صحيفة المثقف

توظيف الرمز الديني في الشعر: قلبي محطة عشق

توظيف الرمز الديني في الشعر، لنتوقف عند العنوان الذي يمتلك مفتاح النص وهوالذي يمتلك جواز المرو الى رحبة النص وهوالامين على اسراره ورؤاه، فالنص جملة اسمية تشير الى الثبات، وهذه اشارة الى ما ياتي به النص هو استعراض لفكرة عقدية ثابتة في النفس والروح ومستودعها القلب حيث المشاعر والعواطف والاحاسيس، وهو بهذا يدلنا بان القلب هوالمكان ألذي قد قر فيه العشق عشق الخالق وبصيغة مطلقة وهذا ما نستوحيه من تنكير العشق، بدلالة واضخة على ان ما تسمو الشاعرة نحوه هو عشق اعظم من كل عشق.

في هذه القصيدة جسدت الشاعرة مفيدة حشاني رؤيتها الصوفية، عبر توظيفها الرمز الديني عصا موسى والتي لها في التفكير الديني مكانة مهمة. حيث وظفت المعجزة التي تهز الوجدان والكيان بدلالتها الرامزة الموحية ببعدها الرؤيوي، وتداعياتها الفكرية، وهي باستعانتها بالرمز الذي تمثله عصا موسى، تسد فراغات النص والمعنى الكامن فيه،وعصا موسى كانت من العجب اذا انها كانت متعددة الاغراض،فهي التي انقلبت الى حية تسعى، وهي التي لقفت ما يافكون وبها انفلق البحر، ويها تفجرت الصخرة عيونا في الصحراء وغيرها من الايات، لاثبات حق وابطال باطل، بعد ان كانت تقوم بدور طبيعي تخدم مستخدمها وتساعده في بعض شانه كما بين لنا ذلك القران الكريم حيث يخاطب موسى  بقوله (وما تلك بيمينك ياموسى، قال هي عصاي اتوكأ عليها واهش بها على غنمي ولي فيها مارب اخرى قال القها فذا بها حية تسعى) طه 18هذه العصا التي لعبت دورا محوريا في نبوة موسى اصبحت اداة للشعراء يوظفونها فنحن نراها في قصيدة مفيدة حيث كان حضورها طيفا عثرت عليه وهي في شدة انفعالها وكما ترى الدكتورة اسماء بانها تشد على الجمر، فكانت الصدمة وكان الخوف ومن ثم الاحساس بالرجاء وهدوء الجيشان وانفراج الموقف بالوصول الى شاطيء الاسحار، وهنا توظف خلاصها برمي حلمها في البحر، كما رمت ام موسى وليدها، لتحميه، من بطش فرعون، فعندما تجيش بصدرها الانفعالات وترى ان قلبها اصبح فارغا في اشارة الى فراغ قلب ام موسى خوفا عليه، وهي لم تكتفي بقصة موسى في جعلها معادلا موضوعيا لاحساسها وشعورها بالخوف، تفتش عن منقذ لحياتها الذي اخذت بلملمته وصنعت منه سفينة وهذا توظيف واضح لسفينة نوح سفينة النجاة والخلاص، وهي في سطورها الباقية تعتصم بقلبها وتتوجه بخطابها لمعشوقها الذي كله كلها مشيرة الى حالة الوصول الصوفيه والذوبان في المعشوق لتعيش حالة التوحد، وهي واياه روحان تسبحان في بحر ملكوت الروح الي ان ترى وقد انصهرت واياه في الكون فليس هناك الا هو العشق المقدس ولا تخفى دلالة العبارة، ثم تعود بوقفة الى العصا الطبيعية وماديتها التي تتنافى مع ماوصلت اليه من مقام روحي شفاف خال من كل ما يخدش عالم الروح، لقد تفردت القصيدة ببنائها وجماليتها وعرضها للفكر الصوفي وسبكها بانفعالات الوجد لتصبها في قالب الروح روحا تتوحد مع المعشوق وتذوب فيه عبر مسيرة طويلة من المجاهدة والمكابدة للوصول الى التجلي وحصول السكينة والعيش في عالم خال من كل ادران الواقع المادي الى حيث التمتع بلذة اللقاء الروحي.

 

احمد زكي الانباري

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم