صحيفة المثقف

ميرنـا الشعار.. ملكة تتخلى عن تاجها

وداد فرحانشعر المرأة هو تاج مملكة جمالها وزينة انوثتها، وله مدلولاته في شخصيتها، تتباهى به في لحظات حياتها، ولا تفرط ببهائه إلا في الأحزان، عندما كانت العادة أن تجز المرأة ضفيرتها لفقدان عزيز.

واهتم الأدب العربي بشعره ونثره بالتغزل بجمال شعر المرأة، فقد احب العرب المرأة التي تمتاز بطول شعرها، الذي يشكل عنصرا مهما من عناصر جمالها، يقول إمرئ القيس:

غذائرها مستشذرات إلى العلى

 تضلّ العقاص في مثنى ومرسل

وأهمية الشعر عند المرأة وقيمته، لا يعرفها أحد أكثر منها، حتى أنها تتفحص انسداله وطوله على كتفيها كل يوم كأنه طفلها الذي تراقب نشأنه بين يديها. فهل تتخلى المرأة عن شعرها بسهولة؟

ربما يشاركني الكثير بالنفي، وهذه الحقيقة المتفق عليها بين نساء الأرض، إلا أنها تجاوزت الحقيقة عندما قررت خلع تاجها لتمنحه للأطفال المصابين بمرض السرطان.

إنها المرأة التي قاومت سر انوثتها من أجل بعد إنساني لا يفهمه البعض.

تقول ميرنا الشاعرة والانسانة "لأنه عزيز وغالٍ، رافقني كل عمري" تبرعت به.

هكذا شاركت الأطفال يوما بعث فيهم البهجة والأمل بالشفاء وهم يرون ميرنا بلا شعر تأسيا لفقدانهم له.

فكيف لهذا القرار أن يولد لولا التجرد المنفرد من ماديات الحياة وجمالها، لنوهب جمال الروح لهؤلاء المرضى، وهي تمشي الهوينا معهم كأنها  بضعة أمل بالشفاء، وما يدريكّ لعلها غيرت في كيميائية الأطفال نحو الشفاء.

لقد هوّنت الغربة عليهم وبفخر قالت:

”قصصته لأمشي مع المرضى جنبا إلى جنب ولنشعر معا أننا نحمل تيجانا على رؤوسنا".

تخلت ميرنا عن تاج رأسها لتزينه بتاج الإنسانية الذي لا يصدأ ولا يزول.

 

وداد فرحان - سيدني

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم