صحيفة المثقف

أن تزور بغداد ويخيب الامل (2-2)

كاظم الموسويفي كل المطارات تجري إجراءات السلامة والامن، وفحص الجوازات وتذاكر السفر والامتعة مرة واحدة وبحرص متبادل.. الا في المطارات العربية، ومثالها ما يجري في الطريق الى وفي مطار بغداد. مشهد يدعو للبحث والسؤال عن أهمية الصورة. خاصة وأن وثيقة مسربة من وزارة الداخلية، حسب ما نشرت مطلع العام الماضي، تشير الى ان شركة G4S المكلفة في حماية مطار بغداد الدولي فشلت في جميع اختبارات الاداء والتقييم. والتوقيع مع الشركة كشركة بريطانية بينما هي متعددة الجنسيات وعليها الف سؤال واستفهام. وتشير الوثائق الى ان "الشركة البريطانية لا تحمل شهادات تدريب للكلاب K9 البالغ عددها (38) كلبا بوليسيا من اختصاص كشف المتفجرات وهي غير صالحة للعمل". وعللت الشركة والمدافعون عنها الى ان "احد اسباب ضعف اداء K9 عدم وجود عينات حقيقية من المواد المتفجرة التي يتم من خلالها ادامة عمليات التدريب اليومي للكلاب البوليسية فضلا عن افتقار وجود مهارات في كيفية استخدامها لتفتيش الابنية والعجلات والحقائب وامتعة المسافرين". لماذا واين الردود عليها؟. وتضمنت الوثائق ايضا ان "الكلاب ليس لديها منشأ اجنبي بل استيراد محلي من داخل العراق، وهذا مخالف للشروط والضوابط المعمول بها في التعاقدات الامنية". كما كشفت وثيقة اخرى تحمل الرقم 714/27623 في 24 كانون الاول/ ديسمبر 2017، صادرة من دائرة العقود الحكومية العامة قسم معلومات المتعاقدين والمناقصين في وزارة التخطيط والتي طالبت وزارة النقل بشهادة تاسيس شركة G4S مصادق عليها من كاتب عدل، كون الوزارة لا تمتلك اوليات عن الشركة على مدى 8 سنوات من تعاقدها لحماية مطار بغداد الدولي. فاين الحماية والأمان والامن؟!. واذا كانت الكلاب هكذا فلماذا الضحك على الناس والكذب على السلطات؟! ومعلوم ان شركة G4S المتعاقدة مع وزارة النقل تشرف على عمل السجون الصهيونية لحبس آلاف الفلسطينيين من أطفال ونساء وقادة وقمع حريتهم، مروراً ببناء المستوطنات على الأراضي الفلسطينية وتركيب الحواجز الأمنية لإذلال الفلسطينيين وتفتيشهم، وكذلك في تركيب البوابات الإلكترونية وكاميرات تجسس داخل باحات المسجد الأقصى المبارك. وهو ما تكرره في عملها في العراق. او تمارسه كما سجلنا ووثقنا كل ما حصل ويحصل. وهذا سؤال كبير بعلامة استفهام كبرى ايضا؟!. ومثلها عن الشركة ذاتها ومصادرها ومؤسسها والجهات التي تستثمرها وتستفيد منها وتمارس عبرها ما تستهدفه ايضا. وبالتأكيد هنا الخطورة المخفية وراء كل المتعلقات بالشركة والمتعاقدين معها. وهذه القضية تسلط الأضواء على غيرها وامثالها، وتحمل المسؤولية وتعري كل لجان النزاهة والشفافية والتفتيش ومسؤوليها واركانها وتوصم الحكومات والجهات التي تتصل بها أو تتستر عليها. فحسب ما يؤكده موقع الشركة "G4S إسرائيل" الرسمي على الإنترنت بأنها تعمل في سجون الكيان، وتتحكم بأنظمة أمن وغرف المراقبة المركزية في السجون وتذكر أسماءها.

حذّرت وسائل اعلام ومنظمات قانونية ضد التطبيع ومسؤولون عرب في مجال الأمن من خطورة شركات الأمن الأجنبية الخاصة في بلدان عربية، ومنها هذه الشركة ذات العلاقة مع الكيان الإسرائيلي، مؤكدين أنها تعمل ضمن علاقات متميزة مع الكيان الإسرائيلي وتوفر الغطاء لأنشطته التجسسية، ووصفوها إنّها أشبه بكتائب سرية وجواسيس مدربين ومنظمين، حيث تجند جنرالات الجيش الإسرائيلي سابقا للعمل في الشركة (!)..

واذا صدقنا ما نشر وسرب وما صرح به نواب عن الفساد والجهات المستفيدة منه في المطار فيجب الوقوف عنده واتخاذ الإجراءات الرادعة فورا، اليوم قبل الغد. ومثل هذه تحصل في دوائر اخرى، مثل الأحوال المدنية والجوازات التي لا تعرف مقراتها في بغداد الا بربطها باسم مطعم أو مرقد، مذكرة بالطريفة المشهورة عن عنوان وزارة الدفاع مقابل لبن اربيل. أما السؤال عن وزارة الهجرة فلا سائق أجرة/ تاكسي يعرفها الا إذا ذكرت له عنوانها مقابل مطعم فلافل. ومثلها دوائر ومؤسسات حكومية. فكيف يحدث في المحافظات وكيف تتم مراعاة الخدمات والمعاملات؟. أن أية صورة عنها تستوجب محاكمة ومحاسبة قانونية وأخلاقية.. ولكنها لا تحصل لسعة المشاركة في هذه الجرائم المرتكبة علنا ودون خشية أو ردع. وإذا سلمنا  بما ينشر ويعلن بلسان نواب مثل ما نقل عن  "وجود “أياد خفية فاسدة”تقف وراء استمرار عقد شركة G4S البريطانية المكلفة بحماية مطار بغداد الدولي، وأن 42 جهاز سونار لكشف الحقائب “منتهي الصلاحية” يعمل في المطار منذ  “2003 وحتى الان”،  ما يثبت بدليل جديد حجم الفساد المتغلغل في جميع مؤسسات ودوائر الدولة، ويفند ادعاءات محاربته ومكافحته من قبل الحكومة واجهزتها الرقابية. ونقل عن نائب في تصريح صحفي، أن “اغلب اجهزة السونار هدية من الامريكان إبان دخولهم العراق عام 2003 حيث استغلت الشركة العمل بالاجهزة، ولم تجهز مطار بغداد باية اجهزة حديثة، فضلا عن ان عمر السونار لا يتجاوز 6 سنوات وبعده يكون منتهي الصلاحية العملية وغير قادر على الفعالية”. وكانت لجنة النزاهة النيابية قد كشفت، عن مساعٍ للتعاقد مع شركة تعتبر عنوانا اخر لشركة بلاك ووتر الاميركية، لحماية مطار بغداد، فيما اشارت الى ان هذه الشركة لا يوجد لها اي سيرة ذاتية تدل على عملها بحماية اي مطار في العالم. ولم تنته المشكلة، فمازالت الشركة البريطانية الأصل والمتعددة الجنسيات حاليا، كما تعرف، تدير الأمن في مطار بغداد وتهين المسافرين برضا المسؤولين العراقيين. وتمارس برامجها التي اعتمدتها في عملها في المطارات والمؤسسات الأخرى التي تتعامل معها، وما حذر منه منها يستمر دون حس وطني أو موقف أخلاقي يحترم كرامة المواطن ويحفظ سلامته وأمنه الشخصي والعام.

أنها لعنة ومحنة معبرة عن الأداء والتقدير والاحترام المتبادل للمواطن والسلطات، والحاكم والمحكوم. وهي بكل المعاني صورة أخرى للواقع القائم والإدارة عموما. فهل هذا هو العراق الجديد؟!!. أنها وصمة عار أخرى تضاف إلى مثيلاتها من مصائب تحكمت بالعراق، شعبا ووطنا.

 

كاظم الموسوي

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم