صحيفة المثقف

مسرح عراقي بأسلوب بريشت

عمار حميديعد الألماني بيرتولد بريشت احد اهم الكتّاب المسرحيين العالميين الذي كتب اعمالا مسرحية استمدت شهرتها وتأثيرها من خلال الحقبة التاريخية التي مرت بها المانيا في العهد النازي وكذلك معارضته لحكم هتلر من خلال هروبه وكتابة اعماله خارج المانيا في ذلك الوقت مستعرضا القمع والطغيان ومنتقدا له، وبعيدا عن التقديم لأعماله والتي من الممكن ان يطلع عليها القارئ فأن تميزه ونجاحه في اعماله تركز على عنصر هام اختص به وهو أن المتلقي يعتبر المحور الأهم في تأليف العمل المسرحي، فمن اجله تكتب المسرحية، كي تثير لديه التأمل والتفكير في الواقع والدفع لتغييره من خلال اتخاذ موقف ورأي من القضية المتناولة في العمل المسرحي. ومن أهم أساليبه التي أوجدها في كتابة المسرحية:

هدم الجدار الرابع: ويقصد به جعل المشاهد مشاركا في العمل المسرحي، واعتباره العنصر الأهم في كتابة المسرحية. والجدار الرابع معناه أن خشبة المسرح التي يقف عليها الممثلون، ويقومون بأدوارهم، بمثابة غرفة من ثلاثة جدران، والجدار الرابع هو جدار لامرئي وهو الذي يقابل الجمهور.

التغريب: ويقصد به تغريب الأحداث اليومية العادية، أي جعلها غريبة ومثيرة للدهشة، وباعثة على التأمل والتفكير.

المزج بين الوعظ والتسلية، أو بين التحريض السياسي وبين السخرية الكوميدية.

استخدام مشاهد متفرقة: فبعض مسرحياته تتكون من مشاهد متفرقة، تقع أحداثها في أزمنة مختلفة، ولا يربط بينها غير النسق العام لأحداث المسرحية.

تقديم استعراضات غنائية خلال مسار الاحداث في المسرحية وذلك كنوع من المزج بين التحريض والتسلية.

ومن هذا المنطلق فأن البنية المسرحية العراقية الان لديها مصدر ثري للأغتناء والاستفادة من عناصر بريشت المسرحية تلك عبر التحولات والتغيرات التي شهدها المجتمع العراقي ولازال ، فأذا استغل المسرح العراقي بشكل فاعل ومؤثر هذه العناصر الاساسية في مذهب بريشت المسرحي وخاصة مفهوم هدم الجدار الرابع فأنه بذلك سيكون عنصرا هاما في اثارة المجتمع العراقي وتمرده على واقعه الحالي كما سيحقق المسرح ذلك الشعار الذي يقول (أعطني خبزا ومسرحا أعطيك شعبا مثقفا) ، فالمجتمع العراقي بحاجة ماسة الان لدفعه نحو التحريض والتغيير ولن يكون المسرح الا احد أهم وسائل هذا التغيير.

ولن يكون العنصر الثاني (اي التغريب) غريبا من الاساس على واقع المجتمع العراقي وتقديمه من خلال المسرح عبر مزجه مع عناصر مستمدة من خيال المؤلف المسرحي وخلق العناصر الجاذبة للمتلقي والتفاعل مع الموضوع المسرحي.

اما بقية العناصر التي يتبعها بريشت في اعماله المسرحية فأن المشهد العراقي على ارض الواقع زاخر بها ، فالمجتمع في العراق يقابل مشاكله بالسخرية تارة وبالغضب والحزن تارة اخرى كذلك يعود بالذاكرة الى ازمان ماضية يحن اليها لكنه يفتقر الى النظر نحو المستقبل ورسم الخطط له وهذا مايمكن ان يقدمه المسرح وتحريك المجتمع نحو ذلك الاتجاه من خلال اساليب بريشت.

في هذه المرحلة الراهنة فأن المجتمع العراقي بحاجة ماسة الى المسرح لتغيير واقعه ونجاح المسرح العراقي في هذه المهمة سيكون كبيرا اذا ركز على اساليب بريشت وكذلك مخيلة المؤلف العراقي المسرحي الغنية والمبدعة.

 

عمار حميد مهدي

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم