صحيفة المثقف

التصوير الرمزي في شعر يحيى السماوي.. شعر التفعيلة أنموذجاً

يُعَدُّ الرمز من التقنيات الفنية التي وظفها الشعراء في مختلف العصور وعلى اختلاف انتماءاتهم الفكرية والأيدلوجية، وذلك يعود لما لهذه التقنية من تأثيرٍ فعّال في تثوير دلالة النص الإبداعي من خلال تكثيف الدلالات بمساحةٍ ضيقةٍ ومحدودةٍ، مع توفر البعد الدلالي الذي ينفتح على تشظي التأويل، ولم يكن الشاعر يحيى عباس السماوي بعيداً عن هذا التوظيف، إذ سجل حضوراً مائزاً في مساحاته الشعرية الموصوفة بــ(قصيدة التفعيلة)، ولذا جاءت فكرة هذا البحث تحت عنوان (التصوير الرمزي في شعر يحيى السماوي / شعر التفعيلة أنموذجاً)، وتم تقسيمه على محاورٍ عده منها: (أهمية التوظيف الرمزي)، وفيه وقف الباحث على أهمية توظيف الرموز في رسم ملامح الصورة ودلالتها عند الشاعر، ثم قسمنا الرموز التي مثلت مهيمناً نقدياً في المتن تبعاً لمدى حضورها على: (الرموز الأدبية) وتناولنا فيه الرموز التي تكاد تشكل خصوصيةً في توظيفها عند الشاعر، على الرغم من شيوع بعضها عند شعراء آخرين، أما المحور الثالث فقد جاء بعنوان (الرموز التراثية) وهو القسم الثاني من أقسام الرموز التي تم توظيفها من قبل الشاعر يحيى عباس السماوي، وقام على (الرموز الدينية)، وعلى (الرموز التاريخية)، وكلاهما تمثل بشخصيات سجلت حضورها في التكوين المعرفي للمتلقي العربي وبمختلف توجهاته واهتماماته، ثم خاتمة البحث التي تضمنت أبرز النتائج التي توصل إليها الباحث.

اعتمد البحث المنهج التحليلي الاستقرائي في تناول هذه الظاهرة النقدية مستعيناً بمصادرٍ تتصف أغلبها بالتوجه النقدي الحديث.

أهمية التوظيف الرمزي

يُعَدُّ الرمز من أكثر الوسائل الفنية انتشاراً في التشكيل الصوري للقصيدة العربية المعاصرة، فهو يتيح للشاعر(تجسيد رؤيا هو يمنحها شكلاً حياً و ملموساً)(1)، ويعطي فرصة لتأمل شيء (آخر وراء النص. فالرمز هو قبل كل شيء، معنى خفي وإيحاء، إنَّه اللغة التي تبدأ حين تنتهي لغة القصيدة)(2). لذا فأنَّ التصوير بالرمز هو (تقرير للقضايا، وتسجيل للأحداث)(3)، كونهُ أول قيمة شعورية مباشرة تنبع من تجربة الشاعر؛ لتحدد رؤيته الشعرية بوساطة الصور الناتجة عنه (4).

فضلاً عن كون الرمز وسيلة إيحائية يحاول الشاعر فيها تقديم حقيقة مجردة، أو شعور، أو فكرة غير مدركة بالحواس في هيئة صور وأشكال محسوسة يجعلها قادرة على الإيحاء بما يستعصي على التحديد والوصف من مشاعره وأحاسيسه وأبعاد رؤيته الشعرية المختلفة (5)، ليحّمل رموزه (وظائف جمالية عندما تسهم تجربته على نحو مؤتلف مع مكونات النص الفني)(6).

فالرمز في حقيقته (صورة الشيء محولاً إلى شيء آخر، بمقتضى التشاكل المجازي، بحيث يغدو لكل ِّ منهما الشرعية في أنْ يستعلنَ في فضاء النص، فثمة ثنائية مضمرة في الرمز وهذه الثنائية تحيل على تقويمين جماليين متماثلين مع الإشارة إلى إنَّ هذا التماثل هو الأساس في التحويل الذي يجريه المبدع ـ أي هو الأساس في جعل الثنائية واحدية في الرمز)(7)، وما هو إلاّ (وحدتهُ الأولى صورة حسية تشير إلى معنوي لا يقع تحت الحواس، ولكن هذه الصور بمفردها قاصرة عن الإيحاء: سمة الرمز الجوهرية، والذي يعطيها معناها الرمزي إنَّما هو الأسلوب كله، أي طريقة التعبير التي استعملت هذه الصورة وحملتها معناها الرمزي، ومن ثم فإنَّ علاقة الصورة بالرمز من هذه الناحية أقرب إلى علاقة الجزء بالكل، أو هي علاقة الصورة البسيطة بالبناء الصوري المركب الذي تنبع قيمته الإيحائية من الإيقاع والأسلوب معاً)(8)، فضلاً عن كون الصورة تتحول إلى رمز من خلال (وفرة دلالاتها وكثرة معانيها وقدرتها على الإيحاء والتداعي، وإنَّما هو وضع خاص لها تكّون فيه نسقاً كاملاً من التجربة أو كائناً مستقلاً يملك حياته المتكاملة دون اعتبار لأيِّ معيارٍ عرفي من معاييرها، وما لم ندرك هذا الفرق الضروري، فستقع لا محالة في شرك، فنتعامل مع كل َ صورة ٍ قادرة على الترميز رمزاً فنياً)(9).

وطبيعة الرمز لا يحل شيء محل شيء آخر فحسب، ولا يكتفي بمجرد الدلالة، حيث الطرفان طرف العلاقة الدالة وطرف الشيء المدلول عليه يعملان معاً (10)؛ لأنَّ وظيفة الفنان أنْ يجسد خبرته في رموزه، فيستعمل ما يجده في عالم الطبيعة، ويعبر به عن رؤيته في الأشياء التي يرمز لها في نصوصه (11).

ولو بحثنا في سبب لجوء الشاعر إلى توظيف الرمز في تشكيل صورته لوجدنا أنَّه (مرغم على ذلك بسب وجود عوائق سيكولوجية واجتماعية وأخلاقية فضلاً عن الخوف والحياء، تَحول دون اللجوء إلى التعبير مباشرة عن رغباته وأحاسيسه، أي أنَّ الشاعر يَعمد إلى الرمز بصورة طبيعية وقسرية في آنٍ واحدٍ، فيظهر رمزه كمظهر الثورة على الوضوح الكلاسيكي العادي، الذي يشوبه الصدق وعدم الافتعال، وبصورة أخرى إنَّ الشاعر يغير طرائق التعبير الشعري فيحل الرمز والإيحاء ـ حسب رأي الدكتور مندور ـ محل التقرير والإفصاح...)(12)، فضلاً عن وجود عوامل أخرى تتمثل (بوجود عوامل فنية، كعامل الرغبة في نقل أحاسيسه إلى الآخرين، والتأثير بهم، وغالباً ما يحقق الشاعر هذه الرغبة باستخدام الصور والتشبيهات والاستعارات وغيرها من ضروب البيان والبديع، والقيم الفنية التي تنثال من مخيلة الشاعر بتلقائية تتسامى على كل افتعال أو تصنع)(13). إلى جانب ذلك ثمة أسباب سياسية في المجتمعات الدكتاتورية التي لم تمكن الشعراء من التعبير مباشرة عن مقاصدهم خوفاً من القمع السلطوي.

ولذا (بات الشعر المعاصر أكثر تعقيداً، وأميل إلى الاستغناء بالإشارة والتلميح عن التصريح فقد انبثقت أشكال بنائية متقدمة وبدأ الشاعر بهجر المباشرة والتقريرية، واعتمد الإيحاء والرمز والبناء بالصورة الشعرية عن طريق إيجاد (معادلات موضوعية) لانفعالاته وأفكاره وتجاربه)(14).

وتكمن جمالية الرمز في تشكيل الصورة الشعرية إذا كان (نابعاً من حاجة القصيدة إلى تلك الرموز، وما تمتلكه هذه الرموز، من مجال درامي أسطوري يتفاعل مع تجربة الشاعر المعاصر)(15)، لكي يكون أكثر جمالاً وتأثيراً حتى يتنفس في القصيدة كلها، ويمتد فيها كاشفاً عن رؤيا الشاعر (وينبغي أن ندرك بوضوح أن استخدام الرمز في السياق الشعري يضفي عليه طابعاً شعرياً، بمعنى إنَّه يكون أداة لنقل المشاعر المصاحبة للموقف وتحديد أبعاده النفسية)(16).

وقد تنوعت الرموز وتشعبت مصادرها وطريقة تناولها، وليس مجال البحث في هذه الدراسة استقصاء تلك التشعبات وتفريعاتها، وإنّما نكتفي بدراسة الظاهرة في شعر يحيى السماوي في النصوص التي تميزت في تشكيل صورها باستخدام الرمز، بصورةٍ عَمقّت من فاعلية الصور التي شكلها، ونقلها إلى مصاف الجمالية.

فمثل الرمز في لغته الشعرية أبرز أسلوب جمالي في تشكيل صوره الشعرية، مضفياً عليه أبعاداً دلالية شعرية جديدة يحرص فيها على الإيحاء بخصوصيته الأسلوبية من جهة الأداء، وعلى عدم حضور فاعلية الآخر الشعري (17).

فيحيى السماوي شاعرٌ يعيش باحثاً عن رموزٍ تعادل تجربته الشعورية، تلك التجربة التي تعمقت؛ أثر اغترابه وحنينه إلى وطنه، وعشقه المتمثل بتجربته الرومانسية، ورفضه المتواصل للمحتل بكافة تجلياته، لكون الرمز (يتيح للشاعر تعبير آفاق واسعة لمعانيه الشعرية، بمعنى إن المعنى الشعري الصادر عن أسلوب الرمز، هو معنى مكثف ذو تجليات خاصة)(18).

والمتتبع في شعره يكشف أنَّ نصوصه غنية بالرموز الفنية التي بثها في صورٍ حية تؤلف بين ذاته والواقع الذي يريد أنْ يصوره. فيخلق منها قوة تأثيرية ضاغطة على السامع والقارئ. لذا جاء الرمز لديه موزعاً على مجموعتين هي:

أولاً: الرموز الأدبية.

ثانياً: الرموز التراثية وتقسم على قسمين: الرموز الدينية، والرموز التاريخية.

أولاً: الرموز الأدبية

يمثل الرمز الأدبي (عمقاً أو بعداً من أعماق أو أبعاد المعنى)(19)، وهو هنا غير الرمز الأسطوري الذي توارثه الشعراء بالتوظيف وتوالى عند غيرهم حتى غدا أسطورة، ولا الرمز البدائي الذي انحدر إلينا من الثقافات البابلية والفرعونية واليونانية والهندية(20)، وإنَّما هو ذلك الرمز الذي أبتكره الشاعر من خلال إلحاحه على لفظةٍ محددة ٍ حتى تغدو في شعره رمزاً، ليوحي من خلاله بتجربته الانفعالية، وارتباطه بظروفه النفسية، وهو على وفق هذا التوصيف (ابن السياق)(21).

وعند تفحص نصوص الشاعر، يجد الباحث أنَّه قد وظف رموزاً، تميزت بالأصالة والابتكار من خلال مزج رؤيته بالواقع مزجاً تخيلياً عميقاً، فيعطيه أبعاده الجمالية والتأثيرية (22)، ورموزاً أخرى أنتزعها من الطبيعة، وأسماء لشخوصه التي مثّلت صفحات مضيئة في مخيلته. فالشاعر المبدع (هو الذي يستطيع خلق الرمز الجديد الذي يوصف بأنَّه حي ومحمل بالمعنى)(23).

فمن الرموز التي أبتكرها الشاعر رمزية (صوفائيل) بأنَّه نحت كلمة من كلمتين الصوفية والملائكية، وهو ملاك العشق الصوفي (24)، وأسماء أخرى مثل (مجدائيل، عشقائيل)، وكأنَّما يوجد ملاك للعشق الصوفي الذي شيده في بنية خطابه العشقي. إلا أنَّ إلحاحه على لفظة (صوفائيل) التي تكررت (عشرين مرة) حتى غدت رمزاً لرسول محبوبته، التي أضفى عليها سمة القداسة، فحاول (تنكير طبيعته الحسية من خلال اشتقاق تركيبة الاسم من الصوفية المرتبطة بلاحقة لغوية سومرية ترتبط بسمة الإلوهية (أيل)، تضاعف من التغريب الأسطوري لدوره)(25).

فما صوفائيل إلا مرسال بين المرسل (المحبوبة)، والمرسل إليه (الشاعر) الذي ينتظر أنْ يأتيه بوصايا قانتته الزهراء، التي ينتظر أنْ تنزلَ عليه عبر مبعوثها، الذي يبلغه بوصاياها بصورة غير مباشرة (26)، كما تبين ذلك في قصيدة (بعيداً عني قريباً منك) التي يقول فيها:

جاءني

في خلوة الفجر على الساحل

" صوفائيلُ "

يمشي خلفه الأطفالُ

والإزهارُ..

والنهر ُ...

وأسرابُ الحَمامْ

قالَ ليْ:

تُــبْـلِغُـكَ الضّـوئيـّة ُالعِـشقِ

السّـــلامْ

وتقولُ أحْـذرْ مـنَ:

الغـــمْــزِ

أو

اللـــمْـزِ..

أو الهـَمْـزِ

إذا تكتب شعراً..

فالذي يغــمــزُ

أو يلـمِـز

أو يهمِـزُ من طاهرةِ الثوبِ لئيمٌ..

وأنا فردوسيَ الناسِكُ لا يدخلهُ

المارقُ..

والآثِمُ..

والآكِـلُ من صَحـْـنِ الطواويسِ

وماعونِ اللئامْ (27)

يتضح من هذا النص أنًّ (صوفائيل) رسول الوصايا الأخلاقية، إنسانية وشعرية، فالرمز هنا وضح البنية الصوفية التي شيدها الشاعر في خطابه، وأوضح صورة قانتته (الزهراء) ذات صفات القداسة التي أستدل عليها الباحث من وصاياها عبر رسولها (صوفائيل)، فهو رمز للخير والعطاء، وصيانة النفس من المريب الذي يدنسها. ونلتمس ابتهاجات الفرح والخير دائماً يأتي بها مبعوثها في قوله:

جاءني

في يوم ِعيدِ الوردِ "صوفائِيلُ"..

مبعوثاً

من القانتةِ الزهراء ِ..

حَيّاني..

وألقى للعصافيرِ على النّخلة ِ

قمحاً..

جاءَ طيرٌ يُشبهُ الهُدهُد َ..

حَيّاه..

فقالا كلمات ٍ..

ومضى الطائرُ حتى غاب َ

في حضن ِ الفضاءْ.. (28)

يُلحظ في المقطع السابق حركة التبليغ التي جاء بها المبعوث (صوفائيل) المتمثلة بالتحية الملقاة على الشاعر، وحركة إلقاء القمح على العصافير، فهي تعزيزٌ لرمزية الخير والعطاء التي دائماً ما يأتي بها صوفائيل وهو حاملٌ هذه الكرامات، فامتدت كراماتها عن طريق مبعوثها ليس على الشاعر فقط، بل امتدت لتشمل الكائنات الحية الأخرى.

وهناك شخصية اتسمت بالبطولة في مقاومة النظام آنذاك، عاصرها الشاعر في حقبة من حياته السياسية، وهو ما جعل الباحث يلتمس أثرها في فكر الشاعر من خلال إلحاحه عليها في قصيدته التي حملت اسم المرثي (كامل شياع)(*) فاتخذ منه رمزاً للشجاعةِ الأبية، ورمزاً للشهيد الذي خلده القرآن بأنَّه حيٌ لا يموت بقوله:

ما مات َ" كاملُ "..

إنَّ " كامل " لا يموتْ:

ما دارَ ناعورٌ

وفاضتْ بالهديل ِحمامة ٌ

وتوضأتْ بالشمسِ أبوابُ البيوتِ!

ما ماتَ " كاملُ "..

" كاملُ " اختصرَ الطريقَ إلى السَّماءْ

من كوَّة ٍ في رأسهِ الضوئيِّ

والجسدِ المُخَضَّبِ بالدماءْ (29).

جعل الشاعر ذكرى استشهاد (كامل شياع) رمزاً من رموز النضال والتضحية التي قدمها الشعب العراقي بيد أن ذكره لم ينفصل عن السياق الرثائي الذي تطور في القصيدة المذكورة، فضلاً عن دلالة اسم المرثي التي عززت من دلالة الصورة؛ لكونها تدل على (الكمال والتمَّام، كمال الخير)(30).

ومن هنا يبدو للباحث أنَّ (كامل) الرمز يتحرك دائماً في نفس السياق الرثائي على طوال القصيدة التي تكرر فيها (ثماني عشر مرة)؛ لأنَّ التجربة الشعرية للشاعر بقيت متأثرة بالحدث الجلل الذي رسم درب المناضلين المخلصين أمثاله، ولكن عزاء الشاعر أنْ يكون (المرثي) الرمز القدوة ومثالاً للتضحية في سبيل تحقيق الخلاص والتحرر.

وثمة نوعٌ آخر من الرمز الأدبي لا يخفى أثره، ودوره في تصوير عمق تجربة الشاعر، وهو (الرمز الطبيعي) الذي كثيراً ما يختلف عن باقي الرموز الأخرى، لعدم تدخل الإنسان في تكوينه، لذا تكون قيمته الجمالية متبدلة ومتغيرة، بصورة دائمة، ممّا يجعل تاريخه مستمراً وغير محدد نهائياً، وهذا ما يميزه عن الرموز التراثية التي تمتلك وجوداً محدداً في الذاكرة الاجتماعية، التي تفرض نسقاً معيناً في تلقي هذه الرموز. أي أنَّها لا تتصف بالحيوية التي يتصف بها الرمز الطبيعي والابتكاري(31).

(وإنَّ هذه الحيوية تعطي المبدع حرية عظمى في التعامل الرمزي، بحيث لا يبدو مقيداً بتلك الذاكرة.... فللأشياء تواريخ، في الوعي الاجتماعي، لا يمكن للمبدع أنْ يهملها أو يتغاضى عنها؛ غير إنَّ هذه التواريخ متواصلة النمو والتبديل والتغيير والإضافة والحذف والتعديل بحسب التجارب الاجتماعية المتبدلة أيضاً)(32).

والمتتبع لشعر التفعيلة عند يحيى عباس السماوي يلمح تدفقاً ملحوظاً في استخدام رموز الطبيعة، وتحميلها دلالات نفسية وفكرية من خلال إسقاطات ذاتية، عَبرَ مماهات الذات الشاعرة مع تلك الرموز؛ لذلك نجد النخيل تكرر في شعره كثيراً، ومثل حدثاً ثابتاً عند الشاعر، ويتغير في الرؤية الشعرية لديه تبعاً للرؤية النفسية. فشكلت هذه المفردة (الثيمة المركزية) للنصوص التي انضوت تحت هذه المجاميع.

فعمد الشاعر على تجسيد إحساساته في النخيل، ولكنه جرده من كثافته الحسية، فتعامل معه بوصفه قوة معنوية، ترمز للشموخ والإباء والرفعة تارة (33)، وتارة أخرى رمز لبلده العراق وارتباطه بذكريات الطفولة وهو في أرض غربته؛ لأنَّ (النخل رمزٌ للعراق؛ لشهرته به، وقد يستعمل هذا اللفظ للدلالة على السمو والشموخ والكبرياء)(34). فتنوع الدلالة الرمزية للفظة النخيل تبعاً للسياق الذي ترد فيه كما سبق تذكرنا بمقولة الدكتور مصطفى ناصيف: (الرمز ابن السياق وأبوه)(35).

فالنخلة تحتل مكانة خاصة ومتميزة في نصوصه الشعرية؛ لأنَّها كما يفيد التفسير الأسطوري صورة من صور الأمومة والخصوبة، وما تزال رمزاً للخير والعطاء، ورمزاً من رموز الأرض والماء والشجر(36)، فضلاً عن كونها تحتل مكانة في الموروث الديني في قوله تعالى: فِيهَا فَاكِهَةٌ وَالنَّخْلُ ذَاتُ الْأَكْمَامِ (37)، والنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ لَهَا طَلْعٌ نَضِيدٌ (38). وتبوَّأَت مكانة سامية في الأدب العربي، فتغنى بها الشعراء، وتفنن في وصفها الأدباء والبلغاء، فأحسنوا وأجادوا (39)، فما السماوي إلا واحدٌ من هؤلاء الذين تفننوا في تصويرها، فأستثمرها، وجعل لها مكاناً خاصاً في شعره، فكثيراً ما آتخذها رمزاً للتلاحم بالأرض والوطن. بحيث لا نجد مجموعة شعرية من مجاميعه تخلو من هذه المفردة ودلالاتها، إذ بلغ تكرارها من خلال إحصائية أجراها الباحث (ثماني وستين مرة) في نمط شعر التفعيلة، ومنها قوله في قصيدة (إنَّهم يقتلون النخل):

هم يقتلونَ النخلَ !!

إنَّ النخلَ مُتهَمٌ برَفضِ الإنحناءِ

وبالتشبُّثِ بالجذورِ..

وباخضرارِ السَّعفِ..

مُتهَمٌ بإيواءِ العصافيرِ التي

لا تحْسِنُ استقبالَ:

أعداءِ الطفولةِ..

والطواغيتِ الكبارْ..

والنخلُ مُتهمٌ

بتأليبِ المياهِ على الطحالبِ

في بحيراتِ الدهاقنةِ الصغارْ

للكافرينَ بعشقِ نخلتنا القرارْ(40)

نَلحظُ أنَّ لفظة (النخل) ظلتْ ترافقنا تباعاً عبر صورتها المتكررة، فجسد الشاعرُ صورةً رمزيةً، صور فيها النخيل بأنَّه رمز للشموخ والقوة والثبات (41)، وضح دلالة الفرد العراقي، ورفضه الخضوع والانحناء للمحتل، فتعامل الشاعر مع عنصر من عناصر الطبيعة (النخيل)، وأرتفع بدلالة اللفظة من مدلولها المعروف إلى مستوى الرمز، فحاول بوساطة رؤيته الشعرية أنْ يشحن اللفظة بمدلولات شعورية خاصة وجديدة (42)؛ لأنَّه وجد فيها دلالة سياسية، عمقت من دلالة موقفه الرافض للمحتل.

ويبدو أنَّ الصورة التي جاء بها الشاعر، وبخاصة ما توحي به العبارتان (النخل ُ متهمٌ برفضِ الانحناء)، (وبالتشبث بالجذور) تستثير استجابة نفسية لدى المتلقي، وذلك حين يتصورها صورة الفرد العراقي الأبي، الذي مهما تعرض لأحداث يبقى متمسكاً بعروبته، فضلاً عن كون التكرار اللفظي للمفردة عززّ من دلالة الصورة التي صورها الشاعر في كل فقرة وردت فيها.

ويعاود تكرار لفظة النخيل وتحميلها مدلولات رمزية متعددة من خلال ارتباطها بذكريات الحنين إلى وطنه بقوله في قصيدة (إنَّها السماوة فآدخلي آمنة مطمئنة):

يا نخلةَ اللهِ

السلامُ عليكِ يومَ وُلِدتِ من قبلي بَتولاً..

والسلامُ عليكِ

يومَ أموتُ فيكِ مـُـضـرَّ جاً

بلظى الصّبابةِ والتغــرُّبِ..

والسلامُ على جذورِكِ يومَ أبْعَثُ في الفسيلةِ..

والسلامُ على الفراتينِ..

السلامُ على السماوةِ..

والسلامُ على السلام

فأنا وأنتِ وعشقنا المجنونُ

ثالوثُ المحبَّــةِ والغرامْ

يومـــي بظــلِّكِ:

ألفُ عامْ (43)

يجسد الشاعر ثنائية الماضي والحاضر في توحده بـ (نخلة الله) التي يصنع منها رمزاً للحنين أثر إحساسه بالوحدة وهو في ظل غربته. فيعمق دلالة اللهفة والشوق إلى وطنه من خلال استدعائه النخلة رمزاً لذاته المغتربة (44). وكذا فإنَّ استعمال الشاعر لأسلوب النداء بحرف (يا)، الذي يستعمل لنداء البعيد وفيه مد صوتي، خيرُ دليل على أنَّه في ضيق ومعاناة شديدة، فهو كمن يستنجد بالأحبة والخلان والوطن، ثم آنظر كيف يحن حنيناً شديداً إلى (الفراتين)، (السماوة). وهكذا يجمع الشاعر عدداً من الصور التي جذبته إلى وطنه على الرغم من كل المعاناة، ويجعلها كلها مصدر إلهامه بما في ذلك أيام صباه في مدينته التي صرح بلفظها ـــ ومجاورتها (نهر الفرات).

ومن الرموز الطبيعية التي وظفها الشاعر في تشكيل صور شعرية ذات طابع جمالي، استلهامه من الطبيعة المتحركة رموزاً حملها دلالات وضحت تجربته التي يعيشها، فاتخذ من طائر (الهدهد) رمزاً للبشرى في جميع الصور التي ورد فيها، والتي بلغ عددها (أربع عشر مرة)، ومنها قوله في قصيدة (هوامش من كتاب الحزن العراقي):

كيفَ للهدهدِ

أنْ يحملَ بشراه إلى نافذتي

في زمنٍ

أصبحَ فيه الصُّبحُ

أدجى من عباءات الدراويشِ

وأحداقِ المداخِنْ (45)

يمثل الهدهد في نصوص يحيى السماوي رمزاً للبشرى التي عُرِفَ بها في الموروث الديني، وهي صورة أستلهمها من البشرى التي جاء بها طائر الهدهد إلى نبي الله سليمان (عليه السلام) حاملاً بشراه، إلا أنَّ الشاعر يصرح متسائلاً عن كيفية وصول البشرى، لوجود العوائق في مثل هذا الزمن. فالتصوير بالرمز عمق من دلالة الموقف المأساوي لبلده.

ويكرر الصورة نفسها في قصيدة (حكاية التي صارت تسمى):

مــرَّ دهــرٌ

وأنا أنـتـظـرُ الــهـُـدهـُـدَ

أنْ يأتــي ببشرى مـطــرٍ

يُطــفئُ نيرانَ ظـنـوني (46)

وقوله أيضاً معززاً دلالة انتظاره البشرى في قصيدة (مُــدّ لي حبل جواب):

فـمــتى

هُــدهُــدُك َ الموعودُ

يأتي

حاملاً بُشراهُ بالفردوسِ

والخمرِ الحلالْ ؟(47)

فرمزية طائر الهدهد في جميع النصوص التي وردت فيها، لا تخرج عن مفهومها المتعارف عليه في الموروث القرآني وهي (بشرى سليمان)، فما البشرى التي ينتظرها الشاعر دائماً، إلا انتظار الغد الجميل الذي يسود فيه الأمان والحرية والعدالة، ويحمل المحبة لكل الناس، انتظار البشرى بمجيء القائد الذي يحمل نسك (محمد باقر الصدر)، وزهد (عبد الكريم قاسم) (48).

ثانياً: الرموز التراثية

يُعَدُّ يحيى االسماوي واحداً من الشعراء الذين استثمروا الرموز التراثية في كثير من قصائده، من خلال توظيف ما فيها من طاقات دلالية مؤثرة عريقة، بعيدة الأغوار في نفس الشاعر والمتلقي في آنٍ واحد، من أجل التعبير عن رؤياه المختلفة المعقدة، ليصل إلى مرحلة التعبير بالموروث ذات الإيحاء والتأثير العميق، بحيث أصبح الرمز التراثي جزءاً من نسيج، وعضواً لا يستغنى عنه (49).

فاستلهم الشاعر من التأريخ، وما يتصل به من شخصيات سلبية كانت أو إيجابية، وجعلها شخصيات رمزية وموحية في محاولة منه لإعادة قراءة التاريخ، ثم توظيفه بصورة انتقائية هادفة، وغالباً ما يرى فيها تجسيداً لمواقف بطولية، ترسم منهجاً واضحاً لقانون القيم الدينية والأخلاقية هذا من جهة، ومن جهة أخرى يرسم صوراً لقوى الشر المتجددة في أكثر من زمان ومكان من هذا العالم الإسلامي. لذلك فأنَّ (العودة إلى التراث لا تجدد شيئاً، ولكن بالانطلاق منه وبالإضافة إليه تجدد قوته)(50)، وتكون فائدة هذه العودة بما يعالجه من أحداث ومواقف راهنة. وإنَّ الاهتمام به لا يمنحه سمة الأصالة والتواصل من دون تحقيق صلة عميقة بين صورة القصيدة ومضامينها، وما استوحاه من التراث (51).

ومن جهة أخرى لا يشترط أنْ تكون الشخصية التراثية هي المرجعية الوحيدة بل هي صورة من صور المرجعية التاريخية وأحدى مصادقيها، لذا يمكن أنْ تتغير دلالاتها عند تشكيل الصورة، فدلالتها غير ثابتة (ويدلك على هذا إمكان استدعاء مبدع واحد لشخصية تراثية معينة، في سياقات مختلفة، للدلالة على معان متعددة)(52).

ولم يقف الشاعر في إفادته من تراثه القومي فحسب، بل توسع مفهومه للتراث حتى شمل رموزاً مختلفة الأصول والديانات، فطفق ينهل من معين التراث على اختلاف منابعه من رموز دينية وتاريخية مختلفة، وهذا ما سيتضح عندما نقوم بتحليل نصوص شعرية يكون التشكيل التصويري من الرمز مخالفاً أو معاكساً لمعناه الأصلي المرجعي. والرموز التراثية التي وجدها الباحث في شعر يحيى السماوي تنقسم على قسمين:

1ـــ الرموز الدينية

يمثل التراث الديني (مصدراً سخياً من مصادر الإلهام الشعري، إذ يستمد منه الشعراء نماذجاً وموضوعات وصوراً أدبية)(53)، فأخذ ينهل من التراث الديني وما يتصل به من شخصيات سلبية كانت أو إيجابية في شعره، وجعلها مصدراً أساساً من المصادر التي عكف عليها للتعبير من خلالها عن جوانب من تجاربه الشخصية، فكثيراً ما كان توظيفه للرمز الديني على صورةٍ جزئيةٍ أو إشارة في ضمن المستوى الدلالي للنص الذي يرد فيه.

ومن الشخصيات الدينية التي استدعاها الشاعر في تشكيل صورته، شخصيات ذات رمزية سلبية غالباً، كشخصية (أبرهة الحبشي) الذي يمثل رمزاً للظالم المستبد في قصيدة (بعض التفاصيل) لذا ننتخب منها قوله:

" أبرهةُ " الجديد يستحمُ في الفراتْ

والقَيْحُ في دجلة

فكيف لا يحتضرُ السنبلُ

أو تنطفئُ المُقلَة

وأهلنا سباتْ(54).

يستدعي الشاعر في هذا المقطع شخصية دينية ذات بعد سلبي رمزاً، بتوظيف تقنية الاسم المباشر، ليحاول امتصاص الدور الذي قامت به هذه الشخصية تجاه رمز ديني ذي أهمية خاصة في الجاهلية والإسلام (الكعبة المشرفة)، ثم إضفاؤه على الواقع المعيش في زمن الحرمان في حقبة الحصار الذي مر على العراق، فأبرهة الحبشي رمزٌ للحاكم الظالم المستبد المتمثل بشخص (صدام) الذي حاول أنْ يستبيح كل شيء، فيتمثل توظيف الرمز من كون أبرهة الحبشي هو رمز للظلم في ذلك الزمان، وصدام هو أبرهة الجديد.

ولعمق السلبية السوداوية لهذه الشخصية في الوعي الجمعي لدى القارئ، يستدعيها الشاعر في مكان آخر وقصيدة أخرى، ولكن بصورة مغايرة، وكأنَّه رمز لماض ٍمظلم يتسم بسوداوية حزينة، فانتزعه الشاعر بعد أنْ أتته قانتته الزهراء في قصيدة (خلعت أمسي) قوله:

وكنتُ مِنْ قبل هواكِ تائهاً

أبحثُ في الأرضِ عن النجمِ

وفي السماءِ عن ظِباءْ

أبرهةُ الضلّيلُ كان في دمي

ومنذ أنْ أسرِتْني

صار فمي مئذنةً

وفي عروقي دمُ أولياءْ(55).

يمثل أبرهة الحبشي في النص السابق رمزاً لماضٍ مظلم ٍعاشه الشاعر في ضياع متواصل، وبحث مستمر عن سمة الاستقرار، إلا أنَّ هذه السمة تحققت نتيجة مجيء الزهراء التي مثلت رمزاً للخلاص من ذلك الماضي. فسمة التحول تتسم بنزعة صوفية نستدل عليها من الألفاظ الموحية بذلك  (مئذنة، دم أولياء).

وفي قصيدة (نقوش على جذع نخلة)، يستدعي شخصية تراثية ذات مدلول ديني سلبي، بوساطة الكناية، وهذه الشخصية ذات ارتباط مباشر بشخصية (أبرهة الحبشي)، وهي شخصية (أبو رغال)(56) الذي أشتهر بقصته المعروفة كدليل لأبرهةِ الحبشي، عندما قصد الكعبة هادماً. يقول فيها:

باسمِ الفرات المستباحِ

وباسمِ نخلٍ مُثْكَلٍ بالسَعْفِ والعرجونِ

حتى باتَ مذبوحَ الظِلالْ

فاكنسْ بمجرفةِ الجهادِ الوَحْلَ

واسْتَأْصِلْ جذورَ " أبي رغالْ " (57).

يختار الشاعر ما يناسب صورته التي يشكلها، إذ يمثل هذا الرمز صفة الخيانة، لذا يؤوله تأويلاً خاصاً يلائم طبيعة التجربة المستوحاة من الواقع الذي صوره، فجعل من هذه الشخصية ذات دلالة رمزية متجددة من خلال إضفائه الأبعاد المعاصرة في تشكيل صورتها التي رسمها، فيتحقق التحرر من الرمزية السوداوية، عند التخلص من كل الذي يؤدي دور(أبي رغال) الخياني.

ومن الرموز ذات الارتباط بالمرجعية الدينية التي اعتمدها الشاعر في تشكيل صور شعرية ذات إيحاء جمالي معززاً دلالة الموقف المراد تصويره للمتلقي، من خلال ازدواج رمزين (خير وشر) وردا في سطر شعري واحد في قصيدة (هوامش من كتاب الحزن العراقي) قوله:

تصرخ ُ المسْغبة الآن َ

بنا:

هزُلَ الخبزُ

وجوعي سَمُنا..

مثلكِ الآن َ

أُسَمِّي غُربتي أهلاًّ

وجُرحي وطنا..

كــلُّنــا أصبحَ " هابيلَ " و " قابيلَ "

ولكنْ

أيّهُمْ كان أنا ؟ (58)

تستمد الصورة جماليتها هنا من المفارقة التضادية التي أوجدها الشاعر، وفي الوقت نفسه شكلت أمراً ينسجم مع طبيعة السياق الذي يتأسس على رؤيا مفارقة تختزلها بنية الصراع الوجودي القائم بين رمزين أحدهما ذا بعد إيجابي، متمثل بـ (هابيل) الذي يوظفه الشاعر هنا رمزاً للتضحية، و(قابيل) الرمز (الذي يمثل العدوان والظلم والخيانة)(59)، رمزٌ حلت عليها اللعنة؛ لتمرده على إرادة الله عز وجل، فأتخذه الشاعر رمزاً لكل سفاح ومعتدٍ (60)، فيوظف الشاعر الرمزين معاً؛ ليرسم صورة مأساوية لأبناء بلده من خلال توظيف تقنيتين في تشكيل صورته، الأولى: تقنية التضاد المتمثلة بين الجملتين (هزل الخبز، جوعي سمنا) التي عمقت دلالة المأساة.

والثانية: تقنية الرمز في (قابيل وهابيل) التي وضحت أبناء بلده والصراع المحتدم بينهم مابين الجاني والضحية، أحدهما يقتل الآخر بعد دخول المحتل.

ومن توظيفه لهذا النوع من الازدواج الرمزي مابين شخصيتين ذاتي طابعين متنافرين قوله في قصيدة (بعيداً عني قريباً منك):

بستاننا مرعى الذئابِ

وحارسُ البستانِ لصٌّ

حِصّتي دغل ٌ..

وحِصّتُهُ البيادرُ والغصونُ المُثْقلةْ

الثوبُ ثوبُ الهاشِميِّ الطفلِ

لكنْ

في جيوبِ الثوبِ

نبْلةُ "حَرْمَلةْ"!(61).

يستدعي الشاعر في رسم ملامح صورته رمزية الطفولة المتمثلة بــ (عبد الله بن الحسين بن علي بن أبي طالب(عليهم السلام))، التي تمثل رمز النقاء والطهر والبراءة الضائعة(62)، و(حرملة بن كاهل) الرمز الذي يمثل الوجه المظلم في تاريخنا الإسلامي، فامتص ملامحه وأضفاها على كل مجرم لا يتحلى بالرحمة، فكأني به أراد أنْ يقول: إنَّ التأريخ يعيد نفسه، فحرملة الذي قتل الطفل الرضيع وأمثاله موجودون في كل زمان ومكان. فتبين للباحث أنَّ هذا الحشد من الرموز التاريخية التي وظفها الشاعر أكثرها ذات دلالات سلبية، بحسب شهرة الرمز الذي يستدعيه وطابعه السلبي.

2ـــ الرموز التاريخية

يمثل النوع الثاني من الرموز التراثية ما استوحاه الشاعر من شخصيات تاريخية ذات صفات عُرفت بالبطولة، والشهرة التاريخية، ونستطيع أنْ نقول: أنَّها رموز ذات مضمون إيجابي. والتصوير باستدعاء مثل هذه الرموز التي تمتلك بعداً إنسانياً على نحو ما يُلحظ في انعدامها أو تواجدها بصورة مغايرة في الواقع الذي يعمق من مأساة تجربة الشاعر أو يوضح بنية المفارقة بين الماضي والحاضر. فتكون فائدة عودة الشاعر (إلى القيم الفنية الشعرية الموروثة ليست انكفاءة أو رجعه، إنَّما هي أحياء لكل ما أوثر عن الماضي الشعري من معطيات فنية إيجابية، وهي تطوير لفن الشعر كما أنها إضاءة وتعميق لرؤية الشاعر وإحساسه بالاستمرار والتواصل الفني)(63)، فضلاً عن كون (الشخصيات التأريخية ليست مجرد ظواهر كونية عابرة، تنتهي بانتهاء وجودها الواقعي، فأنَّ لها إلى جانب ذلك دلالتها الشمولية الباقية)(64)، كما ترتبط جودة القصيدة بكونها (لا تقتبس من الموروث التاريخي لتوثيق الشعر وتأكيد انتمائه إلى القديم، وإنّما تثير... في ذهن المتلقي دلالات وصور وومضات، تقرّب بها المعاني الحديثة التي يريدها الشاعر المعاصر، بإثارة تلك الأجواء التاريخية، بشرط أنْ يلتحم هذا المقتبس بنسيج الشاعر)(65).

فقد استوحى الشاعر تلك الشخصيات استدعاءً عرضياً أو كلياً من خلال الإشارة إليها كرموزٍ تكلم عنها، ولم يتكلم بها قناع. ومن أهم الشخصيات التي استدعاها، شخصيات أتسمت بمواقف بطولية، وجد فيها القدرة على النهوض بواقعه، لما عُرف عن تاريخها في الفكر العربي والعالمي، بما تحمله من ثنائية الماضي والحاضر، أي الماضي المرتبط بالشخصية التاريخية، والحاضر المرتبط بواقع الشاعر، شخصية (المعتصم) التي جرد الواقع المعيش من وجود أمثالها في قصيدة (آية الفئة القليلة) قوله:

كُفي صراخكَ يا " دليلة "

كُفي الصراخَ

فليسَ في هذا الزمانِ المسخِ " معتصمٌ "

يذودُ عن الحرائرِ والترابِ

وعن عفافِ التينِ والزيتونِ..

فالكرسيُّ أخصى في فوارسِنا

الرجولة (66)

ففي هذه الصورة نوع من المفارقة التصويرية(67) الشاملة بين ما كان عليه الحاكم في الماضي من عزة وشهامة، وما أصبح عليه من هوان، فاستدعى الشاعر في سبيل تصوير هذه المفارقة رمزية المعتصم البطولية مصرحاً بلفظه التراثي (المعتصم) وهبَّته لنجدة المرأة الهاشمية التي استنجدت به قائلة (وامعتصماه) فأجابها المعتصم ملبياً صرختها.(68)، فما (دليلة) إلا رمزٌ لتلك المرأة الهاشمية، فاستعملها الشاعر على نوع من المفارقة التصويرية، إذ لا فائدة من استصراخ الحرائر في الوقت الراهن، لأنَّه مجرد من رمزية البطولة المتمثلة بشخص (المعتصم)، وهنا عمقت الصورة إحساس الشاعر بفداحة هذه المفارقة ومرارتها بين الماضي والحاضر.

ويسير على هذا النوع من المفارقة التصويرية بين صورة الماضي، والحاضر بوساطة استدعائه رمزاً يتسم بدور بطولي، هو القائد (صلاح الدين الأيوبي) معززه بشخصية (المعتصم) في نص شعري واحد، ممّا عمق أثر التجربة التي صورها الشاعر في قصيدة (نقوش على جذع نخلة) التي يقول فيها:

كيف يقومُ بيننا " مُعْتَصِمٌ "

يذودُ عن كرامةِ " الحُرَّةِ "

حين يَسْتَبيحُ خِدْرَها المنبوذُ والآفِكُ والهَجِينْ

إن كانت " الأمةُ " قد أوْكَلَتْ " العِصْمَةَ " للغريبِ

فهو الأمرُ الناهي... وليُّ أمرِها..

وصاحبُ القرارِ ـــ وقتَ الفَصْلِ ـــ بين الظنِّ واليقينْ؟

كيف يقومُ في جموعِنا " صلاحُ الدينْ "

ونحن لا " صَلاحَ " في نفوسِنا

مُسْتَبْدِلين لَذَّةً زائلةً بـ "الدِّينْ "؟(69)

يستدعي الشاعر رمزين تاريخيين كان لهما الحضور الفاعل، وأثرٌ واضح في التأريخ العربي من خلال استعمال آلية التجريد من أمثالهما في العصر الراهن، فيبدو أنَّه لا يرمز لشخصهما المتمثل بإنقاذ كل من يستنجد بهما، تخليص المعتصم للمرأة الهاشمية (وامعتصماه)، وتلبية صلاح الدين الاستغاثة التي أطلقتها الفتاة المقدسية المسلمة، وإنَّما استعملهما كدلالة رمزية للانقياد وراء المحتل. فوظف الشاعر الرمزين توظيفاً عكسياً، إذ استدعاهما في مجال السخرية من القادة السياسيين الذين سلموا عصمة أمورهم للمحتل وانقادوا لأوامره.

فيبدو أنَّ الشاعر يستلهم التراث التاريخي، ويخاطب أبطاله، ليخبرهم بما حدث في زمنه، فيكشف الواقع الزائف الذي يتجرد من أمثالهم، فتبين أنَّ رؤية السماوي في تشكيل صور نصوصه ذات طابع حزين ومأساوي.

وهناك نوع آخر من الرموز التاريخية اتخذها الشاعر وسيلة هادفة لتصوير الكثير من تجاربه بوساطة صور أتسمت برمزيتها المعروفة. وهي رموز العشق التي تتوافق مع تجربة الشاعر، ومنها، رمزية الحب المقدس الذي عاش مرارة عذابه، وهو يستدعي شخصية (قيس بن الملوح) و(القتيل الحميري) في قصيدة (تضاريس قلب):

لي أنْ أَعيدَ الأعتبارَ إلى الجنون

كأن أَعيشَ عذابَ قيس بن الملوّح

والقتيل " الحميري "

وأنْ أَجوبَ مفاوزَ الأحلام

معموداً شقيّا (70)

يقدم الشاعر في هذا المقطع مشهداً رومانسياً ينم عن إحساس مرهف، إذ استدعى رمزين من رموز العشق، عرفا بتاريخهما العشقي الذي غدا رمزاً تناقلته الأجيال، هما (قيس ليلى) و (القتيل الحميري)، فالشاعر عندما يوظف هذه الرموز يريد إثراء مفهوم العشق لديه من تأصيل وتفعيل مثل هذه السياقات الإنسانية المتنوعة التي ترتبط بمنظومة العشق منذ القدم وحتى الوقت الحاضر.

وقد كشفت الدراسة أنًّ نصوص الشاعر لا تخرج من إطار هذه الرموز، وتسليط الضوء على جوهر المرأة الإنساني بدلاً من جسدها ومفاتنها. ففي نص آخر يستدعي (قيس بن الملوح) رمز الحب الخالد، الذي لا تزال ذكراه تتناقلها الأجيال في كل زمان ومكان بقوله في قصيدة  (بعيداً عني قريباً منك):

العِشْقُ بابٌ للخلودِ

فإنَّ قيسَ بن الملوّحِ

لمْ يزلْ لليومِ حَيّا !(71)

يتضح أنَّ الحديث عن الحب ورمزيته في نصوص يحيى السماوي، لا يأتي في خطابه الشعري عملاً تجريدياً خالصاً، بل ينبثق من التجربة الذاتية التي يحرص عليها من خلال بلورة آفاقها وصياغة رؤاها الجمالية، لذا يعمق دلالة تجربته في استدعاء أكثر من شخصية تاريخية توحي بتجربة العشق والتشرد والاغتراب الذاتي والنفسي الذي عاشته جميع هذه الشخصيات. ونتلمس مثل هذا في قصيدة (حين تكونين معي) إذ يستعين بأكثر من شخصية ذات دلالة رمزية بقوله:

حين تكونين معي

يَهربُ من فصولنا الخريفُ

يرتدي رُبى الروح المواويلَ

يُقيمُ العشقُ مهرجانهُ

فكلَّ صبٍّ يلتقي نجواه..

يُطلُّ " قيسُ " راكباً جوادهُ

وخلفهُ " ليلاه "

و" عروةُ بن الوردِ " يأتي

راكباً سحابة تقودها " عفراءُ "..

و" الضليلُ " يأتي شاهراً منديلهُ..

و "العامريُّ " يلتقي " بثينة "

ويلتقي رُباه

" صبُّ الفراتين " الذي شَيَّعَ في منفاه

طفولة النخل

وشيَّع الهوى صِباه (72)

يُلحظ تدفقاً ملحوظاً لتراكم الشخصيات التاريخية ذات الدلالات الرمزية، التي تصب في معنى واحد، وقد اسقط دلالاتها على ذاتية الشاعر. فتراكم مثل هذه الرموز في نص شعري واحد لا تفقد الرمز إيحائيته فحسب، بل يفقد النص شعريته، إلا أنَّه لا يبدو في النص معنياً بالرمز، بل بمضمونه الذي يبدو جاهزاً، وذا إيحاء محدد نهائي، مما يدفعه إلى استدعائه للتعبير عن تجربته الشعورية، فقد سعى في خطابه إلى استحضار رموز العشق التي تتوافق مع تجربته، لتكون رموزاً تجسد العشق الذي يتلبس الشاعر، وتجسيداً لمعشوقته، كونه يمثل واحداً من الشعراء الذين ارتبطوا بقضية عاطفية.

فتوظيفه لهذا الكم من الرموز أضفى على البعد العاطفي في حياته دلالة أخرى غير دلالتها العاطفية تَمثل في بعض الأبعاد النفسية لتجربة الشاعر كإحساسه بالغربة والحنين والتشرد (73).

وقد لوحظ أنَّ الشاعر أستدعى رموزاً أبتكارية أبتدعها وانفرد بها كما استدعى رموزاً طبيعية تنوعت مابين طبيعة صامتة ومتحركة، واستدعى أيضاً شخصيات دينية تنوعت مدلولاتها بين الإيجابية والسلبية، وشخصيات أتسمت بتاريخها الأدبي والشعري على الخصوص، سواء كان الاستدعاء بآلية العلم، أم بتوظيف الكنية، من أجل الكشف عن واقع تجاربه التي عاشها وتمثيلها في صورٍ كشفت عن نفسية تواصل الحزن والرفض المستمر والعشق الخالد من دون انقطاع.

الخاتمة

مما لاشك فيه أن توظيف الرمز عند الشعراء المحدثين هو غيره عند الشعراء المتقدمين؛ وذلك يعود لشيوع هذه التقنية عند المبدعين بشكلٍ عامٍ، والشعراء بشكلٍ خاصٍ. ولذا فلابد من خصوصيات تحتلها التجارب الشعرية لهولاء الشعراء، ومنهم شاعرنا يحيى عباس السماوي، والتي يمكن إيجازها بما يأتي:

اتخذ الرمز عند الشاعر مسالك شتى منها الذاتي والديني والتاريخي.

لم تكن البيئة بمنأى عن إبداع الشاعر ولاسيما الطبيعة العراقية، فكانت النخلة الرمز الشعري المهيمن على مجمل نتاجه.

اختلاف أسباب توظيف الرمز عند الشاعر، إذ توزعت على عوائق سيكولوجية واجتماعية وأخلاقية وسياسية.

الرمز عند الشاعر يمثل معادلاً موضوعياً لتجربته الشعورية، ولاسيما فيما يخص الاغتراب والحنين.

عمد الشاعر إلى توليد رموز أدبية من خلال ظاهرة النحت اللغوية لتوليد لفظاً يحمل دلالة اللفظين.

يمثل الرمز الثيمة المركزية في النصوص التي جاءت فيها.

مثل توظيف الرمز الديني الدلالات السلبية في أكثر نصوص الشاعر.

شيوع ظاهرة التوظيف الرمزي الذي يقوم على استحضار الرموز المتضادة وبشكلٍ لافتٍ للنظر، فالشاعر يجمع بين المتضادين في موضعٍ واحدٍ.

مثلت الرموز التاريخية عند الشاعر علاقة الحضور والغياب ولاسيّما بعد شحنها بطاقات دلالية كبيرة يمكن استنتاجها من خلال السياق.

استثمر الشاعر الدلالات الرمزية التي توفرها الرموز التراثية للتعبير عن القضايا السياسية والاجتماعية. وثمة نتائج أخرى تضمنتها صفحات البحث.

 

أ. م. د محمد فليح الجبوري

علي كتيب دخن

جامعة المثنى - كلية التربية

.........................

الهوامش:

(1) في حداثة النص الشعري، د. علي جعفر العلاق، 56.

(2) زمن الشعر، أدونيس، 160.

(3) أصول الرمز في الشعر الحديث، أبو عبد الرحمن بن عقيل الظاهري، 7.

(4) ينظر: الصورة الشعرية وجهات نظر غربية وعربية، د. ساسين عساف، 76.

(5) ينظر: عن بناء القصيدة العربية الحديثة، علي عشري زايد، 104.

(6) جماليات الأسلوب (الصورة الفنية في الأدب العربي)، د. فايز الداية، 175.

(7) وعي الحداثة (دراسات جمالية في الحداثة الشعرية)، دراسة، د. سعد الدين كليب، 68.

(8) الرمز والرمزية في الشعر المعاصر، محمد فتوح احمد، 139.

(9) تطور الصورة الفنية في الشعر العربي المعاصر، د. نعيم اليافي، 289.

(10) ينظر: المصدر نفسه، 278.

(11) ينظر: موسوعة المصطلح النقدي، ترجمة، د. عبد الواحد لؤلؤة 2 / 257.

(12) الرمز في الشعر، صالح درويش، مجلة الأقلام، بغداد، ع 5، 1968م، 35، نقلاً عن بدر شاكر السياب، دراسة أسلوبية لشعره، د. إيمان محمد أمين الكيلاني، 86

(13) المصدر نفسه، 36، نقلاً عن بدر شاكر السياب، دراسة أسلوبية لشعره، 86.

(14) بدر شاكر السّياب، دراسة أسلوبية لشعره، 86.

(15) التناص الأسطوري في شعر محمود درويش، مفيد نجم، مجلة نزوى، ع 59، 2009، 114.

(16) الشعر العربي المعاصر، قضاياه وظواهره الفنية والمعنوية، عز الدين إسماعيل، 200.

(17) ينظر: مرايا المعنى الشعري، أشكال الأداء في الشعرية العربية من قصيدة العمود إلى القصيدة التفاعلية، د. رحمن غركان، 223.

(18) المصدر نفسه، 223.

(19) مقالات في الشعر الجاهلي، يوسف اليوسف، 298.

(20) ينظر: مثل هذه الرموز، نظرية البنائية في النقد الأدبي، د. صلاح فضل، 312، 313.

(21) الصورة الأدبية، د. مصطفى ناصيف، 155.

(22) ينظر: بدر شاكر السياب، دراسة أسلوبية لشعره، 87.

(23) الخطيئة والتكفير من البنيوية إلى التشريحية، نظرية وتطبيق، عبد الله الغذّامي، 125.

(24) لقاء مع الشاعر في مقهى الصياد في مدينة السماوة، بتاريخ 10/12/ 2012، الساعة، 5: 3 مساءاً.

(25) بعيداً عني قريباً منك، يحيى السماوي، 30.

(26) ينظر: بعيداً عني قريباً منك، 30.

(27) المصدر نفسه، 139، 140، 141.

(28) المصدر نفسه، 97، 98.

(*) أحد أبرز المثقفين الشيوعيين العراقيين الذي أستهدف من قبل أعداء الثقافة في عام 2008م.

(29) لماذا تأخرت دهراً ؟،11 يحيى السماوي، 12.

(30) لسان العرب، ابن منظور، محمد بن مكرم بن منظور الإفريقي المصري (ت: 711هــ)، مادة (كمل)، 11 / 598.

(31) ينظر: وعي الحداثة (دراسة جمالية في الحداثة الشعرية)، 80.

(32) المصدر نفسه، 80.

(33) ينظر: التصوير الشعري الحالة الشعورية وأدوات رسم الصورة، عدنان حسين قاسم، 138.

(34) قراءة في ديوان هذه خيمتي.. فأين الوطن، د. حسن فتح الباب، تجليات الحنين، د. ماجد الغرباوي، 1/ 96.

(35) الصورة الأدبية، 155.

(36) ينظر: بلاغة النص، مدخل نظري ودراسة تطبيقية، د. جميل عبد المجيد،67.

(37) الرحمن، 11.

(38) ق، 10.

(39) كتاب النخلة، لأبي حاتم سهل بن محمد بن عثمان السجستاني (ت: 255هـ)، تحقيق: حاتم صالح الضامن، 9.

(40) البكاء على كتف الوطن، يحيى السماوي، 171، 172. وينظر مثل هذه الرمز: بعيداً عني قريباً منك، 227، هذه خيمتي فأين الوطن، يحيى السماوي، 139.

(41) ينظر: صورة النخل في العصر العباسي حتى نهاية القرن الرابع الهجري، صالح علي سليم الشتيوي، مجلة جامعة الملك سعود، م 19، الآداب 2، 2007م، 279.

(42) ينظر: الشعر العربي المعاصر قضاياه وظواهره الفنية والمعنوية، 219.

(43) تعالي لأبحث فيك عني، يحيى السماوي، 46، 47، وينظر: هذه خيمتي فأين الوطن، 109، 110،

(44) ينظر: صورة النخل في العصر العباسي حتى نهاية القرن الرابع الهجري، 285.

(45) لماذا تأخرت دهراً، 138، 139.

(46) تعالي لأبحث فيك عني، 8.

(47) تعالي لأبحث فيك عني، 39، وينظر مثل هذا الرمز، 9، 67، 68، 90، 91، 102، لماذا تأخرت دهراً، 19، نقوش على جذع نخلة، 145، بعيداً عني قريباً منك، 89، 168.

(48) لقاء مع الشاعر في مدينة السماوة في مقهى الصياد بتاريخ، 18/ 11/ 2012، في تمام الساعة: 5 مساءاً.

(49) ينظر: بدر شاكر السياب دراسة أسلوبية لشعره، 125.

(50) ينابيع الرؤيا، جبرا إبراهيم جبرا، 141.

(51) ينظر: أثر التراث في الشعر العربي المعاصر، د.علي حداد، 240.

(52) أشكال التناص الشعري، دراسة في توظيف الشخصيات التراثية، أحمد مجاهد، 191.

(53) استدعاء الشخصيات التراثية في الشعر العربي المعاصر، د. علي عشري زايد، 75.

(54) هذه خيمتي فأين الوطن، 166.

(55) تعالي لأبحث فيك عني، 105، 106، وينظر مثل هذا الرمز، 5، الأفق نافذتي، 59.

(56) أبو ثقيف، قسي بن منبه بن النبت بن يقدم من بني آياد (ت: 575م)، وهو جاهلي، اختلفوا في تسميته ونسبه ومنشأه، حتى ذهب كاتب لترجمته في دائرة المعارف الإسلامية إلى أنَّه (شخصية أسطورية)، وهو صاحب القبر الذي حلت عليه اللعنة ومازال يرجم إلى يومنا هذا. ينظر: الأعلام، خير الدين الزركلي (ت: 1396م)، 5/ 198.

(57) نقوش على جذع نخلة، 129.

(58) لماذا تأخرت دهراً، 133، 134.

(59) الشعر العراقي الحديث 1945ـ 1980في معايير النقد الأكاديمي العربي، د. عباس ثابت حمود 174.

(60) ينظر: استدعاء الشخصيات التراثية في الشعر العربي المعاصر، 101.

(61) بعيداً عني قريباً منك،150، 151.

(62) ينظر: الاتجاه التصويري في الشعر العراقي الحديث (1974ــــ 1969)، تغريد موسى علي، أطروحة دكتوراه، الجامعة المستنصرية، 2004م، 264، والتجربة الشعرية الجديدة، 453.

(63) دير الملاك، دراسة نقدية للظواهر الفنية في الشعر العراقي المعاصر، د. محسن أطيمش، 222.

(64) استدعاء الشخصيات التراثية في الشعر العربي المعاصر، 120.

(65) تطور الشعر العربي الحديث في العراق، اتجاهات الرؤيا وجمال النسيج، علي عباس علوان، 264.

(66) البكاء على كتف الوطن، 90.

(67) المفارقة التصويرية هي ((تكنيك فني يستخدمه الشاعر المعاصر لإبراز التناقض بين طرفين متقابلين بينهما نوع من التناقض.. والتناقض في المفارقة التصويرية فكرة تقوم على استنكار الاختلاف والتفاوت بين أوضاع كان من شأنها أن تتفق وتتماثل))، عن بناء القصيدة العربية الحديثة، 130.

(68) ينظر: جماليات القصيدة الإسلامية المعاصرة، الصورة ـ الرمز ـ التناص، د. رابح بن خوية، 176.

(69) نقوش على جذع نخلة، 114.

(70) قليلك لا كثيرهنَّ، يحيى السماوي، 11.

(71) بعيداً عني قريباً منك، 228.

(72) قليلك لا كثيرهنّ، 113، 114، 115.

(73) ينظر: استدعاء الشخصيات التراثية في الشعر العربي المعاصر، 146.

............

روافد البحث

القرآن الكريم.

أثر التراث في الشعر العربي المعاصر، د. علي حداد، دار الشؤون الثقافية، بغداد، ط1، 1986م.

استدعاء الشخصيات التراثية في الشعر العربي المعاصر، د. علي عشري زايد، دار الفكر العربي، القاهرة، 1997 م.

أشكال التناص الشعري، دراسة في توظيف الشخصيات التراثية، احمد مجاهد، الهيئة المصرية العامة للكتاب، مصر، ط1، 1998م.

أصول الرمز في الشعر الحديث، أبو عبد الرحمن بن عقيل الظاهري، الرئاسة العامة لرعاية الشباب، حائل، السعودية، ط1، 1398هـ.

الأعلام، خير الدين الزركلي (ت: 1369 م)، دار العلم للملايين، بيروت، لبنان، ط5، 1980م.

الأفق نافذتي، يحيى السماوي، استراليا، 2003م.

بدر شاكر السياب، دراسة أسلوبية لشعره، د. إيمان محمد أمين الكيلاني، دار وائل للنشر، عمان، الأردن، ط1، 2008م.

بعيداً عني.. قريباً منكِ، يحيى السماوي، دار الينابيع، دمشق، ط1، 2011م.

البكاء على كتف الوطن، يحيى السماوي، التكوين للتأليف والترجمة والنشر، دمشق، ط1،2008م.

بلاغة النص، مدخل نظري ودراسة تطبيقية، د. جميل عبد المجيد، دار غريب للطباعة والنشر والتوزيع، القاهرة، مصر، 1999م.

تجليات الحنين في تكريم الشاعر يحيى السماوي، ماجد الغرباوي، دار الينابيع، دمشق ــ سوريا، ط1، 2010م.

التصوير الشعري، الحالة الشعورية وأدوات رسم الصورة، عدنان حسين قاسم، ليبيا، ط1،1980م.

تطور الشعر العربي الحديث في العراق، اتجاهات الرؤيا وجمال النسيج، د. علي عباس علوان، منشورات وزارة الإعلام، العراق، ط2، 1975م.

تطور الصورة الفنية في الشعر العربي الحديث، د. نعيم اليافي، صفحات للدراسة والنشر، دمشق، ط1، 2008م.

تعالي لأبحثَ فيكِ عنّي، يحيى السماوي، مؤسسة المثقف العربي، استراليا، ط1،2012م.

جماليات الأسلوب (الصورة الفنية في الأدب العربي)، د. فايز الداية، دار الفكر المعاصر، دمشق، ط2،1411هـ.

جماليات القصيدة الإسلامية المعاصرة، الصورة ــ الرمز ــ التناص، د. رابح بن خوية، عالم الكتب الحديث، إربد، الأردن، ط1، 2013م.

الخطيئة والتفكير من البنيوية إلى التشريحية، نظرية وتطبيق، عبد الله الغَذّامي، المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء، المغرب، ط6، 2006 م.

دير الملاك، دراسة نقدية للظواهر الفنية في الشعر العراقي المعاصر، د. محسن أطيمش، دار الشؤون الثقافية العامة، بغداد، ط2، 1986م.

الرمز والرمزية في الشعر المعاصر، محمد فتوح احمد، دار المعارف، مصر، ط2، 1978م.

زمن الشعر، أدونيس، دار العودة، بيروت، ط2، 1978م.

الشعر العراقي الحديث 1945ـ 1980 في معايير النقد الأكاديمي العربي، د.عباس ثابت حمود، دار الشؤون الثقافية، بغداد، ط1، 2010م.

الشعر العربي المعاصر، قضاياه وظواهره الفنية والمعنوية، د. عز الدين إسماعيل، دار العودة، بيروت، 2007م.

الصورة الأدبية، د. مصطفى ناصف، دار مصر للطباعة، (د. ت).

الصورة الشعرية وجهات نظر غربية وعربية، د. ساسين عساف، دار مارون عبود، بيروت، 1985م.

عن بناء القصيدة العربية الحديثة، د. علي عشري زايد، مكتبة ابن سينا، القاهرة، ط4، 2002م.

عيناكِ لي وطن ومنفى، يحيى السماوي، دار الظاهري للنشر، جدة ـــــ السعودية، ط1، 1415هـ.

في حداثة النص الشعري، د. علي جعفر العلاق، دار الشؤون الثقافية، بغداد، ط1، 1990م.

قليلكِ.. لا كثيرهُنَّ، يحيى السماوي، استراليا، 2006 م.

كتاب النخلة، لأبي حاتم سهل بن سهل بن محمد بن عثمان السجستاني (ت: 255هـ)، تحقيق: حاتم صالح الضامن، دار البشائر الإسلامية، بيروت، لبنان، ط1، 2002م.

لسان العرب، ابن منظور، محمد بن مكرم بن منظور الأفريقي المصري (ت: 711 هـ)، دار صادر بيروت، لبنان، ط1، (د. ت).

لماذا تأخرتُ دهراً ؟، يحيى السماوي، دار الينابيع، دمشق، سوريا، ط1،2010م.

مرايا المعنى الشعري، أشكال الأداء في الشعرية العربية من قصيدة العمود إلى القصيدة التفاعلية، د. رحمن غركان، دار صفاء للنشر، عمان، ط1،2012م.

مقالات في الشعر الجاهلي، يوسف اليوسف، دار الحقائق للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت، ط2، 1981م.

موسوعة المصطلح النقدي، ترجمة، د. عبد الواحد لؤلؤة، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت، لبنان، ط2، 1978م.

نظرية البنائية في النقد الأدبي، د. صلاح فضل، دار الشروق، القاهرة، مصر، ط1، 1998م.

نقوش على جذع نخلة، يحيى السماوي، التكوين للتأليف والترجمة والنشر، دمشق، ط2،2007م.

وعي الحداثة (دراسة جمالية في الحداثة الشعرية)، د. سعد الدين كليب، من منشورات اتحاد الكتاب العرب، دمشق، 1997م.

هذه خيمتي فأين الوطن، يحيى السماوي، استراليا، ط1، 1997م.

ينابيع الرؤيا، جبرا إبراهيم جبرا، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت، 1979م.

الدوريات:

التناص الأسطوري في شعر محمود درويش، مفيد نجم، مجلة نزوى، مؤسسة عُمان للصحافة والنشر، مسقط، سلطنة عمان، ع 59، 2009م.

الرمز في الشعر، صالح درويش، مجلة الأقلام، بغداد، ع 5، 1968م.

صورة النخل في العصر العباسي حتى نهاية القرن الرابع الهجري، صالح علي سليم الشتيوي، مجلة جامعة الملك سعود، ع 2، 2007م.

الرسائل والأطاريح الجامعية:

الاتجاه التصويري في الشعر العراقي الحديث: 1947 ــــ 1969 م، تغريد موسى علي، أطروحة دكتوراه، الجامعة المستنصرية، 2004م.

اللقاءات مع الشاعر:

- لقاء مع الشاعر في مقهى الصياد في مدينة السماوة، بتاريخ 18/ 11/2012م، في تمام الساعة، 4 مساءاً.

- لقاء مع الشاعر في مقهى الصياد في مدينة السماوة، بتاريخ 10/ 12/ 2012، في تمام الساعة، 5: 3 مساءاً.

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم