، وتنافر الرغبات، وتفاقم ثقافة الاختلاف والفرقة والشقاق، وغيرها من النقائص التي صنعت منها الأمة أسبابا معلبة تقذف بها فى وجوه بعضها البعض،وهم يهدرون أزمانا طويلة وثمينة في الانبهار بأخلاق شعوب العالم المتقدم، ولا يخصصون لحظة واحدة في محاولة ليكونوا مثلهم، وكأن صلاحياتهم قد انتهت ..

 

حميد طولست

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم