صحيفة المثقف

مراهقــة

عبد الاله الياسري(البحر المنسرح)*

 ***

تُجيب بالطَّرفِ حين أَسالُها

أَنـابَ عنـه اللِحـاظَ مِقْوَلُهـا

 

وليس مثلَ الكــلامِ نظرتُهـا

أَفترُها في الجفونِ أَجزلُهـا

 

تبسَّمتْ رغمَ حِذْرها وهفتْ

وكاد صمتُ الشفاهِ يَخذلُهـا

 

طُوبَى لبُــردٍ فويـقَ مُنبلــجٍ

لقـامــــةٍ زانَــــها تَـدلّلُهــــا

 

وددتُ لو ساعدي عباءتُها،

لضمِّ مـا شـاقَني، ومُخْمَلُها

 

قـد أَذهلتْني بهمسِ رغبتِها

وجهـرِ ما فيَّ بـتُّ أُذهلُهـا

 

تَبعتُهــا إذ مشـتْ تُطمئنُهـا

لواعجي والرقيبُ يُوجِلُـها

 

ما يُطمِعُ النـاسَ في تَفرُّقِنا؟

وما سَـيَجني لهــا تَطَفّـلُهــا؟

 

حَـــوَّاءُ مِـنْ آدمٍ وآدمُ مِـنْــ

ـها. وحدةُ اللهِ. كيف نَفصلها؟

 

وبينمــا كنـتُ خلفَهـــا قلِقـاً

أُحـاورُ النفسَ ليْ وأَسـأَلُها

 

دخلتُ هيمانَ وسْطَ غرفتِها

ماكنتُ ـ لولا الهيامُ ـ أَدخلُها

 

دنـوتُ منهــــا دنـوَّ مُنتحِــرٍ

ورحتُ خوفَ النوى أُقبِّلُهـا

 

وأَيُّ حَــرٍّ أَشـــدُّ من قُبَـلِيْ؟

هجيـرُ قيظِ العــراقِ أَسهلُها

 

فبادلتْــني بمثـلِهـــا ومضتْ

تُبــرِّدُ النــارَ ليْ وتُخضِلُهـا

 

حتَّى تَعرَّتْ فكـدتُ أَشـربُهــا

من شـدّةِ الكبـتِ بيْ وآكلُها

 

وصارت النفسُ بين ما يَتَـأَنَّـ

ــاها وما ــ للرواءِ ــ يُعجِلُهـا

 

وشـبَّ فينــا الغـــرامُ. تُشعـلُني

ــ وما انطفأنا جوَىً ــ وأُشعلُها

 

لقـد جُنِـنَّـا ومَن يلــــومُ مَجــا

نيـنَ ازدرتْ عقلَها، ويَعذلُهـا؟

 

ما أَصعبَ الحُبَّ! لم أَذقْه كـذا

وأَصعـبُ التجْـربـاتِ أَوّلُهـــا

 

لمَّا تَـــزلْ في فمي حلاوتُهــا

أَعلَـى مَجسَّـاتِهــا وأَسـفلُهـــا

 

غابـتْ وما غـابَ طيبُهــا أَبـداً

إذْ صار بين الضلوعِ منزلُهــا

 

مَنْ مُخبِرُ الفجر أنَّ صاحبتي

قد فلَّ جيشَ الظلامِ مشعلُهـا؟

 

فـي أُمّـــةٍ كبَّـلـتْ ذوي كــرَمٍ

بجهلِهـــا كي يســودَ أَرذلُهــا

 

أَنْفـاقُهــــا أُفـقُهــــا وبلقعُهــا

أَشجـارُها والسرابُ منهلُهــا

 

لا أَرضُها تَحضنُ الربيـعَ ولا

ضَياعُــه في القفــارِ يُخجلُهــا

 

سُخطٌ علَى من يُحبُّها ورِضاً

عـلى عــدوٍّ يبيـتُ يقتــلُهــــا

 

حاربـتِ اللحنَ بالنعيــقِ لـكي

يصيـرَ صنوَ الغــرابِ بلبلُهـا

 

شاهَ من الحزنِ وجهُ ضحكتِها

حتّى غـدا كالبكــاءِ أَجملُهـــــا

 

تَكاد حتّى النعوشُ ترفضُهـــا

ماليْ أنا الحيُّ رحتُ أقبلُهـــا؟

 

أَهنـتُ كِبْـري بحمـلِ ذلَّتِهـــا

عـلامَ ــ عبدالإلهِ ــ تَحملُهـا؟

 

لابــدَّ من كـفِّ ثـــورةٍ بغـــدٍ

يُطِيحُ صرحَ الطغـاةِ مِعوَلُها

***

شعر عبدالإله الياسريّ

...................

* البحر المنسرح هو بحر من بحور الشعر العربيّ المحصورة في ستة عشر بحراً. قليل التداول بين الشعراء، ويكاد يكون منسيّاً في عصرنا الحديث. أُحيي موهبة الشاعرة القديرة (عروبا باشا)؛ إذ أَحيته بقصيدة لها على متصفّحها (الفيسبوك).مطلعها:

(لا توقظ الشوق قد غدا طللا

لمَّـا بسـيفٍ من الجفـا قُتـلا)

ولئن عارضتها ببيتين معلّقاً عليها؛ فإنّي لم أقنع بهما إحياء لهذا البحر، بل طمعت في أن أذيع، على عاشقي الشعر وعاشقاته وشعرائه وشواعره، قصيدة قديمة لي تسير عليه، رغبة في الإستئناس بوزنه المنسيّ والإلتفات إلى جماله المهمل.

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم