صحيفة المثقف

الجدار

عمار حميدقبل الآن.. لم يكن في رأسي سوى افكار مشوشة وتساؤلات مبهمة، ونظرة ساهمة نحو جدار أقف قبالته يمتد بعيدا حدّ اللانهاية في الأفق، ويتلاشى حتى يختفي بين سماء ملبدةٍ بغيوم رمادية، والعديد من الرجال والنساء ينظرون مثلي نحو الجدار ببلاهة ويقفون بلا حراك، قسم منهم غاص حتى منتصف جسده في الارض وقسم آخر بانت قمة رأسه من فوق التراب فيما بعض شواهد القبور شاخصةً قبالة الجدار،  وبالقرب من الجميع تقف شجرة يبدو انها ميتة منذ زمن طويل جدا، تناثرت حولها على الارض اليابسة مفاتيح صدئة فيما حملت اغصانها بعضا من هذه المفاتيح، مر الزمن بي طويلا وانا اقف قبالة هذا الجدار وما لاحظته انني كلما بحثت في افكاري وتساؤلاتي المشوشة وأعدت ترتيبها توضحت لدي الرؤيا تدريجياً لأجد ثقبا على الجدار الذي احدق فيه، ثقبا يشبة ثقب باب ينتظر مفتاحاً يلج فيه، التفتُّ نحو الشجرة محاولاً الوصول اليها الا ان قدماي غائرتان في الارض منذ فترة طويلة فلم اتمكن من الحركة، جاهدت كي اتمكن من تحريرهما بينما الاخرون ساهمون محدقين نحو الجدار والبلادة على وجوههم واستطعت بعد محاولات عديدة استمرت طويلا لم اعرف فيها معنى للأستسلام ان انتزع ساقاي ثم خطوت بتعثر ووهنٍ نحو الشجرة العتيقة ومددت يديَّ الى احد المفاتيح، اتجهت صوب الجدار ووضعت المفتاح في الثقب ثم ادرت المفتاح قليلا نحو اليمين، ففتحت باب مخفية من الجدار على نور ساطع ونسائم لطيفة تهب من الجانب الآخر، وقبل ان أجتاز المدخل ألقيت نظرة اخيرة على المحيطين حولي وهم بلا حراك محدقين بلاهدف نحو هذا الجدار، أبقيتُ الباب مفتوحا على سعتهِ.. الا انه لم تصدر منهم نأمة.

 

عمار حميد مهدي

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم