صحيفة المثقف

لا يليق بتاريخها العريق

التربية في نينوى.. تراجع في مستويات النجاح مع العجز في معالجة أسباب فشلها

يعد التعليم من أهم الوسائل التي من خلالها يمكن ان تعبر المجتمعات عن تطورها، فالتعليم هو نقيض الجهل، تعمل الكثيرمن المجمتعات والبلدان على دمج جميع فئات العمرية من أجل التعلم والدخول في مختلف الاختصاصات للاستفادة من خبراتهم في مجالات الحياة المختلفة ومنها الصحة، التربية، الهندسة، الاقتصاد، الصناعة، الكهرباء، الزراعة.... الخ.

مرّت مسيرة التعليم في محافظة نينوى بمراحل صعبة خلال السنوات الأخيرة لاسيما بعد ظهور تنظيم داعش الارهابي وقلة عدد المدارس وازدياد عدد الطلبة مع النقص الحاد في عدد الكوادر التدريسية التي تفتقر إليها المحافظة مما أدى الى تراجع بنسبة كبيرة في معدلات النجاح وخصوصاً في المرحلة الثانوية، اذ تحتل الموصل المراتب المتأخرة في تسلسل المحافظات بنسب النجاح خلال الأعوام العشر الأخيرة.

ويرى مراقبون ان تراجع التعليم في المحافظة يعود الى جملة من الأسباب، تقفُ في مقدمتها قلة الكوادر والمدارس، اضافةّ الى ما تمرّ به المحافظة منذ عدة أعوام من اضطرابٍ أمنيٍ وتراجع في مستوى الخبرة لدى الكادر التدريسي، فضلاً عن جملة أسباب تتعلق بالطالب نفسه وأسرته.

ومن الأسباب التي أدت تراجع التعليم في نينوى هو ما يتعلق بالمدرسة والملاك التدريسي، وكذلك الوضع العام للمحافظة ومنها الأسرة والطالب نفسه، بحسب ما قاله الكاتب والباحث الأكاديمي نايف عبوش الذي يرى ان "انغماس الطالب في شبكة الإنترنت، والهاتف النقال، واستفحال ظاهرة التدخين، وإهمال الدراسة، وضعف متابعة الأسرة، إضافة إلى الأسباب التي تمت الإشارة إليها، أدت الى تراجع التعليم حتى وصل الى هذه المراتب المتأخرة من بين المحافظات العراقية الأخرى".

وأشار عبوش إلى أنه مع وجود هذه الأسباب والمعرقلات فبالطبع سيكون لها "أثر كبير على تغيير سلوك الجيل، وانسلاخه التدريجي من سيطرة البيت، والتفلت من ضوابط المجتمع بشكل واضح، في الانزياح خارج حدود سيطرة الأب والأم، بمسارات غريبة عن المألوف في موروثنا الاجتماعي"، مضيفاً ان مورثوتنا وتراثنا قائم على "الإلتزام بطاعة الوالدين ، ورفض التفكك الأسري والاجتماعي، والحرص على النجاح في الحياة الدراسية".

من جانبه يعزو ادريس محمد وهو مدير احدى المدارس في المحافظة أسباب تراجع التعليم الى "ازدحام التلاميذ في الصف الدراسي حيث تجد اكثر من 70 تلميذاً في الصف وتجد كل أربعة تلاميذ أو أكثر على مقعد دراسيٍ واحد وبالتالي هذا يؤثر على دور المعلم في إيصال المادة إلى التلاميذ".

وأوضح مدير المدرسة ان "التلميذ لم يحصل على حقه المعرفي بشكل كافٍ في الوقت الذي يجب أن يكون عدد التلاميذ في الصف الدراسي الواحد محصوراً ما بين 20 إلى 30 تلميذٍ كحد أقصى"، مبيناً انه اضافة الى الفرق الشاسع بين المدارس الأهلية والمدارس الحكومية من حيث البناية ومنها ما يتعلق بالتدفئة والتبريد وتوفير كافة الكتب واللوازم المدرسية وتوفر كل شروط التعلم والتعليم من حيث عدد الملاكات واختصاصاتهم ومواكبة طرق التدريس الحديثة واستخدام الوسائل والخبرات التعليمية المتطورة".

اما المشرف التربوي شاكر عون الدين يشدد على ضرورة وضع فترة زمنية مناسبة لاستقرار المنهج والتأكيد على ان من يعد المنهج بالعلماء التربويين والقادة المشهورين بعيداً عن الماصصة او الوساطة والسماح للخبراء الامناء لاجراء دراسات تربوية للوصول الى اسباب الاخفاق في نسب النجاح والسماح لهم على الاطلاع على عمل الفاحصين والمدققين ونماذج من الدفاتر الامتحانية وتكون هذه البحوث سرية ترسل نتائجها الى السيد وزير التربية".

فيما عزا الصحفي الموصلي محسن الجبوري الأسباب الى العمل بـ"نظام العبور والتعليم المسرع المدارس الأهلية ومدارس الطينية والنقص في الادارات والتواجد غير المبرر للكوادر التربوية في الإقليم، والوزارة بلا وزير، كلها مشتركات أساسية في هبوط المستوى التعليمي ووصولنا الى هذه النتائج المعيبة في مستويات النجاح".

من جانبه يرى سطام خضر وهو أحد أعضاء الكادر التدريسي في المحافظة يحمل "القرارات الغير المدروسة وفي مقدمتها قرار دخول الوزاري الشامل لكل الطلبة والتساهل في ادخال الطالب بالامتحانات الوزارية وهو راسب بثلاثة دروس ومنحه عشر درجات وهو في مستوى دراسي متدني جداً فضلاً عن التهاون من قبل ادارات المدارس في انجاح الطلبة الغير المستحقين للنجاح اعتباراً للمحسوبيات والعلاقات الشخصية كلها تقف في مقدمة أسباب تراجع التعليم في المحافظة ووصولها الى هذا المستوى المتدني جداً الذي لا يليق لا بالمدينة ولا بتاريخها العريق".

وبالتالي معالجة هذه الظاهرة بحاجة الى تدخل مباشر وعاجل من قبل الحكومة الاتحادية في بغداد ووزارة التربية من خلال تأمين اللوازم المدرسية للطلبة وكذلك العدد الكافي من الكوادر التدريسية، فضلاَ عن عدم السماح بالدخول الشامل بالنسبة لطلبة مرحلة الثانوية في الامتحانات الوزارية مع تشديد الرقابة على الطالب من قبل الأهل وعدم السماح له بالانشغال خارج الوقت اللازم والمحدد بالألعاب غير الضرورية وخصوصاً ما يتعلق الانترنت وغيره من الأمور التي تشغله خلال وقت الدراسة.

 

تقرير:عمر الصالح

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم