صحيفة المثقف

إلى الناخب العراقي: لا تنتخب.. أنتخب

عبد الرضا حمد جاسمتحية وسلام ومحبة واحترام

ستتوجهون قريباً لانتخاب ممثليكم في مجالس المحافظات. لتضعوا مصيركم بين ايديهم وتحت نزواتهم وشهواتهم وتصرفاتهم واخلاقهم بإخلاصهم او عدم اخلاصهم.

قبل ان يأتي ذلك اليوم ومن هذا اليوم اتمنى عليكم ان تقفوا مع أنفسكم ولو مرة واحدة على اقل تقدير وتقولوا: إنَ ما سنقوم به يوم ليس فقط واجب او حق علينا ولنا وانما هو حق للجميع.. المجتمع.. الشعب.. الوطن.. الحاضر.. المستقبل.. يجب ان نحترمه وواجب علينا ان نكون مخلصون فيه وله.. وهو واجب علينا امام الاجيال ومنهم عوائلنا. عليه يجب ان نشارك فيه او نؤديه. وهو ليس أمر من أحد او توجيه من جهة.. وانما هو قرار شخصي لخدمة الشعب حاضراً ومستقبلاً.

أن يصبح قرار شخصي يعني إنك تتحرر من كل الضغوطات الاخرى الفئوية بأنواعها وحتى تكون انت من يختار لا ان تُجبر على الاختيار خارج مصلحة الوطن والاجيال. لقد جربتم من هم اليوم متربعين وقد تذمرتم منهم في كثير من الاحيان وأنتم تلمسون انهم لم يقدموا شيء لجيلكم وللأجيال القادمة. فكروا مرة واحده ان تتركوا او تساهموا في ان تتركوا شيء تترحم عليكم به الاجيال القادمة.

تذكروا ان ما انتم فيه سينسحب على الأجيال القادمة ومنهم اولادكم واولادهم.. فلا قانون يحميهم ولا نظام اجتماعي يمنع الحيف والعوز والذل عنهم ولا مواقع عمل ولا نظام صحي يرعاهم مما فتك بكم وبهم اليوم.. لا مدارس تليق بطالب في بلد يملك موارد كبيره ولا سكن يحميهم ويسترهم والأهم.. لا حب يحيطهم ولا امان يتنعمون به ولا افراح تُعيد لوجوههم النضارة والارتياح.

انكم في رحيل اليوم او غدا وهذا حتم.. وربما لا تستطيعون ان تلمسوا ما قد يقدمه من تنتخبوه اليوم لكن فكروا بأطفالكم وما سيحصلون عليه وما سيواجهون من حياة تُريدونها لهم هانئة سعيدة.. وهذا واجبكم.

تكّدون وتتعبون وتحاولون وتجتهدون وعندما يسألكم احد لماذا تُتعِبوا أنفسكم وحتى تُذلونها احياناً.. تقولون نريد ان نضمن لأهلنا ما يسترهم ويكفيهم من بعدنا. فلماذا تبخلون عليهم في انتخاب من يضمن لهم مستقبلهم.. او يساعدكم في الاطمئنان عليهم في المستقبل او من تضمنون انه سيهتم بهم بعد رحيلكم.. هل تقَّدِرون الان حجم المسؤولية والواجب عليكم؟ هل أنتم مستعدون لتسليم عوائلكم ومستقبلها بأيادي غير أمينه؟ ان صوتكم اليوم له علاقة بحاضركم ومستقبلكم ومستقبل اولادكم.. بحاضر العراق وتاريخه ومستقبله.. فانتبهوا الى المكان الذي ستؤشرون عليه في الانتخابات. سيكون مصير من يرتكب جريمة انتخاب غير الشرفاء امام اولاده واحفاده مصير من يملك المال ويبعثره ويحرم عائلته منه بالقمار والتبذير والطيش.. وعندما يموت سيكتشف اولاده وبناته ان ابوهم لم يدخر لهم ما يسد رمقهم او يستظلون تحت سقفه.. في بلد لا قانون فيه ولا نظام اجتماعي.. فيلعنوه كل لحظه.. وهذه اللعنة ستلاحقكم.. وسيكفرون باليوم الذي قالوا لكم فيه.. بابا او بوية.. لأنكم خنتم الأمانة وما كنتم اكفاء لتصونوا او تقدروا تلك العلاقة ولم تخْلِصْوا لهم وكان ذلك باستطاعتكم.. سيلعنونكم ليل نهار.

قفوا واحترموا أنفسكم وعقولكم وقدراتكم واتخذوا قراركم بحرية بعيداً عن تأثير دينكم وطائفتكم وعشيرتكم وقوميتكم.. فانتم تلمسون ان ابناء الدين الواحد يُكَّذبون بعضهم حد التقاتل وانتهاك الحرمات. واهل الطائفة ممزقون ويوالون اشخاص يتقاتلون على متاع الدنيا كما يقولون لك ويحرمونك منها.. متاع الدنيا حلال عليهم وحرام عليك.. واصحاب القومية متقلبون بين جنبات البترودولار والخزي والعار. والعشائر تتقاتل على الولائم والعطوة والفصل.. جربوا ان تختلفوا مع أحدهم ولو من عشيرتكم او طائفتكم او دينكم او قوميتكم.. ستجدون عجب العجاب وما يستحقون وتستحقون.. سيطلب منكم "الفصل " و"الحق" و" العطوة".. ويتلذذ بما ينتزعه مما تملكون.

جربتم رجال الدين واتباعهم والمنافقين وازلامهم والسارقين واذنابهم واقاربكم واصدقائهم.. والنتيجة ما أنتم به من حال سيء ومن اسواء الى الاكثر منه.. فهل تعيدون امثالهم.

انكم تصفون كل اعضاء الحكومة والنواب واعضاء المجالس المحلية وحتى شيوخ الدين.. حرامية فلماذا تعيدون انتخاب من يسرقونكم ويذلونكم ويتسلطون عليكم بأصواتكم ويهددون مستقبلكم ومستقبل العراق واجياله ومنهم اجيالكم.

ان فعلتم ذلك فأنتم مجرمون اقولها بصراحة.. لا يحق لكم ان تعترضوا مستقبلاً عليهم لأنكم لُدِغْتُمْ من نفس الجحر عدة مرات وليس مرتين فأنتم تافهون لا تستحقون إلا الاذلال والإهانة.

اعترفوا مرة واحدة بحقكم في الاختيار بعقل وبعيداً عن المجاملات والعشائرية والطائفية. وان كنتم مهووسون بمن يسرقكم ويذلكم.. لابأس لكن انتخبوا.. وهذا اقتراح مني من يسرق ويتقاسم معكم السرقة.. له الثلثان ولكم كشعب الثلث.. له اربعة اخماس ولكم الخُمس وبهذا تقدمون خدمة جليلة للأجيال القادمة سيمتدحونكم عليها.. لأنه يفتح امامهم الامل بأن يتحسن الحال وربما بعد عشرات السنين سيكون له الخمس (للمُنتخَب) ولكم انتم الشعب الاربعة اخماس وهذا ما معمول به في كل الديمقراطيات التي تتبع امريكا والتي صممت على ضوئها اجهزة الشفافية

أي ربما بعد ربع قرن من يوم سيكون هناك شيء نافع من الانتخابات اي ان ذلك يحتاج وقت وتضحيات فبادروا من اليوم لان التأخير موسم انتخابي واحد سيدفع ربما الى ضعف تلك المدة اي الى نصف قرن.

.......... .

لا تنتخبوا: رجل الدين لأنكم ببساطه لا تستطيعون ان تُحاسبوه أو تنتقدوه او تلومونه او تعزلوه.. وهو يتصور انه أكثر منكم حلماً وعلماً ودراية بأمور دينكم ودنياكم.. وما يقوله هو قول الله كما يطرح وواجب التنفيذ حتى سرقاته عليكم ان تحسبوها من باب الاجتهاد وعلى " الله يرزق من يشاء" يتصور انه أكثركم رُشداً.. . وهو من يجب ان يُفكر عنكم وهو احرص على مستقبلكم في "الأخرة قبل الحياة الدنيا". وأنتم في نظر رجل الدين تابعين ضعفاء تحتاجون الى نصائحه ووساطته ومباركته وشفاعته.. ويجب ان تخضعوا له حتى يرضى عنكم الله.. فلا تستطيعون حتى الاستفسار منه عن حقوقكم وتطلعاتكم وحقوق اولادكم.. وانما تسمعون وتُطيعون خاضعين خانعين راضين بما "قسموا" هم لكم.

لا تنتخبوا: وكيل رجل الدين او من يرشحه لأن هذا الشخص خاضع ذليل وسيط باتجاه واحد بينكم وبين رجل الدين ينقل لكم اوامره المُطاعة ويتفنن بإجباركم على تنفيذها ويخول نفسه اتباع كل السبل لذلك. لا يمكنكم انتقاد وكيل رجل الدين ومنفذ اوامره.. أو عزله او مطالبته بالاستقالة. ثم كيف تنتخبون خاضع ذليل عنده كلمة رجل الدين فوقكم وفوق مستقبل اجيالكم. وكيل رجل الدين خادم مطيع له وليس خادماً لكم.. ينفذ اوامر رجل الدين ولا يبحث عن مصلحتكم او مصلحة الوطن. هذا الوكيل لا يخاف منكم لأنه يعرف انه مسنود ممن تخافون منه. رجل الدين لا يقول لكم الحق وانما يقول لي الحق وعليكم الطاعة ووكيل رجل الدين يقول ليس لكم الحق وانما الحق لرجل الدين (دخيل جده). لا تستطيعون محاسبة رجل الدين او وكيله وانما هما من يحاسبونكم وان مسَّكُم ْ ضيم او حيف فهو من الله.. سيقولون لكم ان المؤمن مبتلى. وستنالون جزاء صبركم رِضى الله عنكم يوم القيامة (عيش يا حمار..).

لا تنتخبوا: الضعيف الذليل لأنه سيذلكم وسيضعفكم وسيبحث عمن يحميه وسيساوم عليكم.

لا تنتخبوا: من كان جليسكم في المقاهي والبارات لأنه سيكون محكوم بأخلاقها واحكامها من (أدفع عليك وتدفع عليَّ) و(عشت وحسابك واصل) و(عليك الحساب) و(لا تغش بالدومينو او لعب الطاولي).

لا تنتخبوا: الوسخ لأنه لن يسعى للنظافة لأنه لم يتمكن من تنظيف نفسه فكيف ينظف محيطكم.

لا تنتخبوا: من يُكْثِرْ من الصلاة لأنه سيكون مشغولاً بها وبالزيف الذي يدير علاقاتها والنفاق في مجالسها.

لا تنتخبوا: من يُكْثِرْ من القَسَمْ والأيْمان لأنه سيقضيها عليكم كل يوم قَسَمْ ويمين.

لا تنتخبوا: الثرثار لأنه يستهلك تفكيره وقواه العضلية والعقلية في اللغو والكلام الذي لا يقدم ولن تحصلوا منه على شيء.

لا تنتخبوا: من لا يحترم الأمانة والوقت والمواعيد لأنه لا يحترم العمل والعقل والعلم والحياة.

لا تنتخبوا: من يقيم لكم الولائم لأنه يريد اذلالكم بها ويعتبر نفسه متفضل عليكم ويعتبركم كلاب تركضون خلف العظام التي يحملها ويقدمها لكم.

لا تنتخبوا: من يقيم مواكب العزاء لأنه يريد استغلال من تعتبرونهم اولياء او ائمه لصالحه وكانه يقول لكم انه قادم (من طرف الامام الفلاني) او هو ممثل الامام او وكيله.

لا تنتخبوا: من يستغل عواطفكم ليبكيكم في مجالس العزاء ويشيع الحزن فيكم لأنه سيستمر بإشاعة الحزن ولن يجعلكم تفرحون يوما لأنه لا يريد ذلك وانتبهوا الان ان من يبكيكم فيها ومن على المنابر كَّذاب منافق لا يبكي ابدا ولن تجدوا في عينيه دمعه واحده وهو يتهدج وينتحب كذب.. فهذا انسان منحرف يستلذ بعذاباتكم ويفرح لدموعكم ولن يقدم لكم غيرها.

......................

 انتخبوا: من جاع وكافح ونجح واجتهد وهو يتذكر ذلك بفخر ويعرف معنى الجوع وما يتسبب به.

انتخبوا: فقيراً مخلصاً مجتهداً يرتدي الأسمال بعد ان يغسلها ويكويها ويناسقها عندما يلبس ويفتخر بها.

انتخبوا: من يحترم الكلمة والوعد والوقت والعلم والعمل.. وهم كثر وامامكم في كل مكان.

انتخبوا: الحليم القليل الكلام الكثير العمل الذي يستمع بإنصات وانتباه ويفكر قبل ان يرد.

انتخبوا: من استدان وأوفى الدين في وقته وان لم يتمكن يعتذر بشجاعة ويعمل على سداده.

انتخبوا: من يعتبركم (كشعب) اهله و(كوطن) داره يحرص عليكم ويدافع عنكم ويكد لأجلكم ولأجل مستقبلكم ومستقبل الاجيال.

انتخبوا: من يحبكم بصدق ومن يحب ويحترم العراق وشعبه.

انتخبوا: من اذا قال صدق.. وإذا عجز يعترف ويستقيل.. وإذا اخطأ يعتذر بشجاعة أمام الجميع.

............................

من انتخب فاسد وذَّمَهُ واعاد انتخابه فهو فاسد مثله سواء ذمه مرةً اخرى أم سكت

ومن لم ينتخب الجيد ويتألم ولا ينتخبه في التالية فهو فاسد سواء تألم أم لا مرة ثانية.

و من لم يشارك في التصويت وهو قادر لا يحق له انتقاد احد.. عليه ان يصمت ويقبل بما يحصل وسيحصل.

انشروا هذه الرسالة عسى ان تنفع.

***

عبد الرضا حمد جاسم

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم