صحيفة المثقف

لماذا أصبح حالنا هكذا؟

حميد طولست... لله في خلقه شؤون، فرغم أن الإنسان المغربي ذكي بطبعه، وبإمكانه أن يتعلم مما مر ويمر به من تجارب في شتّى المجالات، ليحرير نفسه ممن يتربصون به من النصابين، ويجنبها الوقوع في حبائل المحتالين، إلا أنه مع الأسف الشديد، لا يربأ بنفسه أن يكون صيدًا سهلا في يد من يريدون له أن يرعى مع الهمل، ويرتع ويلعب مع التائهين، ويرضع معهم من أثداء الرداءة والانحطاط، ويلغ من آنية التردي والخذلان، وينخدع مثلهم بمكر الماكرين، ويصدق وعود الكذابين، مرة لغفلة جُبلت دفين في ذهنيته، ومرة لجهل ورثه عقله، ومرة ثالثة لنفاق تشبعته نفسه مما يروج حوله في سوق السياسة المغربية الذي أصبح فيه الفاسد يحتج ضد الفساد، و المنحرف يندد بالرذيلة، والغبي يشجب الجهل، وغيرها من التناقضات والاختلالات التي تدخل ضمن مجموعة الظواهر السلبية الصارخة التي تملأ البلاد، والمرتبطة بخطابات وممارسات الفاعلين السياسيين واستراتيجياتهم المتخنة بنزعات الطمع والنرجسية وحب السلطة وتحقيق المصالح الأنانية المتخفية تحت عباءات كل أنواع الأيديولوجيات، الإشتراكية منها والليبرالية والدينية، وما ترتب عنها من قتل للطموح والآمال في النفوس، وتآكل قيم الوطنية والكفاح والاجتهاد والعصامية والنزاهة، وتمكين قيم الفساد من التفرعن في أوصال الوطن، وتسويد الحياة، وتدمر البلاد، وإعادتها إلى أزمان التردي والخمول والكسل والإنشغال بالصراعات الدينية ومعاركها اليومية المحطمة لكل جميل في الحياة ..

أه كم هي صادمة المقارة، حين تجرنا إلى طرح الأسئلة المؤرقة لكل من به ذرة وطنية وشيء من الضمير الحي، أمثال لماذا أصبح حالنا هكذا من دون غيرنا؟ وما علة ما نحن فيه وعليه من ضياع حقيقي للحياة، وما هو فيه غيرنا من الإلتزام بالأخلاق بكل أبعادها الإنسانية والدينية الرفيعة؟ وهل هو نحس عصف بهذا البلد الآمن، أم هي لعنة وغضب من السماء نزلت به فعمه الخراب وأصابه البلاء؟.

 

حميد طولست

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم