صحيفة المثقف

كيف تتعامل الدول النامية مع قضيتي التحول الرقمي والثورة التكنولوجية؟

محمد بغداديكيف نقرأ الزيادة المضطردة في عالم الأرقام والتكنولوجيا؟ كيف يتقدم العالم باستخدام عالم الأرقام والتقدم التقني؟ وهل أصبحت التكنولوجيا سلاح ذو حدين؟ إلى أي مدى تتعامل الدول النامية مع قضية الثورة المعولماتية؟ وما العواقب إذا لم يتم كبح جماح التكنوولجيا؟ كيف يتم قراءة المشهد العربي في ظل التوترات الأخيرة في المنطقة؟ وما مدى مُلابسات القضية في إطار عالم التكنولوجيا والتقدم التقني والرقمي؟ كيف يمكن للأنظمة الحاكمة حماية حدودها في خضم عالم يموج بالمتغيرات المختلفة فضلاً عن الانترنت وثورة المعلومات وعالم التحول الرقمي؟.

تكهنات واستفسارات وملاحظات وتساؤلات تدق ناقوس الخطر خاصة على الدول النامية التي تخطو خطوات السلحفاه في عالم التكنولوجيا على الرغم من خروج بعضاً منها لينافس كدول الخليج العربي، ففي الماضي كانت هناك أسلحة وقوات وطائرات واحتلال واستعمار ، أما الآن فالحروب تأتي في شكل أخر وبهيئة مختلفة دون إراقة دماء وسماع صيحات الآهات. فأصبح المستعمر لا يحتاج إلى عده وعتاد ونفقات بل يحتاج التواصل فقط على شبكات التواصل الاجتماعي المختلفة ليضرب بيد من حديد مستعمراته ودوله المحتله بكل سهوله ويسرعن طريق التكنولوجيا واستخداماتها المختلفة ليتقرب للشعوب ويفسد العلاقة بين الحاكم والمحكوم.

ففي تقرير اليونسكو الأخير للعلوم عام2019 يكشف أن العديد من المنظمات والدول والثقافات أصبحت تدمج التكنولوجيا والعلوم في جدول أعمالها في سابقة هي الأولى من نوعها خاصة في الدول النامية؛ من أجل اقتصاد أقل اعتمادًا على المواد الخام بل أصبحت الدول في أمس الحاجه للمعلومات والمعرفة أشد من احتياجها لرغيف الخبز لقسوة المنافسات الدولية لإن التكنولوجيا فرضت نفسها داخل كل بيت ، داخل كل فكر، داخل كل لحظات الفراغ والشغل. حيث يصرح برنامج الأمم المتحدة الإنمائي ويتحدث عن احتياج المنطقة الى توفير أكثر من 60 مليون فرصة عمل جديدة حتى تستوعب العدد الكبير من العاملين وتحقق الاستقرار لهذا الجيل الشاب داخل الدول النامية.

ويرى مؤسس موقع أصداء بشأن المستقبل المعلوماتي والرقمي في المنطقة العربية حيث يوضح أن دولتي أبوظبي والرياض سيكونان من أوائل الدول التي تقود التطور التقني و التكنولوجي فى تلك المنطقة، حيث أن هذه الحكومات تعلم تمام العلم أنها يجب أن توفر فرص عمل مناسبة لشبابها وأنها تستطيع أن تنافس في عالم التكنولوجيا.ففي الإمارات، هناك وزيراً للسعادة ووزيراً لوزارة وليده تسمى اللا مستحيل، بخلاف اختيارها وزيراً للذكاء الاصطناعي؛ وقد وضعت دبي على عاتقها بأن تكون الإدارة داخل وزاراتها ومجلس وزرائها بقيادة أدارة  الذكاء الإصطناعي كأول حاله على مستوى العالم.

وحول هذه القضية قامت جامعة نورث وسترن بعمل استبيان إقليمي يستطلع وسائل الأعلام المختلفة كوضع رقابة لمنع الموضوعات المحظورة والخصوصية التقنيه وحرية التعبير مع الحفاظ على الوضع الثقافي والحضاري للبلاد.

وهناك ما يقارب من نصف الشباب العربي يستخدمون الأنترنت فى عمليات مختلفه للتسوق وخلافه بدرجات متفاوته حتى عندما تكون هناك اختلافات سياسية في دول مثل مجلس التعاون الخليجي ترى شعوب تلك الدول أن ما يجمعهم هو عالم التكنولوجيا، وعلى الرغم من ذلك إلا أنه لا يزال هناك أكثر من 50 % منهم لم يستخدموا الإنترنت وهو رقم ليس بقليل يجب إدراكه جيداً ومن ثم حل تلك المشكلة. كما أعادت ثورات الربيع العربي هيكلة شكل الحياة السياسية، وأعقبها تغيُّرات ملموسة جيوسياسية ، فلم يمتد أثرها إلى دوائر صنع القرار؛ بل كانت لها تداعياتها على حركة العلم والمعرفة، فلقد خصصت مصر ما يقارب 1% من إجمالي الناتج المحلي للدراسة والتطوير، أما تونس فقد أعطتها الثورة المزيد من الحرية الأكاديمية.

كما أن الاختراعات الرقمية  والتحول الرقمي أحدث تحولات ليست بالقليله في جميع القطاعات الاقتصادية عن طريق استخدام نماذج حديثة ومتطوره، وخدمات جديدة وطرق جديدة لخلق فرص عمل مناسبة‏‏. كما بدأت نتائج هذا التحول  الرقمي في الظهور حيث تبلغ قيمة الاقتصاد الرقمي العالمي حالياً 11.5 تريليون دولار، أو 15.5% من إجمالي الناتج المحلي العالمي. ويتوقع أن يصل هذا الرقم إلى 25% خلال فترة زمنية وجيزة.

كما أن للتقدم التقني أثر كبير على أسلوب عمل الحكومات المختلفة وطريقة تقديم الخدمة للمواطنين، حيث تفتح الطريق لزيادة الشفافية والمساءلة وفعالية تقديم الخدمات المختلفة مع الحفاظ على رضاء المستهلكين. وهذه الموجة التفاعلية من الاختراعات الرقمية قادرة على حل أي مشكلات تكون حائله بين الناس والتحديات، وخصوصاً الفئات الأكثر احتياجاً والأكثر فقراً. فمن خلال المنصات الرقمية المعروفة، أصبح بإمكان الأشخاص أينما كانوا من الوصول إلى قدر ليس له مثيل من المعلومات، والعمل بوظائف مناسبة عبر شبكات الإنترنت، والتقدم لدورات إلكترونية. كما توفر الخدمات المصرفيه المقدمة عبر الجوال بديلاً ميسراً وآمناً للنظام المالي التقليدي، مما أعطى فرصه كبرى لتعميم الخدمات المصرفيه على مستوى مختلف الدول والثقافات. كما أتاحت أنظمة تحديد الهوية الرقمية للفقراء إثبات هويتهم، والحصول على حقوقهم، والاستفادة من الخدمات الضرورية كالتعليم وغيره.

فلقد أصبح التحول نحو الاقتصاد المعرفي أو التكنولوجي أو الرقمي أصبح مسارًا إجباريًّا لا يقبل فيه الاختيار في ظل متغيرات دولية واقليمية مستمرة، وذلك لما تقوم به الرقمنة من عمليات شديدة التعقيد في تخطيط وتنظيم الاقتصاد العالمي، ودفع التوجه العام نحو إنجاز كل المهام بأقل مجهود وفي وقت قياسي.

 

بقلم: محمد بغدادي

باحث دكتوراه

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم