صحيفة المثقف

روايات الغلو في الحسين.. دافع خفي

حسين ابوسعودلا يشك اثنان بان  في روايات المسلمين سنة وشيعة الكثير من الموضوعات والغلو وقد لا يشك شيعيان بان كتب الشيعة بالذات زاخرة بروايات الغلو، وقد صرح الائمة بأنفسهم بوجود من كذب عليهم ودس في كتبهم الروايات الموضوعة ولعل اكثر الاحاديث التي وضعت في الفضائل كانت من نصيب الامام علي عليه السلام ثم الامام المهدي المنتظر ولم يسلم الامام الحسين من هكذا روايات لا يمكن لعاقل ان يصدقها كلها او بعضها، اذكر منها القول المنسوب (زورا) الى الامام الصادق عليه السلام: من زار الحسين كان كمن زار الله في عرشه، وقوله: من احب الاعمال الى الله تعالى زيارة قبر الحسين عليه السلام، وعن الرضا عليه السلام قوله: من زار قبر ابي عبدالله بشط الفرات كان كمن زار الله  فوق عرشه.

ويعتبر المغالون كل من لم يزر الحسين ناقص الايمان ووضعوا في ذلك رواية على لسان الامام الصادق عليه السلام: من لم يأت قبر الحسين حتى يموت كان منتقص الايمان، منتقص الدين، ان ادخل الجنة كان دون المؤمنين فيها.

ولم يكتف الغلاة بذلك بل حاولوا مقارنة زيارة الامام الحسين بالحج والعمرة ووضعوا في ذلك روايات متضاربة متناقضة أورد منها واحدة مذكورة في كتاب كامل الزيارات، عن الامام الصادق (ع) قوله: من زار قبر الحسين يوم عرفة كتب الله له ألف ألف حجة مع القائم وألف ألف عمرة مع رسول الله وعتق ألف ألف نسمة وحملان ألف ألف فرس في سبيل الله وسماه الله عزوجل عبدي الصديق آمن بوعدي وقالت الملائكة صديق زكاه الله من فوق عرشه وسمي في الأرض كروبا.

وأعطى هؤلاء للإمام الحسين خصوصيات لا يحتاجها أصلا كقولهم بان اكل التراب حرام الا تربة الحسين ولبس السواد مكروه الا على الحسين والجزع مكروه الا على الحسين وغيرها ومن الواضح بان هذه الاقوال التشريعية انما وضعت في عهد ما بعد الرسول عليه الصلاة والسلام الذي أكمل الدين واتم النعمة وبلغ ما انزل اليه من ربه بكل امانة وصدق وحلاله أصبح حلالا الى يوم القيامة وحرامه حرام الى يوم القيامة.

وفي موسم العزاء أعنى محرم وصفر تتزين العتبة الحسينية المقدسة بالكثير من اللافتات المكتوبة بخط حسن تحوي مثل هكذا روايات، وفي الأعوام السابقة أصدر مكتب أحد المراجع بيانا في بداية المحرم يحوي بعض النصائح والارشادات للخطباء والمبلغين بدأ برواية واضحة الوضع وهي: من زار او مشى نحو الحسين عارفا بحقه غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر (وما تأخر).

أقول لا شك بان هذه الروايات التي لا يحتاجها الحسين مطلقا قد ساهمت في الغلو بحب الحسين وتحويل الطقوس والزيارة الى هدف.

الحسين عليه السلام عظيم ولذكراه حرارة في قلوب المؤمنين لا تنطفئ وهناك الكثير من الاحاديث المروية في فضله ومكانته ولعل قول الرسول الاكرم: (حسين مني وانا من حسين) يكفيه ليكون من اشرف الناس واعلاهم مقاما، واكثر ما يخيفني هو ان تكون مثل تلك الروايات المجعولة هي سبب حب الناس للحسين بهذه الطريقة، أقول لكي لا يكون حب الحسين هشا يجب التخلص من كل الروايات التي وضعها الغلاة لدوافع سياسية او اقتصادية يراد منها تحقيق أغراض خاصة ونحن من كثرة هكذا روايات بتنا لا نعرف أنحن شيعة ام غلاة، وكما اسلفت باني لا اشك قيد انملة بان مثل هذه الروايات لم ولن تضيف للحسين شيئا فهو سيد شباب اهل الجنة بالإجماع وان اشتهاره وانتشاره وتربعه على القلوب لم تأت من هذه الروايات بل ولم تأت نتيجة ما حدث يوم عاشوراء فحسب وانما هناك سر لهذا العبد الصالح المطيع لله ولرسوله لا يعلمه الا الله تعالى.

ولم يتوقف هؤلاء عند الحسين بل غالوا في قداسة مدينة كربلاء أيضا حتى قالوا بانها ستزف الى الجنة وانها افضل من الكعبة وقد حدث ما يشبه الشجار بين مكة وكربلاء فأوحى الله الى مكة ان تسكت وتخسئ والا خسف بها الأرض ان هي تفاخرت على كربلاء، علما بان كشف حقيقة  مثل هذه المقايسات بين الارضين لا تحتاج الى جهد كبير او معرفة بالرجال واصول الحديث لان زيارة الحسين لا علاقة لها  ابدا بالحج والعمرة حتى تقارن بها فالحج عبادة منصوصة من الله والزيارة لا تتعدى كونها تعبير عن المودة والمحبة تحولت مع الأيام الى عشق لا نص فيه وهي ليست شعائر الله ولا شعائر حسينية وانما هي شعائر عاشورائية تختلف في طبيعتها من دولة الى أخرى حسب عادات كل بلد وتقاليدها ومدى تأثرها بالبيئة وعليه فان البكاء على الحسين وزيارته ليست لوحدها الطريق الأمثل والاسهل الى الجنة لان الجنة طريقها محفوف بالأيمان والعمل والشفاعة.

السلام على الحسين وعلى أولاد الحسين وعلى أصحاب الحسين ورحمة الله وبركاته

 

حسين أبو سعود

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم