صحيفة المثقف

هكذا وجهت أصابع الإتهام لوزير الثقافة السابق

علجية عيشلم يفتح الجراك الشعبي الملفات السياسية وكيف احتالت جمعاة من الأشرار على مال الشعب، بل فتح الحراك الشعبي ملفات قديمة تخص قطاع الثقافة، ولولا الحراك الشعبي لما انفجر هذا البركان، وتخرج النخبة المثقفة عن صمتها  لتكشف عن صراعات تعود إلى عهدة الرئيس هواري بومدين وهي ملفات تخص اتحاد الكتاب الجزائريين ومن كان وراء انهيار سقفه، ثم حديث عن رابطة إبداع وظروف توقف نشاطها وتجميد مسيرتها الإبداعية، ومن كان وراء إقصاء وتهميش النخبة المثقفة  في الجزائر من شعراء وقصاصين وروائيين

سمحت ندوة أدبية بإماطة اللثام عن ملفات ثقيلة تتعلق بقطاع الثقافة  في الجزائر والصراعات التي دارت بين من يُسَمُّونَ بالنخبة المثقفة، المسألة لا تتعلق بصراع الأفكار  كما هو دائر حول الروائي رشيد بوجدرة أو الروائي الزّاوي، وإنما هي صراعات سياسية أرادت أطراف محسوبة على أحزاب أن تفرض سلطانها وسلطتها السياسية على الفكر والإبداع، ليس مهما طبعا معرفة لماذا صمت هؤلاء طيلة 50 سنة أو أكثر، حتى جاء الحراك الشعبي، ولماذا لم يكشف هؤلاء عمّن عاثوا في الأرض فسادا يوم كانوا وزراء، ولما فقدوا مناصبهم كوزراء شرعوا في كشف عوراتهم ، لكن الأهم هو أن ثمار التغيير بدأت تظهر في الجزائر  بفضل الحراك الشعبي.

اتحاد الكتاب الجزائريين ، المكتبة الوطنية، ورابطة إبداع التي ترأسها الأديب الطاهر يحياوي  وربما هناك منظمات أو جمعيات ثقافبة كان لها وزن ثقيل في مرحلة السبعينيات  وهي الفترة ما بين رحيل الرئيس هواري بومدين وتولي الشاذلي بن جديد الحكم، مرت فيها الحركة الأدبية بظروف يمكن وصفها بالصعبة جدا، هذا ما صرح به الدكتور عبد الله حمادي في ندوة فكرية نظمت على شرف كل من الشاعرين نور الدين درويش ومحمد شايطة ومسارهما الأدبي تحدث فيها عن الحركة الأدبية في مرحلة السبعينيات وكيف تفتح جيل هذه المرحلة على الثقافة العربية التي كانت تحمل مشروع المجتمع، إلى أن جاءت مرحلة الشاذلي التي كسرت كما قال هو هذا الجدار المتين وسمحت لرياح العبث أن تتسلل بين النخب المعربة وتغرقها في الفوضى ، دخل معها الشعر في مرحلة تيهان، إلا أنه مع التفتح السياسي ظهرت ملامح مرحلة جديدة  حملت معها أسماء شعراء جدد على غرار الشاعر نور الدين درويش ، محمد شايطة، ناصر لوحيشي،  وكان لهم تصورا جديدا للشعر وعودة متميزة للتراث العربي برؤية جزائرية.

وبالرغم من الصعاب ظل عند هذا الجيل حضورا دائما ومميزا، حاولوا من خلاله التفاعل مع المرحلة الانقلابية للفكر الجزائري، عندما عانقوا الحراك الوطني الجديد الذي وجدوا فيه ضالتهم وأصبحت لهم رؤية واضحة للشعر الجزائري، وباعتباره الرئيس السابق لإتحاد الكتاب الجزائريين ،  حاول الدكتور عبد الله حمادي في كلمته تسليط الضوء على مرحلة السبعينيات والتأريخ لها وتوثيقها عندما أماط اللثام عن ممارسات جيل السبعينيات من بعض الأدباء الذين أقرّوا القطيعة المطلقة مع القصيدة التراثية،  حيث خرج عن صمته ليوجه أصابع الإتهام للشاعر عز الدين ميهوبي وقال أنه أوّل من دمّر الإتحاد، في محاولة منه أن يضفي على الإتحاد الطابع السياسي،  وقال أن عز الدين ميهوبي طلب منه  أن يلحق هذا التنظيم الأدبي بحزب التجمع الوطني الديمقراطي، أي أن يكون الإتحاد تحت برنوس الأرندي، مذكرا ما حدث في مؤتمر سطيف،  وأضاف أن ميهوبي استغل منصبه كوزير ليدمر وزارة الثقافة  وهو من أوصلها إلى ما هي عليه الآن، ولا ندري لماذا تحفظ الشاعر نور الدين درويش عن ذكر بعض الحقائق ، وحالة الإنسداد التي سادت اتحاد الكتاب الجزائريين ، وأعاقت نشاطه بعد مسلسل الإنشقاقات، منذ تعيين يوسف شقرة على راس الإتحاد ونشاة حركة التقويم داخل الإتحاد، أعطي لها اسم " اتحادنا قويٌّ" ، التي كان ناطقها الرسمي  الدكتور محمد بغداد،  وطالبت الحركة في وقت غير بعيد يوسف شقرة بالرحيل، إذا لم يعدل عن مواقفه المتطرفة والانفرادية في اتخاذ القرارات، كما كان الصراع داخل اتحاد الكتاب الجزائريين قد اشتد بين أعضاء الإتحاد ويوسف شقرة، بعدما اتهموه بمحاولته تسييس الإتحاد ، عندما عين كعضو في المجلس الوطني لإحدى الأحزاب السياسية، مما زاد تخوف الأعضاء من أن يتورط الإتحاد في قضايا سياسية لا شأن له بها، كونه مؤسسة ثقافية تعني بالثقافة والإبداع ، ويعتبر الصوت الناطق باسم الكتاب والمثقفين ويسهر على طرح قضاياهم  ومشكلاتهم.

ما وقفنا عليه خلال الندوة أن الشعراء كانوا مع الحراك الذي يجني ثماره كما قال في ذلك الشاعر نور الدين درويش، وقالوا أن كل الأحلام والأماني تحققت في هذا الحراك من خلال التوجه الجديد للمؤسسة العسكرية وما يفعله الضباط الأحرار في اصطياد العصابة، وتحدث نور الدين درويش عن ديوان الحراك الذي سيصدر قريبا عن دار الأوطان ، كانت فرصة لإزالة الضبابية لما تعرضت له رابطة إبداع التي دعا إلى تأسيسها الأديب الطاهر يحياوي صاحب دار الأوطان للنشر والتوزيع ،  وكان هو رئيسها في ذلك الوقت، إلى أن رأت النور في نهاية الثمانينيات،  وبظهورها تغير وجه الأدب والإبداع في الجزائر، وبتحفظ شديد تحدث الشعراء عن ظروف توقف الرابطة عن النشاط .

ولأول مرة يكشف الشاعر نور الدين درويش عن سبب تجميد الرابطة، - حسبه هو- كانت جماعة من الأدباء المعادية للرابطة أوصلت للسلطة  صورة مشوهة عن الرابطة بأن توجهها "إسلاميٌّ" وقالوا انها تشكل خطرا على مستقبل البلاد ولذا وجب  محاصرتها، وكان لهم ما أرادوا، بحيث منع أعضائها من النشاط، ومنعهم أيضا من فتح مكاتب ولائية ماعدا مكتب العاصمة، والفضل يعود للوزير السابق رشيد بوكرزازة يوم كان وزيرا للمدينة،  حيث تعاطف هذا الأخير مع الرابطة ، دون الحديث عن العقبات التي واجهتها الرابطة للحصول على الإعتمادات، وأضاف محدثنا أنه من الصعب اليوم إعادة بعث الرابطة من جديد وعودتها إلى الساحة ، وأيد هذا الموقف الشاعر محمد شايطة الذي ذكر أن الرابطة كانت بديلا عن الحقرة التي تعرض لها الشعراء.

 

علجية عيش

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم